samedi 14 avril 2012

الوزير د. الصايغ بعد عودته من مؤتمر يريفان: إكتشاف أرمينيا فيه غنى للهوية اللبنانية-

الوزير د. الصايغ بعد عودته من مؤتمر يريفان
                             
إكتشاف أرمينيا فيه غنى للهوية اللبنانية

إذاعة "فان" (12-04-2012)

           في مقابلة خاصة الى إذاعة "فان" الأرمنية، تحدث الوزير السابق د. سليم الصايغ عن المؤتمر الذي حاضر فيه في عاصمة أرمينيا يريفان حول الجيل الثالث للفرنكوفونية وسبل خلق مساحة مشتركة للإقتصاد ذو الطابع الفرنكوفوني.

وأبدى د. الصايغ إعجابه بتاريخ وجغرافيا أرمينيا لا سيما منها جبل أرارات الذي رست عليه سفينة نوح والأديرة التاريخية التي عبقت فيها رائحة القداسة وكيفية تصوير الشعب الأرمني لتاريخه، متمنيا أن يضطلع الجميع الى تاريخ أرمينيا وحاضرها المزدهر ومستقبلها الواعد إستثماريا على مختلف المستويات وتفاعلها الثقافي مع إيران المجاورة لها.

واعتبر الصايغ أنه مع اكتشافه لأرمينيا، اكتشف غنى الهوية اللبنانية،  التي ولو اتسمت بطغيان الطابع العربي عليها تبقى متأثرة بمزيج من الطابع الفينيقي والأرمني والأشوري والسرياني والكردي.

ولاحظ أن ما يميّز الثقافات الفرنكوفونية ليس فقط الرابط اللغوي، فالفرنكوفونية مؤتمنة على تنمية وتطوير الإنسان والجيل الثالث من الفرنكوفونية يركّز على الفرص المادية والمعنوية لأن العولمة تعقّم الخصوصيات بإسم السوق، وتضع علامة إستفهام حول الدولة كإطار ناظم للشعوب. نزلنا من مستوى الانتماء الى الوطن والمجتمع الى مستوى الجماعة والثقافات والبيئة الصغيرة (القرية والقبيلة والمنطقة...)، بحيث أصبحت المقاومات على مستوى الثقافات بدلا من أن تكون على مستوى المجتمع والوطن ككل.

وفي وضع الفرنكوفونية، رأى د. الصايغ أن فرنسا لا تزال تمثّل القلب النابض للفرنكوفونية ، والى جانبها طبعا سويسرا، بلجيكا، وكيبيك في كندا،  وبعض الدول الافريقية حيث اللغة الفرنسية تمثّل اللغة المشتركة الوحيدة.
أما إقتصاديا، فمدى الفرنكوفونية لا ينحصر بالبلدان المنتمية الى المنظمة الفرنكوفونية، مما يجعل من الصعب تحديد حجم الإقتصاد الفرنكوفوني.
وأوضح أن فرنسا تعلّمت درسا من التعامل مع الثورة التونسية، فأصبح دعمها واضحا للحركات الشعبية التي أعقبتها.

وختم بأن الانهيار الاقتصادي يؤدي الى عطش الى سلطة عادلة وقوية تسمح ببروز الديكتاتوريات، فيما الديمقراطية لا تنتعش إلا مع حد أدنى من النمو.
فالعالم السياسي يدخل الى القضية الإقتصادية والإجتماعية ليستغلها، كما أن بعض السياسيين يستعملون الدين لمشاريع سلطوية.

ولفت الى أن الأزمات الإقتصادية والمالية جعلت لا بد من الخروج من المنطق المصرفي المالي فقط الى المنطق المجتمعي. علما أن الإقتصاد هو ملك العلوم الإجتماعية، والاتجاه اليوم بعد كل الثورات الحاصلة هو نحو إعادة الثورة الى اصحابها عبر تمكين الإنسان وحسن إستفادته من إنتاجه، بعيدا عن الليبرالية المتوحشة من جهة والماركسية المتزمتة من جهة أخرى.
من هنا، شرح الاتجاه المتنامي نحو ربط الإقتصاد بالأخلاقيات واعتماد مبدأ المسؤولية الإجتماعية للمؤسسات، الذي تتبناه اليوم المصارف اللبنانية بشكل ريادي في المنطقة.
______________________












      

   

الوزير السابق د. سليم الصايغ متحدثا رئيسيا في قمة التحكيم والصيرفة

الدوحة تستضيف اجتماعات اللجنة المصرفية لغرفة التجارة الدولية
الوزير السابق د. سليم الصايغ متحدثا رئيسيا في قمة التحكيم والصيرفة

تحت عنوان "إعادة صياغة مستقبل التمويل التجاري – وقمة التحكيم والصيرفة"،. استضافت غرفة تجارة وصناعة قطر وغرفة التجارة الدولية في عاصمة قطر الدوحة اعتبارا من يوم الأحد 25 آذار ولمدة خمسة أيام اجتماعات اللجنة المصرفية التابعة لغرفة التجارة الدولية بمشاركة ما يزيد عن 400 شخصية من رواد الصيرفة وخبراء الاقتصاد والتمويل في العالم يمثلون أكثر من خمسين دولة بحثا عن التصدي لحالة عدم الاستقرار الشديد الذي يعتري المناخ الاقتصادي العالمي. وكان لبنان حاضرا بقوة في هذا الحدث الدولي مع الوزير السابق د. سليم الصايغ الذي تم اختياره المتحدّث الرئيسي في قمة التحكيم والصيرفة يوم اختتام المؤتمر.
*************************
استهل الوزير د. سليم الصايغ قمة الدوحة للتحكيم وسبل حل النزاعات في المسائل المالية والمصرفية في أعقاب الأزمة المالية العالمية، معتبرا أن السبل البديلة لحل النزاعات يمكنها أن تمثّل قيمة مضافة للتحكيم كما أن التحكيم يمكنه أن يكون ممتزجا مع الوساطة والتوافق بغية إنتاج التسويات. ورأى أن هذا التطور يمكنه أن يفتح أبوابا وتحديات جديدة في مسارات حل النزاعات، وأن هذا الوضع يبرز أكثر فأكثر مع تزايد الوعي للأبعاد الثقافية، بما فيها الدين، في العالم العربي. وتوقّع أن يؤثر ذلك على مختلف الأنشطة الإقتصادية والإجتماعية في مختلف القطاعات، بما فيها القطاعات المالية والمصرفية.
ومن المعروف أن غرفة التجارة الدولية تعتبر أكبر منظمة تمثل قطاع التجارة والأعمال في العالم، وتضم في عضويتها مئات الآلاف من الشركات من ما يربو على مائة وعشرين بلدا حول العالم ممن لديهم الحرص والمصلحة على الاستفادة القصوى من شتى قطاعات المشاريع الخاصة.
وتقوم شبكة عالمية من اللجان الوطنية بتعريف وإعلام الأمانة العامة لغرفة التجارة الدولية ومقرها باريس بجميع القضايا والأولويات في قطاعات التجارة والأعمال الوطنية والإقليمية، كما يقوم ما يزيد عن ألفين من الخبراء في الشركات الأعضاء بتزويد الغرفة بالمعارف والخبرات اللازمة لصياغة موقف الغرفة تجاه القضايا المهمة والحساسة في قطاع التجارة والأعمال.
وتحظى اجتماعات اللجنة المصرفية التابعة لغرفة التجارة الدولية برعاية كل من بنك قطر الوطني
QNB والبنك التجاري وبنك الدوحة، وبنك إتش.أس.بي.سي، وبنك الدولة الهندي، إضافة إلى غرف ماكنير.
كما أن اللجنة المصرفية التابعة لغرفة التجارة الدولية هي الجهة الدولية المسؤولة عن صياغة القواعد التي تخضع لها صناعة التمويل التجاري، وتعرف الهيئة بإصدارها للقواعد والمحددات والتوجيهات التي تحظى بالقبول الدولي والتي تحكم الاعتمادات المستندية بالمصارف، وآليات التحصيل المستندي، وعمليات السداد والتحويلات بين المصارف إضافة إلى الضمانات المصرفية.
وتعتبر اللجنة منصة مهمة تضم كلا من رواد التجارة والأعمال وصانعي السياسات ليتصدوا معا للتحديات العالمية التي تواجه قطاعي التجارة والتمويل، ومن ثم فإنها تأتي في صدارة الجهود الرامية لتفهم حاجات قطاع الأعمال والعمل على تلبيتها من خلال التطوير المستمر والجهود الحثيثة في المجال التشريعي والتنظيمي، على غرار قواعد "بازل" ومكافحة غسيل الأموال إضافة إلى التحديات التي تنطوي على تسهيل عمليات التمويل التجاري الدولي عبر الحدود الدولية وعلى وجه الخصوص في الدول النامية، للمساهمة في تعزيز اقتصاداتها وتحفيز معاملات النمو فيها.
وقد استمرت اجتماعات اللجنة المصرفية التابعة لغرفة التجارة الدولية، والتي تنعقد مرتين كل عام، على مدى 5 أيام في قطر تحت شعار «إعادة صياغة مستقبل التمويل التجاري»؛ وقد ضمّت قائمة المتحدثين والمحاورين الدوليين في اجتماع الدوحة نيل إيشو من لجنة بازل الذي سيتناول موضوع الإشراف المصرفي، وأكشاي رانديفا مدير التنمية الاستراتيجية لمركز قطر المالي إلى جانب عدد من الممثلين عن المصرف العالمي والمنظمة المالية الدولية والبنك الأوروبي للإعمار والتنمية وبنك التنمية الآسيوي وصندوق النقد الدولي.حيث تهدف اجتماعات اللجنة لهذا العام إلى التصدي لحالة عدم الاستقرار الشديد الذي يعتري المناخ الاقتصادي العالمي.

كما تخللت الاجتماعات مناقشات لمخططات الغرفة الدولية وعملياتها قيد التنفيذ، وفي مقدمتها مراجعة الممارسات المصرفية السليمة، وصياغة التزام السداد المصرفي، وكذلك قواعد المصادرة التي تتضمن مراجعة شاملة لقواعد «بازل 3
BASEL III» للإصلاح المصرفي. وفي السياق ذاته، وبغية تحقيق الأهداف المنشودة، تم في اليوم الختامي لاجتماعات اللجنة، تنظيم قمة خاصة للتحكيم والصيرفة حيث حضر لبنان بقوة من خلال الوزير السابق د. سليم الصايغ الذي حل كمتحدّث رئيسي في قمة التحكيم والصيرفة يوم الخميس 29 آذار 2012.
الاجتماعات تضمنت مشاورات خاصة مع رؤساء أقسام التجارة العالمية في المصارف الدولية الكبرى حول مدخلات سياسة قمة العشرين التي تنظمها غرفة التجارة الدولية، حيث تعد الاجتماعات جزءا من سلسلة المشاورات الإقليمية التي تديرها المجموعة الاستشارية لقمة العشرين حول العالم.
أما الخبراء المجتمعون في الدوحة فيعكفون على وضع صياغة واضحة ومحددة لدور قطاع الأعمال تجاه تحفيز النمو وخلق فرص العمل، وذلك قبيل قمة العشرين المقبلة المقررة إقامتها في المكسيك. ولفت البيان إلى أن أيام الاجتماعات الخمسة سيتحدث خلالها نخبة من الخبراء والمختصين من جهات عديدة بينها لجنة بازل للإشراف المصرفي، ومركز قطر للمال، والبنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، بالإضافة إلى البنك الأوروبي للإعمار والتنمية، وممثلي بنك التنمية الآسيوي وصندوق النقد الدولي.

وانضم «
QNB» لقائمة الجهات الراعية باعتباره الراعي الماسي لاجتماع اللجنة المصرفية، والذي يقدم دعمه أيضا لقمة التحكيم والصيرفة. أما البنك التجاري فهو الراعي الذهبي، في حين قدم بنك الدوحة وبنك أتش.أس.بي.سي، وبنك الدولة الهندي الرعاية الفضية، كما قدمت غرف ماكنير دعمها باعتبارها الراعي الاستراتيجي لقمة التحكيم.

كما عقد في فندق لاسيجال في الدوحة مؤتمر صحفي حول فعاليات اجتماع اللجنة المصرفية التابعة لغرفة التجارة الدولية تحدث فيه سعادة الشيخ خليفة بن جاسم بن محمّد آل ثاني رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر وغرفة التجارة الدولية في قطر، جان غي كارير، الأمين العام لغرفة التجارة الدولية، كاه تشي تان ورئيس اللجنة المصرفية التابعة لغرفة التجارة الدولية، ودان تايلور، نائب رئيس اللجنة المصرفية التابعة لغرفة التجارة الدولية ورئيس منظمة الخدمات المالية الدولية، حيث سيتم خلال المؤتمر الصحفي الحديث عن متطلبات شركات الأعمال من مجموعة العشرين، إلى جانب رؤية السوق للوضع الاقتصادي الدولي المضطرب وتمويل التجارة وإعادة إحياء جدول الأعمال التجارية العالمية والوسائل التنظيمية وغيرها من أنشطة اللجنة المصرفية التابعة لغرفة التجارة الدولية.
وفي سياق الاجتماعات التي عقدت في الدوحة، قامت غرفة التجارة الدولية باستشارة الخبراء الإقليميين من أجل تحديد آليات الأعمال بشأن تعزيز فرص العمل والنمو تمهيداً لقمة مجموعة العشرين القادمة التي ستعقد في مكسيكو.

يذكر أن مجموعة العشرين الاستشارية التابعة لغرفة التجارة الدولية، والتي تضمّ أكثر من 20 عضواً على رأس شركات عالمية على غرار شركة داي سونغ وشركة هانوها وشركة إنفوسيس تكنولوجيز وشركة نستله وشركات ماكغرو هيل وشركة ريبسول وشركة رويال ديتش شل وشركة سيب، تؤسس منصة لمشاركة شركات الأعمال المهمة في مجموعة العشرين. وهي حالياً تعقد سلسلة من الاجتماعات التشاورية في مكسيكو وهونغ كونغ والدوحة وزوريخ تحضيراً لقمة مجموعة العشرين وقد عملت على صياغة مجموعة من التوصيات السياسية التي تعالج المواضيع المطروحة على جدول أعمال مجموعة العشرين الحالي.

وتتم مناقشة آليات مجموعة العشرين التابعة لغرفة التجارة الدولية خلال جلسة خاصة لذلك.
وبالإضافة إلى ما سبق، ستقوم غرفة التجارة الدولية بالإعلان عن الأخبار الخاصة بعملها وأنشطتها الأخيرة مع منظمة التجارة العالمية في محاولة لدفع المحادثات التجارية العالمية خارج إطار الأزمات التي جرت في السنوات العشر الأخيرة.
ويتم أيضاً مناقشة الأعمال والأنشطة الأخرى التي تضطلع بها اللجنة المصرفية التابعة لغرفة التجارة الدولية وتشمل بازل
III وبعض المسائل التنظيمية الأخرى.
من هنا ستسلط الفعاليات الضوء على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعلى قطر بالتحديد بصفتها أحد الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم.

وقد أعلن الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني إن اجتماعات اللجنة المصرفية لدى غرفة التجارة الدولية ستسلط الضوء هذا العام على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخاصة دولة قطر بوصفها صاحبة الاقتصاد الأسرع نمواً في العالم.
وأضاف أنه على الرغم من الصعوبات الواضحة والتحديات الكثيرة التي يواجهها الاقتصاد العالمي، فإن قطر بفضل اقتصادها القوي ومعدلات النمو المرتفعة والتي تعد الأفضل عالميا، هي البيئة الأمثل لأداء الأعمال نظرا للفرص العديدة المتوفرة لدى قطاعيها العام والخاص في عدة مجالات صناعية وتجارية مختلفة. وأوضح أنه من المهم أن نسلط الضوء على فرص الأعمال الحقيقية وأن نركز عليها في المقام الأول فهي التي توفر مسارا فعليا للتغيير في مختلف القطاعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

ومن جهته قال السيد كاه تشي تان رئيس اللجنة المصرفية لدى غرفة التجارة الدولية إن اللجنة المصرفية للغرفة تضم نخبة خبراء صناعة الصيرفة ورواد التجارة والأعمال وخبراء التمويل والمسئولين الحكوميين، حيث تهدف إلى تشجيع هؤلاء المجتمعين على وضع التوصيات المناسبة لرسم سياسات سليمة وتطوير قواعد صحيحة لتحسين عمليات التمويل التجاري. وأضاف "يدرك الجميع أن أحوال السوق تبدو قاتمة ونحن في بدايات عام 2012، وهذا يؤدي إلى تلاشي الثقة بين المصرفيين وجهات التجارة والأعمال في ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها معظم الأسواق، ومن هنا فقد حرصت اللجنة المصرفية للغرفة على استقطاب وانتقاء صفوة الخبراء والمتخصصين في التجارة والتمويل في العالم كي يعملوا معا على فك رموز الأوضاع الاقتصادية المعقدة في الوقت الراهن. ونوه الى ضرورة النظر الى السيولة بشكل عادل، عازيا ذلك الى ان التجارة الدولية تؤثر على الاقتصاد العالمي، وقال "ما زلنا نخوض نقاشات مع الهيئات التنظيمية بشأن الانظمة الرقابية والحوار ما زال مستمرا مع الهيئات المستقلة مع وضع بيانات تجريبية لعدة قوانين". وفي رده على مسألة إعادة تنظيم التمويل المحلي والاكتفاء بعبارة "ضوابط" في هذا الموضوع رغم ان عددا من الدول الاوروبية اقترحت ضريبة على المعاملات بين البنوك العالمية، اكد تايلور أن ضريبة الخدمات المالية التي اطلقتها دول اوروبية، ظلت ضمن قوانينها الداخلية ولم يتم تعميمها على كل الدول الكبرى وهي ليست عالمية بل محلية، مشيرا الى عدم وجود توافق عالمي حول هذا الموضوع وحتى داخل الاتحاد الاوروبي حيث لا تزال هناك مشاكل وعدم توافق.

mercredi 11 avril 2012

الوزير د. سليم الصايغ في ندوة عن كتاب مازن عبود "ذكريات صبي المحلة" (10-03-2012)

ندوة عن كتاب مازن عبود "ذكريات صبي في المحلة"
يرق: عودتك الى تاريخنا الجميل صرخة لاستحضار قيم وطننا
الأب عازار: لماذا نبيع ونترك، قرى من زمرد
الوزير د.الصايغ:  صرخة استحضار لكل القيم التي قام عليها وطننا
10/4/2012 - نظمت ادارة بيت الضيافة في جونية ندوة عن كتاب "ذكريات صبي المحلة" ( قصص من جبل لبنان الصغير) للكاتب مازن عبود، شارك فيها الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ، المدير العام لوزارة التربية الدكتور فادي يرق، امين عام المدارس الكاثوليكية الراهب الانطوني الاب بطرس عازار، مدير "بيت الضيافة" الراهب اللبناني الاب انطوان عطا الله، في حضور النائب العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاب اميل عقيقي ممثلا الاباتي طنوس نعمة ، رئيس بلدية جونية الأستاذ أنطوان افرام، الشاعر اسعد جوان وشخصيات أدبية وفكرية ولفيف من الكهنة وأصدقاء الكاتب، وداعمين ل "بيت الضيافة".

عطا الله
بعد النشيد الوطني وكلمة ترحيب من المحامية منى طعمة، ألقى الاب عطا الله كلمة رحب فيها بالحضور، مؤكدا ان "لبيت الضيافة رسالة انسانية، يقصده المحتاج والمهجر والمسن والمحسنون والمحبون للعمل الانساني". ورأى ان مازن عبود "برع في الفن القصصي واللغة الصافية والافكار السامية، وسبك العبارات الجميلة وسرد اقوالا تراثية لبنانية من الادب اللبناني العريق".

عازار
اما الاب عازار فقد اعتبر ان "ما تحمله هذه القصص من صور تراثية وقروية تشده، في زمن حضارة الباطون وضبابية المدينة، الى تأكيد دور النخبة في اعادة الحياة الى "حضارة في طريق الزوال، لنبعثها من جديد، ونحن في زمن القيامة وسيلة للقاء نجدد فيه التزامنا بقيم الشفافية والصدق والبساطة، لكي نضمن للانسان حياة حرة كريمة على أرض نحن مؤتمنون عليها، وعنها سنؤدي حسابا".
وتساءل: "لماذا نبيع ونترك، قرى من زمرد" كما يقول سعيد عقل، لنتيه في العالم وراء مغاور الزمرد والياقوت، والنتيجة ما كانت ولن تكون لمصلحتنا، والامثلة على ذلك كثيرة".
وختم بالقول: "أطلق الكاتب صرخة في ضمائر جميع ابناء لبنان الكبير وبناته، فهل هناك من يسمع؟ نحن معك لنصنع قيامة لبنان ونعيد الى قرانا حضارتها وجمالها وبساطتها".

يرق
ورأى الدكتور يرق ان الكاتب "اخذ المناسبات الدينية بكل عناوينها، الليتورجية والطقسية، ليبني عليها حكايات واحداثا تسجل تاريخ بلدة دوما العريقة". وقال: "توقف عند احداث ومحطات شهدها لبنان بأسلوب العارف بالخلفيات والخفايا، من دون الانزلاق الى الاصطفاف مع او ضد اي وجهة نظر، ملتزما الانتماء الوطني الجامع ومترفعا عما دون هذا التطلع السامي"، مؤكدا انه "أعاد الى البال مصطلحات وتعابير من صميم الحياة اليومية، ليترسخ في ذهن ووجدان الاجيال".

الصايغ
اما الوزير السابق
الدكتور سليم الصايغ فقال: "ان الكاتب يخرجنا بكتابه من المحلة ليحاكي الانسان والوطن، قضايا المجتمع، عاداته وتقاليده".

أضاف: "بكتابك تقول، ما أجمل لبنان وقرى لبنان وتراث لبنان، لكن هناك "محلات" لم تأت على ذكرها ك"محلة" عين الرمانة وبنت جبيل وقنات وزحلة". وسأل: "أين هي "محلات" عصفت بها ريح الفتنة وعبقت في اجوائها رائحة البارود والدخان الاسود، اين هم الاطفال الذين ما عرفوا من الطفولة الا شوارع القهر، وملاجىء الخوف، واحضان الفقر. اين اطفال لبنان الذين ما زالوا ينادون "اعطونا السلام وخذوا ما يدهش العالم، اين هو السلام، واين هي هدية العالم لهم. ان محلة دوما هي المحلة التي نريد ان تكون في كل لبنان، وعودتك بنا الى تاريخنا الجميل هي دعوة لا بل صرخة استحضار لكل القيم التي قام عليها وطننا".

وختاما كلمة للمؤلف عبود شكر فيها المنتدين والحضور، مؤكدا التزامه بمبادىء "صبي المحلة"، ليظل يكتب عن لبنان وله.

اشارة الى ان ريع الكتاب يعود لدعم "بيت الضيافة".
النص الكامل لكلـــــــمة معالي الدكتور سليم الصايغ
لقاؤنا اليوم لقاءان ، لقاء الضيافة ولقاء صبي المحلة ، ولعلّ في ضيافةِ بيت الضيافة ما يضفي ويزيد ،
ففي بيت الضيافة أكثر من صبي كَبُرَ في المحلة ، فهو كبُر على المحلة ،
وهي به تضيق وهو عنها يفيض . . .
كبُر على المحلة ، وهذا قدرُ الصبي من لبنان ، محلتهُ تصبح العالم ، وحدود محلته الكون ،
كبُر على المحلة ، ولكن ليس على بيت الضيافة ، فهذا بيت من محبة ،
وهو أكبر من المحلة ، ومن كل محلة ، لأنه بمساحة الإنسان وعلى حجم الكرامة ،
بيت المحبة بيت ضيق لكنه يساع لألف صديق ،
بكتابك تخرجنا يا عزيزي مازن من المحلة لتحاكي الإنسان والوطن . . .
لتحاكي قضايا المجتمع ، وعاداته وتقاليده ، تربط بخيطٍ لامع ذهبي القصص البسيطة والتي لا تُمحى وتشدّها كما القارىء اليها الى المستقبل . . .
من دون أن تدري حتماً ، طلبت اليك العناية أن تكتب لبيت الضيافة هذا ، ــــــ قصة الصبي ، ومحلة الصبي ، وأجواء عابقة برائحة ذكية من عندنا . . .
بكتابك تقول ما أجمل لبنان وقرية لبنان وتراث لبنان . . .
وكأنك تجسّد واقعاً معيوشاً لأغنية وديع الصافي " لبنان يا قطعة سما " . . .
إسمح لي بعد قراءة أولى ، وثانية وثالثة لكتابك ، أن أطفىء قليلاً من الغيرة التي عصفت بي عندما قرأتك وكدت أن أصرخ لكي أقول : ليس معقولاً ، أين محلة عين الرمانة ، وبنت جبيل، قتات وزحله . . .
أين هي المحلات التي عصفت بها ريح الفتنة ، وعبقت في أجوائها رائحة البارود والدخان الأسود . . .
أين هم الأطفال الذين ما عرفوا من الطفولة إلا شوارع القهر ، وملاجىء الخوف ، وأحضان الفقر ؟ ؟
أين هم الأطفال الذين انتظروا طويلاً "بــابـــا نــويل " الذي عنه تحدثت وكبروا وذهب بـــابـــا نويل الحلم  ، ولما يترجم واقعاً ، هم اليوم حين يستذكرون يخافون أن يخلقوا في عقول أطفالهم حلماً آخر لن يتحقق ؟ ؟
أين أطفال لبنان الذين ما زالوا ينادون مع الأغنية الرائعة " أعطونا السلام وخذوا ما يدهش العالم " ؟ أين هو السلام ؟ وأين هي هدية العالم لهم ؟
ماذا نقول للأطفال الذين يتعلقون بأطراف الحضارة ، وفتات الحداثة ، وبقايا العصر ؟
ومحلتهم بكل بساطة هي " في مملكة الخيال ، وفي سراب المرتجى ، في تمنيات المصلين ، وابتهالات المسنين ، وآهات الثكالى ، ودموع الشباب القاسية . . . "
إسمح لي يا عزيزي مازن ، أن أجلد عملك مرة ، قبل أن أجلد نفسي مرتين ،
مرة لأنني غرت من صبي المحلة ، ومرة أخرى لأنني اكتشفت خطئي ،
 ما كان يجب أن أتحاب 
إن صبي المحلة هو في كلٍ منّا . . .
نعم ، جاء عملك كدعوة لأن نقرأ الجميل والحسن والأمل ، والرجاء وفي عصر القباحة واليأس والتيئيس ،
إن صبي المحلة في كل منّا ، في كل شاب وكل شيخ ، والمحلة  في دوما، هي المحلة التي نريد أن تكون في كل لبنان . . .
إن عودتك بنا الى تاريخنا الحلو ، هي دعوة لا بل صرخة استحضار ، لكل القيم التي قام عليها وطننا ،
وكأنك تقول : " هذه هي محلتي التي بها سررت ، فآتوني بمثلها لكي نبني وطناً "
نحن لسنا جماعات بل مجتمعاً ، لسنا رعايا بل مواطنين ، لسنا تابعين بل رائدين ، نحن بناءُ حضارةٍ  ، وأصحاب مشروع التألق الإنساني
وصبي المحلة من عندنا ، سيظل يستذكر أن لبنان هو محلة كبرى ، تساع كل الصبيان ، وإن لم يكن ، فبيت الضيافة حاضرٌ للقيام بالواجب 
وشــــــــــكراً

كلمة الوزير د. سليم الصايغ في مؤتمر جامعة الحكمة حول الربيع العربي (24-02-2012)

"قولوا الحق...والحق يحرركم"
لقد بدأت الثورات العربية بالقول نريد إصلاح النظام، والدعوة إجتماعية – حقوقية - إقتصادية وقبل كل شيء قِيَميّة...
بمعنى نريد استعادة الكرامة والنظام العادل كإطار ناظم لها. وانتهت الثورات الى المطالبة "نريدك أن ترحل"، بمعنى نريد تغيير النظام، والمطالبة هنا سياسية.
لقد بدأ التغيير إذا بالمطالبة لإحقاق البديهيات، بالمطلق البسيط الجزئي والقريب من هموم الناس، لينتهي الى المطلق الشامل الحامل لأحلام الناس، والاستجابة الى المطلق الشامل لا تكون إلا على المستوى الحضاري.
وإجابتنا على ذلك تأتي في قسمين:
1 الميثاق الاجتماعي من لبنان الى العرب
2 الميثاق الاجتماعي من العرب الى الإنسانية
في زمن الربيع العربي يبرز زمن التغيير، وأول التغيير تعبير، وفي التعبير كلمة تفتش عن الحقيقة في مهاجر الوجدان وفي غياهب الزمان وفي مجاهل الجغرافيا المتحركة.
في زمن التغيير العربي، لا يأتي التمييز إلا بين المطلق القابض على الحق أو الباطل والبين بين، القابض على سراب التأقلم مع الباطل أو الإستنساب في الحق. في زمن التغيير لا يكون العنوان إلا مجردا، فلا توصيف يليق، ولا توضيح يطلب، ولا تكبيرا أو تصغيرا يستحسن...فعنوان التغيير في زمن الربيع العربي هو واحد أحد لا يقبل الشراكة ولا الإشراك... ولا حتى تعدد الزوجات، إذ لا شراكة مع الإنسان الصانع لمجده، القابض على مصيره. ولا إشراك، وفيه أن الكرامة هي قيمة مطلقة لا تحتمل التأويل أو التمييع أو التصنيف أو الاجتزاء أو التصريف...وقلنا أن التغيير لا يقبل حتى تعدد الزوجات...فهو التزاوج بين مكونين لا ثالث لهما. فعل الإرادة الحرة وكبر الحلم عند الشعوب.
إن فعل الحرية في كل إنسان يجعل من الكرامة أكثر من مفهوم وأعمق من قيمة وأكبر من عنوان. إن حركة التغيير الكبرى وليدة الربيع العربي، تعطي للكرامة بعدا سياسيا بعد أن كانت منكفئة في بعدها الإنساني، وتمدها بالمدى الاجتماعي بعد أن كانت مرتاحة في المبادئ والمفاهيم وتطرحها ثورة أصيلة لا تنضب كحقول النفط أو الغاز، ولا تزهق على مذابح الربحية والتنافسية والفردية المطلقة، ولا تنكسر بفعل هزة أرضية أو أزمة مالية. من هنا يأتي زمن التغيير، لا بل زمن العهد الجديد، ليعلن: نعم للإنسان لا للأنظمة الجائرة، نعم للشعب لا للحاكم الظالم. إن إعادة الإعتبار للكرامة تؤدي الى استعادة مركزية الإنسان في المجتمع والدولة والأنظمة.
1 الميثاق الاجتماعي من لبنان الى العرب
لقد قلنا بذلك قبل الربيع العربي وسطرناه ميثاقا اجتماعيا للبنان تطبيقا لما كنا قد وضعناه في بند من البيان الوزاري عام 2009 قبل سنة بالضبط من الثورة التونسية وإعلانه في هذه القاعة بالذات عشية الثورة المصرية بحضور ومشاركة مختلف القوى السياسية التي اجتمعت كعاميات إنطلياس ولحفد في القرن التاسع عشر  لتعمّد هذا الميثاق إجماعا وطنيا بالرغم من الانقسامات في عهد حكومة تصريف الأعمال قبل الثورات العربية، وأقول الثورات وليس الانقلابات، وشتان بين المفهومين، قلنا بالتغيير الذي هو من فعل الحرية وقلنا أن فعل الحرية من الإنسان ويبدأ به وينطلق منه ليحرر المجتمع كله.
لم نكن نعلم يومها أن وقفة عزٍ لإنسان بسيط مهمش أمام الشرطة في تونس ستحرر مجتمعا بكامله من كل عقد الخوف والنقص والانصياع المطلق للسلطة الغاشمة.
لم نكن ندري يومها أن مناشدة الميثاق الاجتماعي اللبناني الإنسان للارتقاء من أجل تحقيق مشروع الحياة الذي يؤمن به، سيلقى صدى في شوارع القاهرة وطرابلس الغرب وبنغازي وسيطلق العنان للوعي الفردي ولفعل الحرية.
لم نكن نقدّر أن الدعوة في الميثاق من أجل الإدارة الأفضل للتعددية  والاختلاف ستطرح في ما بعد كل إشكاليات المشاركة في الحياة العامة واحترام الخصوصيات المجتمعية، وتؤسس لأهم حركة تفاعلية بين الأديان والطوائف حول مسألة الحريات والحقوق في عصر الحداثة.
لم نكن نرى ان القول أن الميثاق الاجتماعي يحفز الدولة على تمتين وتطوير الوطن وإرساء قواعده على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان سيكون عنوان تكريس منجزات الثورات العربية في لحظتها الدستورية وانعطافتها القِيَميّة.
لقد طرح الميثاق الاجتماعي المسألة الاجتماعية بكل إشكاليتها، وأجاب عنها بنظرة شاملة وكلية للإنسان في علاقته بالمجتمع والدولة.
فهو من ناحية يظهر معنى وقيم وقواعد وضوابط الاحتكام والتصرّف بما ينسجم مع ثقافة المجتمع وقيمه كما أنه يحدد الأطر والتوجهات العملية المنبثقة عنها. وبالتالي يجيب الميثاق عن الإشكالية الاجتماعية بمبدأ العدالة الاجتماعية وانفتاحه للتعددية في النوع والثقافة وتفاوت الأجيال والقدرات الطبيعية، كما بتشكيله مساحة للحوار الديمقراطي والتفكير المتفاعل والمتبادل للخبرات وعقد الصلات بين كافة الجهات الرسمية والمدنية من أجل إزالة كل ما يعوق نمو الإنسان بكليته وكل إنسان بخصوصيته.
ويثمن الميثاق كذلك أهمية التضامن الاجتماعي مع ما يترتب عليه من التزام بمصالحة المجتمع مع ذاته خاصة بعد كل الانقسامات والاهتزازات التي شهدها منذ عقود من الزمن، فيصبح بذلك في خدمة كل إنسان، لا بل كل إنسان بأبعاده الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
لذلك اعتبرنا أن طبيعة الانسان هي بالتخطي لذاته وهي مرتبطة بقضية الخلق المستمر والابداع في بيئة يفعل فيها ويتفاعل معها. وفي ذلك دعوة الى التحوّل من حال الى حال أفضل لمواكبة متطلبات العصر والحداثة. إن الدعوة الى التحول القائم على الالتزام بالأخوة والتضامن بين الناس كأفضل وسيلة للتغيير في الإنسان والمجتمع لها بعدها، القِيَمي، والانساني وكذلك بعدها الاجتماعي والسياسي.
فمن يقول بالتحول يقول برفض الحال القائمة، ومن يدعو الى تحرير المجتمع يدعو الى عملية سياسية كبيرة، ستسهّلها وتمهد لها الثورة العربية بعد أن أعطاها مفاهيمها الميثاق الاجتماعي اللبناني.
2 الميثاق الاجتماعي من العرب الى الإنسانية
لقد صنعنا في لبنان ميثاقا لنا وفيه نموذج حضاري يقتدى به، فهو عابر للثقافات وحافظ للخصوصيات ورابط بالإنسانية. وهذا ما شرحناه للوزراء العرب منفردين ومجتمعين قبل الثورات العربية وبعدها. وكل منهم يعرف واجباته تجاه شعبه ومشاربه الروحية والثقافية.
إلا أن السير على طريق الكمال في كل بلد عربي والتفاعل بين مكونات كل مجتمع والتكامل بين كل الأوطان العربية يفرض حوارا حضاريا يغني الوحدة الانسانية ويريح الخصوصية الثقافية فيكون للكل إمكانية حقيقية للرفاه والطمأنينة.
ما يستطيع أن يقدمه العرب الى العالم هو قدرتهم على تحويل الطاقات الخلاقة والمبدعة في مجمعاتهم الى فرص تألق للإنسان ولتعزيز كرامته المطلقة. ويكون ذلك بالدرء عن الانحراف على طريق السهولة المبسطة تحت عناوين الديمقراطية العددية والمساواة المُعقِمة للثقافات والخصوصيات.
من هنا، اقتراحنا للعرب باعتبار التمايز الثقافي والعرقي واللغوي والديني هو إثراء لمشروعهم الحضاري الذي لا يختصره ثقافة أو عرق أو لغة أو دين. من هنا ضرورة التحرر من ركاب الماضي المثقل بالايديولوجيات المستوردة والنهل من مشارب التعاليم التي أعطتها الديانات السماوية للعالم من أرضنا، ووضعها في قالبها الحضاري الأصيل كردٍ على تحديات العولمة والتصحير الثقافي والقولبة الاقتصادية والتعليب الفكري. والمحاولات الجدية قد بدأت، بطرح رئيس الجمهورية للبنان كمساحة للحوار بين الحضارات، ونداء البطريرك لتفعيل الحوار الاسلامي-المسيحي، ومقررات سينودس أساقفة الشرق، والبيان التاريخي لشيخ الأزهر حول الحريات، وشرعة أمين الجميل حول احترام التعددية، والميثاق الاجتماعي الذي وضعناه، هو حركة صحيحة وصحية، ان دلت على شيء فهو على طليعية لبنان في هذا الشرق والسر في حرياته وتنوعه، وعلى الوعي العربي لأهمية النهضة التي تنتظرنا.
عندما وضعنا الميثاق، قلنا ما حرفيته: "كان اللبنانيون رائدين في النهضة الثقافية العربية وهم اليوم رائدون في النهضة الإجتماعية العربية، ولربما يأتي يوم نكون فيه رائدين في النهضة الاجتماعية الحضارية الكبرى."
والانطلاق في ذلك، يكون بحسب رأينا، باحترام النقاط العشر التالية:
1-إنطلاقا من مبدأ وحدة الإنسانية يجب العمل على مصالحة تاريخية بين مختلف المجموعات، ويكون ذلك عبر الانخراط الملتزم في الدفاع عن حقوق كل إنسان من دون أي تمييز أو استثناء.
2-إن النهضة الحقيقية للدول العربية لا تتحقق إلا على أساس ثوابت الديمقراطية وقبول الاختلاف والعمل المشترك، فيتم وضع الكرامة الإنسانية في صلب الاهتمامات، وهي قضية لا تتجزأ، لا في الحقوق السياسية أو الحقوق الاقتصادية أو الحقوق الاجتماعية أو الحقوق البيئية. وهي لا تنفصل عن مسألة احترام الحريات العامة، التي يجب أن تكرّس في النصوص الدستورية، فيتم الدفاع عنها برغم الاختلاف السياسي أو الطائفي.
3-إحترام الخصوصية المجتمعية بما فيها التنوع والتعددية بأشكالها السياسية أو الثقافية أو الطائفية لكل المجموعات المكونة للمجتمع بشكل يؤمن التفاعل بالتكامل لا الانصهار. وقد كان من الصفات البارزة للمجتمعات العربية والشرقي منها بنوع خاص، انها نشأت بالتنوع، وهو ثراء لها على الصعد الإنسانية والثقافية، مما سهل الأنفتاح على الحداثة والتطور.
4-إعتماد قيم المساواة والعدل في بناء المواطنة الحقة، واتخاذ القرارات السياسية عبر الأسس والمفاهيم الديمقراطية، لاسيما منها الشورة الملزمة التي تضمن حقوق الجميع من قبل الجميع.
5-وضع نظام سياسي حر وديمقراطي، بعيدا عن النموذج التيوقراطي مع احترام كتلة المبادئ والقواعد العامة التي تضعها الشرائع السماوية، بشكل يؤمن عدالة التمثيل وحقوق الناس وحرياتهم، والفصل بين السلطات وتداولها بشكل سلمي شفاف، مؤمنة بذلك استمرارية إنجازات الربيع العربي.

6-العمل إنطلاقا من مبدأ عدم إمكانية تجزئة الحقوق السياسية منها والإقتصادية والإجتماعية على تحرير الشعوب من كل اشكال الفقر  والجهل والتخلف والحرمان، ويتم ذلك باعتماد ميثاق إجماعي يقوم على أسس مبادئ الشراكة والمحبة والتضامن وحماية الخير العام ودعم المبادرة الفردية، وتؤمن من خلاله كافة الحقوق الإجتماعية والإقتصادية.
7-التأكيد على الحق بالعيش بسلام، وهذا يعني سلاما صادقا وعادلا ونهائيا، بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
8-التنديد بكل أشكال القهر ورفض العنف والإرهاب من أي جهة أو تطرف ديني، واعتماد الوسائل السلمية المكفولة دستوريا لحل النزاعات أو الخلافات.
9-تفعيل الحوار الإسلامي-المسيحي-اليهودي، ليتم إرساء القواعد لتربية مواطنية تعزز قبول التعددية الدينية وتقوم على الإحترام والتقدير المتبادلين بعيدا عن كل أشكال العنصرية والتمييز العرقي والديني والطائفي.
10-إعتماد بيان الأزهر حول التحديات الدينية في مقدمة كل الدساتير العربية.

___________________