في ندوة القوات عن “مكافحة التطرف ومواجهة عدم الاستقرار في الشرق
الأوسط” من تنظيم “القوات” – العلاقات الخارجية
د. الصايغ: المقاومة هي
المحاربة من أجل الحرية بينما التطرف هو محاربة الحرية
شارك نائب رئيس حزب “الكتائب” الوزير
السابق الدكتور سليم الصايغ في الندوة التي نظّمها جهاز العلاقات الخارجية في حزب
“القوات اللبنانية” بعنوان: “مكافحة التطرف ومواجهة عدم الاستقرار في الشرق
الأوسط”، استضاف خلالها وفداً من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي من ألمانيا، في
المقر العام لحزب “القوات” في معراب..
وتناول د. سليم الصايغ في مداخلته “أسباب التطرف”، فقال:
"ينمو التطرّف ويترعرع عندما
تتقاطع عوامل ذات طبيعة سياسية وإجتماعية وإقتصادية.
سياسيا يرتبط التطرف
بقضية المشاركة في الحياة العامة في أنظمة لم تحسن إدارة التعددية أو الاختلاف،
مما ولّد حالة رفض للحداثة.
وكل ما يأتي من الغرب
يكون يوما رفضا للاستعمار وإسقاط مبادئ ونمط حياة على شعوب ودول لها حضارتها
العريقة،
ويوما آخر رفضا
لليبرالية التي أعلت الانسان الفرد أي المواطن كأولوية في خدمة بناء المجتمع مما
أعطى بعدا ثقافيا وعقائديا له جذوره العميقة في مجتمعات تعلو فيها حقوق الجماعة
على أي حقوق أخرى.
ويوما آخر رفضا
للديمقراطية كنظام سياسي لم يفسح في المجال أمام فرص التعبير الحقيقية أو قدرة
التغيير الواقعية. فشكّلت الديمقراطية بإسم طغيان الأغلبية العددية وسوء حماية
حقوق الأقلية السياسية أو الإثنية أو الدينية أو الثقافية الأرض الخصبة لنمو هويات
مركبة ضمن الوطن الواحد.
أما إجتماعيا، فينمو
التطرّف عندما يتم تحويل الانسان الى كائن مجرّد من إنسانيته ومن تاريخه ومن
ثقافته ومن هو..
فيصبح منتجا لعقد
إجتماعي يعطيه بالحد الأدنى حقوقا ويفرض عليه واجبات من دون الأخذ بعين الإعتبار
الواقع الحقيقي للشوب أو بناء عملية التعاقد من خلال حوار متكافئ بين أطراف العقد،
وينمو التطرّف عندما
يتم تفكيك التماسك الإجتماعي فيغدو التطوّر الإنساني نتيجة عملية من دون ذات موضوع
فيدخل الإنسان في عصر الظلمات جديد يفكك الحضارة ويترك عملية النمو والتنمية
للإدارة التقنية من دون أي أخذ بعين الإعتبار للأبعاد الروحية والعاطفية والثقافية
لتمكين الإنسان والمجتمع.
وهكذا فضلا عن
"الإنسان- الطاقة" أو "الإنسان المجرد من إنسانيته" تنتج
الحداثة إجتماعيا "المجتمع اللاحضاري" و"المجتمع اللاإجتماعي"
وفي ذلك كله تجذير للتطرّف.
أما إقتصاديا فيسود
الشعور عند الكثيرين أن الإنسان أو الجماعة غير قادرة على التعبير أو الارتقاء
لتحكم الإقتصاد بمقدرات الشعوب مما يشكّل نوعا من الحتمية الإقتصادية وتعود بالفرد
الى عقيدة المادية التاريخية وضرورة الصراع كأداة للتعبير، ويؤدي ذلك الى تعطيل
القدرة على الإصلاح ويزيد من فقدان المجتمع دوره على اختراع الحلول واستشراف
المشكلات.
إنطلاقا من هذه العوامل،
تأتي كل الأصوليات الثقافية والدينية والعقائدية لتعطي تبسيطا لحلول تحاكي المطلق
المفقود وتعد بالحلم المنشود.
فالصراع بين
الثقافات هو نوع من الأصولية لا تمت الى الواقع بصلة، والصراع بين الأديان
والمذاهب هو اختصار للصراع بين الحضارة وعدمية الحضارة، والصراع بين الطبقات أو
بين الحداثة ونقيضها هو نقض للحقيقة التاريخية التي تقول غير ذلك، وباختصار إن في
الحداثة أنوار لا تعرف حدودا ولا خطوط تماس...
وبالتالي إن مواجهة
التطرّف لا تكون بتقليده، ولا باللجوء الى الميوعة القاتلة والى العسكرة، وإلا كما
يقول دوستيوفسكي "إن فكرته لم تحرره إنما ابتلعته".
وتابع ”ان
هناك خيطاً رفيعاً بين المقاومة والعنف، فالمقاومة هي المحاربة من أجل الحرية
بينما التطرف هو محاربة الحرية، وهذه الظاهرة ليست فقط ضمن منطقة الشرق الأوسط
إنما تعدّته الى العالم كله.”…
واشار
الى “أننا في طور ابتكار الطريقة الأفضل أو المثلى لمكافحة الارهاب والتطرف، اذ
يمكن ان تكون مكافحته بالطرق العسكرية العادية ولكن هذه الطريقة لن تؤدي إلا على
عودة الارهاب فيما بعد.…”
واقترح
د. الصايغ خمس خطوات عملية تساهم في مكافحة الارهاب والتطرف وهي:” خلق مساحة
للحوار باعتبار ان محاربة العنف بالعنف لن تؤدي الى نتيجة، ولبنان هو مساحة ومثال
للحوار، تطوير طرق اندماج الناس في عملية الحوار، تحويل النوايا الى مبادرات،
اعادة خلق الديمقراطية الأمر الذي يحتاج الى تضافر الجهود من قبل كل مكونات
العالم، وقبول التغيّر القسري للديمقراطية عبر قبول الآخر واندماجه في المجتمع. …”
____________________________