الوزير د. سليم الصايغ ل"المستقبل": خطوط التوتر العالي قضية وطنية وحياتية
لا يمكن الإستمرار بمؤامرة الصمت على صحة وسلامة المواطن
18-10- 2011
في حديث خاص الى شاشة "أخبار المستقبل" حول ملف خطوط التوتر العالي الكهربائية، شرح الوزير السابق د. سلم الصايغ أنه لم يكن يعرف الكثير عن ملف خطوط التوتر العالي الى حين طرح الموضوع قرب منزله في منطقة عجلتون وشارك في الإعتصام مع أهالي البلدة وأدرك ارتباطه مع التحرّك الذي يحصل في المنصورية وبصاليم...سائلا "هل نبقى نناضل في لبنان لشعارات في وقت تضرب فيه صحة الناس على الأرض؟ معتبرا أنه لا يمكن الإستمرار بمؤامرة الصمت على حياة المواطن وصحته وسلامته؟
وتابع أنه لم يتم عرض خطة تفصيلية للكهرباء في مجالس الوزراء سابقا، ولو كانت أقرّت سابقا لمرّت...ولفت الى أن قرار مجلس أوروبا رقم 1815 الذي يضم 47 دولة أوروبية صدر في ايار 2011 وطالب باتخاذ تدابير إحترازية ضرورية إزاء خطوط التوتر العالي وإلا نكون في حالة جريمة إنسانية كبرى، وكأنه يقول "هنالك دواء في السوق ولكن ينبغي سحبه لأن هنالك احتمال أضرار كبيرة منه". وأوضح أن العلم يستند دائما الى "الإحتمال" قبل حصول الجزم، وأعطى مثالا أنه منذ 10سنوات أو 12 سنة تفاجأنا بهدم مبنى في جامعة باريس-الجنوب بسبب وجود مادة "الأميانت" فيه لمجرد إحتمال أنها مادة سرطانية دون انتظار إثبات ذلك."
وتابع الصايغ أن نواب تكتل التغيير والإصلاح كانوا أنفسهم يحتجون على هذه الخطوط ، وبعض الأهالي إنتخبوهم على أساس مواقفهم. أما ما تغيّر في السياسة فهو أنهم أصبحوا في الحكم والوزير المعني من التكتل وهو صديق وقد يكون ورث هذا الوضع، فيما نحن لا نريد تسييس الموضوع..."فعليهم أن يخرجوا من موقفهم السياسي ويقوموا بدورهم كنواب الأمة، وأعرف أن النائب كنعان يتمنى أن يكون مكاني ويدافع عن قضية الأهالي المحتجين على هذه الخطوط".
وقال "طالبنا من الخبراء التوقيع على أي تقرير من وزارة الصحة، فلم نرَ توقيع أي خبير، لا بل أن بعضهم قدّم دراسات ومقالات مغايرة، وربما تم "تمرير" الأمر على الوزير باسيل.
كذلك لفت قرار مجلس أوروبا النظر الى ضرورة أن تكون تقارير تقييم الأضرار من جهة محايدة، لأن الفرق بين التقارير التي تقوم بها السلطة المعنية وتقارير الجهات المحايدة يصل الى 60%".
وأشار الى أن فعاليات "14 آذار" كانت داعمة للأهالي بصفة محلية لا تحت عنوان سياسي، ملاحظا أنه في اليوم الأول من الإعتصام بلغ عدد العناصر الأمنية حوالي 600 عنصر مقابل بضعة عشرات من أهالي المنطقة...وقد ربح الأهالي المعركة الأولى بعدم القدرة على مد الخطوط بالقوة ويبقى أن يتم سحب القرار. كما طالب بان يتم اعتماد المعايير الواردة في تقرير "كهراء فرنسا" عام 2004، حيث هنالك مساحات كبيرة من الأراضي ينبغي شراءها لتمرير الخطوط تحت الأرض وهنالك مجموعات ترصد هذا الموضوع بشكل دقيق. وانطلاقا من المعايير الفرنسية يكون من المفروض أن يبعد خط المنصورية حوالي 150 متر عن منازل الناس".
وشدّد الوزير د. الصايغ على ضرورة إعداد ملف يدرس الضرر البيئي والصحي من خبراء في هذين المجالين وليس فقط من خبراء هكرباء ليتم إقراره. ورأى أننا في حالة إستفنفار صحي بيئي شعبي سياسي ونيابي...لتكوين وعي شامل حول هذا الموضوع...سائلا "هل من خبير واحد في لبنان يمكنه أن يجزم أن خطوط التوتر لاتحمل أي خطر سرطاني؟ ملاحظا أن هنالك لجنة خبراء تحدثت عنها وزارة الصحة ولكن لم يوقّع أي خبير تقريرها... ولفت الى وجود مرجعيات عديدة لكن لا يمكن جزم أي شيء دون دراسة على الأرض.
وقال د. الصايغ أن الكلفة الإجمالية المقدّرة لطمر الخطوط الكهربائية تبلغ حوالي 300 مليون دولار، وهذه الكلفة تعتبر إستثمارا في صحة وسلامة الناس والأثر على الزراعة والسياحة...إذ إن تصنيف لبنان كبلد عنكبوت مغناطيسي من شأنه أن ينعكس سلبا على دوره السياحي والطبي والعلمي في المنطقة ككل...
ودعا الصايغ الى خطة عشرية بقيمة 300 مليون دولار سنويا، وشرح أنه يمكن للبنان طلب مساعدات دولية لمكافحة هذه الكارثة البيئية التي تعتبر مسألة وطنية تستدعي تشكيل لجنة خاصة بها من قبل رئيس الجمهورية...وقال "أن المدرسة التي اصدرت المرسوم عام 2001 هي نفسها التي تقول أن الطمر لا يغيّر شيئا...وبكل الأحوال هذا الموضوع ليس من إختصاص مجلس الإنماء والإعمار. طمر الخطوط هو القاعدة الشاملة مع بعض الإستثناءات التي تسمح بمد خطوط هوائية في مناطق لا تشكل فيها خطرا على صحة وسلامة الناس معتبرا ان الارض سوف تحترق تحت ارجل الجميع.
ووجّه الوزير الصايغ نداء لجميع الأهالي والمدارس الكاثوليية والبطريركية المارونية، داعيا الحكومة ومختلف فعاليات المجتمع المدني لموقف وطني بهذا الخصوص.
أما في الملفات السياسية ووضع مسيحيي الشرق وزيارة الرئيس الجميل الى مصر، قال د. الصايغ أن الرئيس الجميل كرئيس جمهورية سابق وزعيم مسيحي معروف لديه أصدقاء في مصر يحاول أن ينقل الروح الحوارية التي لاطالما اتسم بها حزب الكتائب من ايام الشيخ موريس الجميل وصولا الى الرئيس أمين الجميل الذي طوّر هذا المفهوم في خطابه الشهير في جامعة الكسليك.
وقال الصايغ:" الرئيس الجميّل هو صاحب مشروع قدمه في جامعة الروح القدس في الكسليك منذ سنوات وهذا المشروع هو بأن يكون لبنان ساحة حوار، وهو مشروع كتائبي قديم وتبناه الكثيرون منهم الرئيس نبيه بري ورئيس الجمهورية".
واعتبر الصايغ ان المشهد في مصر وسوريا والعراق ليس مشهد حوار لان الحوار يكون بالمحافظة على كل مكونات المجتمع،لافتا الى ان "الرئيس الجميّل نقل الرسالة اللبنانية التي من دونها لا يكون لبنان بلد الرسالة والحوار".
وأوضح الصايغ أن مدرسة "الكتائب اللبنانية" هي مدرسة "الحوار واللقاء والإلتقاء"، مشددًا على وجوب أن تتم "مقاربة الأمور اليوم بطريقة دامجة وليس متعددة الخطوط". وقال: "لا نستطيع عندما نتكلم عن مسيحيي الشرق إلا أن نتصوّر رئيس الجمهورية ميشال سليمان والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وكل الفعاليات المسيحية وهي تتعامل سوية في هذا الموضوع".
وختم ب"أنه لدينا هاجس الوضع المسيحي في لبنان، ولا نعتمد مبدأ العودة الى المغاور بل منطق إقتحام مواقع الجهل، ونفهم أن يحمل البطريرك عصاه ويقرع على القلوب والعقول والأبواب حيث لا يجرؤ الآخرون...ونفى بشكل قاطع أي مقاطعة كتائبية وقواتية لجولات البطريرك الراعي الإغترابية قائلا أن الاقسام الكتائبية موجودة و"ممنوع الا نكون بقرب البطريرك" عازيا أي تقصير محتمل الى الأجهزة المنظمة لا أكثر ولا أقل ومؤكدا الإلتزام بمشروع السلم الأهلي والكرامة المستدامة.