مستشار اليونسكو الوزير السابق د. سليم الصايغ
ثورة السيسي الدينية أعطت دفعة قــوية لإنتاج خطاب عصري مستنير
24/04/2015
حوار: أحمد مراد
د. سليم الصايغ يتحدث لـ «أخبار اليوم»
شدد السياسي اللبناني، ومستشار اليونسكو د. سليم الصايغ علي أن مصر تخوض حرباً ضد الإرهاب لصالح الإنسانية كلها، ولو نجحت مصر في القضاء علي الإرهاب ستنجح الإنسانية جمعاء في تخطي حالة الانحطاط التي يعيشها عالمنا حاليا، وإن فشلت مصر، فسوف ينغمس العالم كله في عصر الظلمات وقد يكون طويل الأجل.
ثورة السيسي الدينية أعطت دفعة قــوية لإنتاج خطاب عصري مستنير
24/04/2015
حوار: أحمد مراد
د. سليم الصايغ يتحدث لـ «أخبار اليوم»
شدد السياسي اللبناني، ومستشار اليونسكو د. سليم الصايغ علي أن مصر تخوض حرباً ضد الإرهاب لصالح الإنسانية كلها، ولو نجحت مصر في القضاء علي الإرهاب ستنجح الإنسانية جمعاء في تخطي حالة الانحطاط التي يعيشها عالمنا حاليا، وإن فشلت مصر، فسوف ينغمس العالم كله في عصر الظلمات وقد يكون طويل الأجل.
وأكد د. الصايغ في حواره مع « أخبار اليوم « أن الرئيس السيسي ابن
الربيع العربي، وابن السعي نحو الحرية، مشيدا بدعوته إلي ثورة دينية لتصحيح
المفاهيم المغلوطة التي تشوه صورة الإسلام، مشيرا إلي أن الحديث عن تجديد الخطاب
الديني كان يقال فقط في الحلقات العلمية وفي أوساط النخبة، ومن هنا تأتي أهمية
دعوة الرئيس السيسي، والذي تجرأ ونقل هذا الخطاب إلي الساحة العامة، ووضع الجميع
أمام مسئولياتهم سواء السلطات المدنية أو السلطات الروحية.
لا يخفي علي أحد ما يعانيه عالمنا العربي من أزمات طاحنة، ساهم
غياب « ثقافة الحوار « في إشعالها، ومن هنا جاء تأسيس موقع « حاور « الذي تشرفون
عليه كأول موقع يشجع علي ثقافة الحوار بين الشباب العربي.. فمن أين جاء غياب
«ثقافة الحوار» ؟.. وإلي أي مدي نستطيع التغلب علي أزماتنا من خلال آلية وبرامج
الحوار؟
مصر تحارب الإرهاب لحساب الإنسانية .. ولو فشلت سيسقط العالم في
الظلمات
حزب الله لديه
أجندة طائفية..
ويجر لبنان لويلات الحروب والتخريب
القاهرة تسير بخطي ثابتة..
والمصريون سيصنعون معجزة الانتقــال إلي الاســتقرار
ليس هناك حل جذري لأزماتنا سوي الحوار.. ولكن لا حوار مع المسلحين
حزب الله لديه
أجندة طائفية..
ويجر لبنان لويلات الحروب والتخريب
القاهرة تسير بخطي ثابتة..
والمصريون سيصنعون معجزة الانتقــال إلي الاســتقرار
ليس هناك حل جذري لأزماتنا سوي الحوار.. ولكن لا حوار مع المسلحين
ــ في البداية لابد من الإشارة إلي أن أصول الحوار جاءت من تقاليد
الشوري والنقاش التي رسخها الإسلام الحنيف منذ زمن بعيد، وفي التجارب الحديثة جاءت
أنظمة سياسية إلي المنطقة العربية قمعت شعوبها، ولم تسمح لكل فئات الشعب بالمشاركة
اللازمة في السلطة، وهو الأمر الذي أبعد الجمهور عن نسق الحوار، سواء الحوار مع
السلطة والحكومة أو الحوار عبر المشاركة في القرار السياسي، وبالتالي ابتعدنا عن
تقاليدنا الاصيلة التي تحث دائما علي الحوار.
وعلينا هنا أن نرجع إلي سيرة النبي صلي الله عليه وسلم لنري كيف
كان يفضل الحوار علي استعمال العنف، وإذا كان قد لجأ إلي القتال في بعض الحالات
فقد كان مكرها علي ذلك للدفاع عن النفس والأرض والدين، ولكن في أغلب الأوقات كان
النبي صلي الله عليه وسلم يوصي بالحوار، وقد وضع النبي الكريم صلي الله عليه وسلم
أهم وأفضل نموذج لإدارة التعددية في المجتمع الإسلامي من خلال «صحيفة المدينة»
التي أعطت للمسلمين ولغير المسلمين حقوقهم، واتفق عليها المسلمون واليهود
بالتراضي، وكانت بمثابة أول دستور مدني لإدارة مثل هذه التعددية، وهذا كله تحقق
بالحوار.
الجماعات الإرهابية
< ولكن..بعض التيارات والجماعات تجاوزت حدود الحوار، واتجهت إلي
العنف المسلح، وكونت فيما يشبه جيوش عصابات تقاتل بها الجيوش النظامية؟
- هذه الجماعات انحرفت عن الطريق السليم، وهي لن تحقق أياً من
أهدافها، ولن تصمد طويلا ،فلا مفر أمامنا سوي الحوار، وأن نقبل رأي الآخر المختلف
معنا ،ومن الضروري أن يتكلم الناس مع بعضهم البعض، وأن نري جميعا القواسم المشتركة
التي تجمع بيننا، فقد تكون القواسم المشتركة موجودة ضمن المجتمع المتعدد سياسيا أو
المتنوع ثقافيا أكثر من الخلافات التي تفرق بين أفراد المجتمع.
< يبدو أن جماعات الإسلام السياسي وبالأخص جماعة الإخوان
المسلمين ذهبت إلي طريق لا عودة فيه ،وبالتالي من الصعب أن يكونوا طرفا علي مائدة
حوار.. فما تعليقكم؟
- الحوار دائما مطلوب لتحقيق سلم أهلي دائم، وليس هناك من حل
جذري سوي الحوار، حيث انه لايملك أي طرف في العالم القوة المطلقة، ولا يحق لأحد في
مكان ما أن يسد طريق العودة إلي الوطن والعودة إلي المواطنة، لكن الإنسان الذي
يجلس علي طاولة الحوار عليه أن يعترف بالآخر، ويعترف بأن الآخر قد يكون علي حق،
فلا نستطيع أن نتقابل أو نتحاور مع إنسان لا يعترف بالآخر، ولا نستطيع أن نأتي
بإنسان مسلح إلي طاولة الحوار، ويضع المسدس في رأسك ويقول «تعالي نتحاور»، كذلك من
غير المعقول أن نأتي بإنسان لديه رهائن إلي طاولة الحوار، فالحوار الناجح لابد أن
يكون «حوار بين الأحرار «، ونحن نطالب بأن يكون في مصر أو أي مكان في العالم «
حوار الأحرار»، وهذا الحوار يأتي بنتيجة شرعية ثابتة يؤمن لها الاستدامة
والاستمرار.
< بشكل لافت للنظر، تنامت ظاهرة الإرهاب في عالمنا العربي،
وأصبحت تهدد أمنه واستقراره.. كيف تري هذه الظاهرة ؟.. وماذا عن سبل مواجهتها؟
- هناك خطتان لمواجهة الإرهاب، الأولي تتعلق بمعالجة الطوارئ،
فعندما يكون هناك استعمال مفرط للعنف السياسي ينبغي علي الدولة أو النظام أن
يتصرفا فورا لضبط الاستقرار، وهذه الحالة الطارئة الاستثنائية قصيرة الأمد. أما
الخطة الثانية فهي متوسطة وبعيدة الأمد، وتكون المعالجة فيها باجتثاث كل ما أدي
إلي بروز هذا الإرهاب، فإذا كان الجهل يكون بالتعليم، وإذا كان الفقر يكون
بالتمكين، وإذا كان الموضوع في أماكن أخري تعالج الأمور بجذورها وليس بالآثار
المترتبة عليها، لأننا لو تعاملنا مع الآثار فقط، فإن الإرهاب فيما بعد سيولد نفسه
بنفسه دائما طالما أسباب بروزه مازالت موجودة.
علينا جميعا أن نذهب إلي آخر مدي لنصنع العدالة الاجتماعية
الحقيقية، حتي يجد الناس فرص العمل، وحتي يشعر الناس بالمواطنة، وينخرطوا في العمل
من أجل النهوض بالوطن سياسياً واجتماعيا واقتصاديا، كذلك ينبغي علي الأنظمة
المهددة بالإرهاب أن تكون متسامحة، وفي نفس الوقت حازمة لتطبيق القانون علي
الجميع، مع العلم أننا إذا لم يكن لدينا القدرة علي التسامح وتخطي الأزمات فسوف
ننتج سلطة تبدأ « سلطة حق « وتنتهي « سلطة ظلم»، حيث ان معالجة التهديد بتهديد آخر
والعنف بعنف آخر قد يكون خطرا كبيرا إن لم يتم معالجة الأمور برؤية شاملة.
الوضع في مصر
< وكيف تتابعون الوضع في مصر التي تخوض الآن معركة ضروساً ضد
الإرهاب؟.. وماذا عن دعم اليونسكو لمصر في حربها ضد الإرهاب؟
- مشكلة الإرهاب التي تواجهها مصر هي مشكلة عالمية وليست فقط
مشكلة مصرية، وهذه المشكلة تسعي باسم الدين إلي ان تفرض نظرة أحادية الجانب علي
المجتمع، وهذا لا يصح بأي حال من الأحوال، فلا يمكن لأحد أن يختصر الحقيقة والحق
في نفسه أو يحتكرهما لنفسه باسم كل الناس، ومن ثم تكون المواجهة ــ وهنا يأتي دور
اليونسكو ــ بالثقافة والعلوم ،وليس بالصدفة أن يعقد مؤتمر « التربية علي قيم
المواطنة العالمية» في القاهرة، فهذا المؤتمر أحد آليات وبرامج اليونسكو التي
تساعد بها مصر في حربها ضد الإرهاب، وفي هذا المؤتمر اجتمعت نخبة من مفكري العرب
لتقدم إطروحات باسم العالم العربي تنقل إلي المحافل الدولية والعالمية بحيث يعود
العرب رقما صعبا في مجمل الرؤية العالمية، والتي تغطي فيما بعد مخرجات واضحة حول
كيفية ضخ سياسات وتمويلها من أجل بناء المواطنة الصالحة، وهي من آليات خطة مواجهة
الإرهاب علي المدي المتوسط والبعيد.
والحقيقة نحن علي ثقة بأن التجربة المصرية اليوم تسير بخطي ثابتة
لتعميق دور المواطن في المشاركة في الحياة السياسية، فالمصريون الذين نزلوا في
ثورتي يناير ويونيو هم أصحاب حق، وهم يحبون مصر ويحبون الجيش المصري، ومنهم من
شارك في حرب أكتوبر العظيمة، وهؤلاء صنعوا مجد مصر، وسوف يصنعون معجزة الانتقال
بمصر من حالة إلي حالة، مع العلم أن الجيش المصري والأحزاب والقوي السياسية في مصر
هم أبناء هذه التجربة التي تسير بها مصر، وفي النهاية سوف يكتب النصر لمصر
والمصريين في الحرب ضد الإرهاب.
وأود هنا أن أشير إلي أن مصر بحاجة إلي « خطة مارشال « جديدة
للنهوض بها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ونحن كمجتمع دولي لا يمكن أن نبيع مصر
والمصريين بألفاظ فضفاضة وشعارات فارغة، فالشعب المصري يريد أن يعيش، ويريد تنمية
حقيقية تنقله إلي حالة الاستقرار، وتقضي علي كل ظواهر العنف والإرهاب التي تتعرض
لها مصر، والحقيقة أن المجتمع الدولي بدأ ــ لأول مرة ـ يقوم بواجباته الكاملة
تجاه مصر من خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي والذي يغطي جزءاً من المطلوب، فضلا عن
أن هناك توجيهاً وترشيداً للقوي البشرية بمصر حتي يكون هناك إيمان أكثر وثقة أكثر
في أن مصر كوطن ودولة من الممكن أن يتعايش فيها الجميع بحرية ومحبة، وأتصور أنه
كلما ارتفع خطر أو تهديد الإرهاب سيرسخ أكثر الشخصية المصرية والريادة المصرية في
مواجهة هذه الأشياء.
ونعود ونكرر أنه ليس العرب فقط هم من يتطلعون إلي استقرار مصر
ونجاحها في معركة الإرهاب، فالعالم كله يتطلع إلي مصر، لأنه لو نجحت مصر في القضاء
علي الإرهاب ستنجح الإنسانية جمعاء في تخطي حالة الانحطاط التي يعيشها عالمنا، وإن
فشلت مصر، فسوف ينغمس العالم كله في عصر الظلمات وقد يكون طويل الأجل.
الثورة الدينية
< مع تنامي ظاهرة الإرهاب، تجددت دعوة تطوير الخطاب الديني علي
الساحة العربية، وفي هذا الإطار خرج الرئيس السيسي ليعلن أننا بحاجة إلي ثورة
دينية لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تشوه صورة الإسلام.. كيف تري هذه الدعوات؟
- بداية لابد من التأكيد علي أن الرئيس السيسي لم يأت من العدم،
ولم يأت من السماء، فهو ابن التجربة المصرية، وهو ابن الربيع العربي، وهو ابن
السعي نحو الحرية، وهذا المخاط الذي يعيشه عالمنا العربي والداعي إلي التجديد
والتطوير بدأ قبل وصول الرئيس السيسي إلي سدة الحكم في مصر، وبرنامج تجديد وتطوير
الخطاب الديني نحن نقول به قبل استلام الإخوان المسلمين السلطة في مصر، وقد أصبحت
عملية التجديد ضرورة في ظل التطورات والتغيرات التي يعيشها العالم من حولنا،
فالحوار داخل الأسرة أصبح مختلفاً، والحوار بين المربي والتلميذ أصبح مختلفاً،
ونمط المجتمع أيضا أصبح مختلفاً، وهذه الأمور كلها تحتم علينا تجديد وتطوير الخطاب
الديني.
والحقيقة أن تجديد الخطاب الديني كان يقال به فقط في الحلقات
العلمية وفي أوساط النخبة، ومن هنا تأتي أهمية دعوة الرئيس السيسي، والذي تجرأ
ونقل هذا الخطاب إلي الساحة العامة، ووضع الجميع أمام مسئولياتهم سواء السلطات
المدنية أو السلطات الروحية، ومن ثم علينا أن ندخل في الحداثة دون الخروج عن
الاصالة التي يتميز بها عالمنا العربي، وقد أعطت دعوة الرئيس السيسي دفعة قوية
وسوف تسرع من عملية الولادة، ولادة خطاب ديني مستنير يتواكب مع متطلبات العصر
ويحافظ علي الاصالة والتراث العربي والإسلامي.
< من منطلق اهتماك وعملك في نطاق السياسات الاجتماعية.. كيف تقرأ
الواقع العربي اجتماعيا ؟.. وماذا عن فكرة العدالة الاجتماعية التي نادت بها ثورات
الربيع العربي التي انطلقت منذ أكثر من أربعة أعوام؟
- العدالة الاجتماعية هي «أقل الإيمان»، وهي تعني التوزيع العادل
لكل موارد وإمكانات الدولة، مما يعني تكافؤ الفرص بين الناس جميعا، ونحن نتطلع إلي
أن يتم «تسميد الإبداع» في مجتمعاتنا لتقوية أركان الاقتصاد وزيادة الفرص المتاحة
حتي يتم توزيعها بشكل عادل، وبالتأكيد هناك مبدعون في عالمنا العربي يستطيعون أن
يغيروا معالم الاقتصاد، وأن ينتجوا ثروات هائلة تحقق العدالة الاجتماعية، والحقيقة
أن المشكلة ليست في عدم وجود سياسات لتطبيق العدالة الاجتماعية، فالسياسات موجودة
في مصر وغيرها من الدول العربية، ولكن ليس هناك استقرار لتطبيق هذه السياسات علي
أرض الواقع، فضلا عن أن الناس لم يستملكوا هذه السياسات، ومن هنا تأتي أهمية
المشاركة المجتمعية، فعندما تهبط علينا السياسات بــ «البراشوت» من الفضاء، وليس
هناك عملية حوار وطني تشترك فيها الفئات القادرة علي التعاون لتطبيق هذه السياسات
فإننا في هذه الحالة نستنسخ فشل الماضي.
اليوم بالمساعدات الضخمة التي تأتي إلي مصر بعد مؤتمر شرم الشيخ
الاقتصادي، سواء إن كانت مساعدات مادية أو مساعدات نوعية عبر التعاون مع القوة
الناعمة من ثقافة وتربية فهذا كله من شأنه أن يفتح مجالاً أكبر للقيادة والحكومة
المصرية لكي تضع ميثاقا اجتماعيا جديدا.
العدالة الاجتماعية
< ترتبط فكرة العدالة الاجتماعية ارتباطاً وثيقا بمفهوم
المواطنة،وقد عُني مؤتمر اليونسكو الذي عقد في القاهرة بمفهوم جديد وشامل للمواطنة
بحيث لا تقتصر علي المحلية وإنما تتجاوز ذلك إلي العالمية.. فماذا تريدون من وراء
هذا المؤتمر الذي حمل عنوان « التربية علي قيم المواطنة العالمية « ؟
- بالتأكيد المواطنة ترتبط بالعدالة الاجتماعية، فالمواطن الذي
لا يصله الخبز لا يشعر بأنه ينتمي إلي وطن، وبالتالي يفتقد معني المواطنة، وفي
عالمنا العربي نحن نتباكي علي غياب المواطنة، والتي قد يجدها المواطن عند جماعات
أخري تواعده بالمن والسلوي، ومن ثم يذهب صوت المواطن في أي انتخابات إلي هذه
الجماعات التي تلبي متطلبات « معدته « وحاجاته المادية، ومن هنا تأتي أهمية
التنمية باعتبارها أحدي أهم دعائم تعزيز مفهوم المواطنة، فالتنمية تتزواج مع
الإنماء، والإنماء بدوره يعطي الولاء، وحتي يشعر الإنسان بالمواطنة لابد أن تحافظ
الدولة علي كرامته وحريته وتلبي في نفس الوقت احتياجاته المادية.
أما المواطنة العالمية فهي مفهوم أعم وأشمل، وهي تهدف إلي تمكين
الناس من الانخراط في نشاطات محلية وعالمية بهدف مواجهة وحل معضلات عالمية، ومن ثم
المساهمة بصورة استباقية في جعل العالم أكثر عدالة وأمنا وسلاما وتسامحا.
كما أننا نهدف من وراء المؤتمر إلي زوال الخوف من العولمة، والقضاء
علي الخوف من المفاهيم العالمية عبر ربطها ذلك كلها بالأصالة العربية والإسلامية،
فالأصالة ليست انكماشا ولا تزمت ولكنها مرتبطة بالتجديد ،ومن ثم علينا كعالم عربي
أن نتجرأ ونقول لدينا طرح معين لمفهوم المواطنة العالمية مرتبط بقيمنا وتراثنا وأصالتنا
العربية والإسلامية، ومن خلال هذا الطرح لا نكون تابعين، ولا تسقط علينا المفاهيم
إسقاطا من بعض النخب العالمية، ونكتفي نحن بأن نردد هذه المصطلحات كالبغبغاء.
حزب الله
< لا يخفي علي أحد أن تداعيات الأزمة اليمنية قد تطول لبنان، بعد
أن خرج حزب الله ليعلن تحيزه لجماعة الحوثيين ورفضه للضربة العسكرية التي توجهها
قوات التحالف العربي ضد معاقل الحوثيين، وبذلك يرتكب حزب الله خطأ آخر إلي جانب
خطأ تدخله في سوريا .. فما تعليقكم ؟
- بداية أعتبر خطوة التحالف العربي خطوة مباركة ومطلوبة ،وكان
هذا الأمر هدفا عربيا منذ تأسيس جامعة الدول العربية، ومن ثم فإن التدخل العسكري
في اليمن تدخل شرعي جاء بناء علي طلب من الرئيس اليمني المنتخب، وهذا التدخل هدفه
أن يحصن طاولة الحوار حتي تجلس جميع الأطراف دون استقواء بالسلاح، وهو أمر يعزز
الديمقراطية التي انطلقت في اليمن والتي جاءت بالرئيس عبد ربه منصور هادي إلي سدة
الحكم.
أما فيما يتعلق بتدخلات حزب الله، فنحن قلنا منذ أن بدأ الحزب
يتدخل في سوريا ان هذا التصرف سوف يجر الويلات علي لبنان لأنه قرار أحادي أخذه
الحزب، ورغم أنه يرفع علم الحزب في سوريا وليس علم لبنان إلا أن تداعيات هذا
التدخل طالت لبنان كلها، فلدينا 20 جندياً لبنانياً مختطفون في سوريا، وهناك قصف
دائم ومستمر للقري اللبنانية التي تقع علي الحدود مع سوريا، مما يدفع أهالي هذه
القري للهجرة داخل لبنان، وهناك 2 مليون سوري بمعدل نصف سكان لبنان ــ يعيشون في
مخيمات علي أرض لبنان، ومن ثم فإن تدخل حزب الله في سوريا يعد خطيئة كبري، فكما لا
يحق للسوريين التدخل في الشأن اللبناني، فلا يحق للبنانيين أن يتدخلوا في الشأن
السوري.
والحقيقة نحن في لبنان نشارك في حكومة مع أناس يقبضون علي السلاح،
وبينما نسعي إلي حلحلة الأمور « بالتي هي أحسن «، يتصرف حزب الله تصرفات أخري،
وأعتقد أن حل المشكلة في لبنان سوف تسقط حزب الله، ولا نريد أن يكون لهذا السقوط
أي تداعيات علي الداخل اللبناني.
وفيما يتعلق بالأزمة اليمنية، أتساءل : ماذا يفعل حزب الله في
اليمن ؟.. هل التزم بمساندة ومساعدة كل الثوار في الدول العربية ؟.. وإذا كان كذلك
لماذا لا يقاتل مع الثوار في سوريا؟.. حزب الله يقول إن لديه أجندة سياسية،
والمسألة ليست سنة أو شيعة، ولكن تصرفات الحزب تقول غير ذلك، وتؤكد أن لديه أجندة
طائفية، فبحجة حماية المقامات الشيعية يتم التدخل في البداية، وبعد ذلك يستخدم كل
رموز المذهب الشيعي لاستنهاض الهمم للذهاب إلي حرب باسم الغيرة علي الدين، ومن ثم
نطالب حزب الله بأن يعود إلي « لبنانيته « وإلي عروبته فهو حزب لبناني كثيرا ولكنه
في نفس الوقت غير لبناني كثيرا.
< تركيا التي تختلف مع إيران في سوريا، ذهبت سريعا إلي طهران
بمجرد أن تم التوقيع علي الاتفاق النووي بين الإيرانيين والغرب بحثا عن مصالح
اقتصادية.. كيف تفسر هذا الموقف؟
- الاتفاق النووي سحب من إيران القدرة علي تحويل القوة النووية
السلمية إلي قوة عسكرية حربية مقابل سلة حوافز اقتصادية تعطي للايرانيين، وتركيا
هي جزء من سلة الحوافز، فالقضية قضية مصالح في المقام الأول، فضلا عن أن تركيا
التي تنتمي إلي حلف الأطلسي وتعول علي أوروبا كثيرا في تجارتها لا يمكن أن تذهب
إلي إيران بمحض إرادتها وبمفردها.