د. الصايغ متحدثا في ندوة عن كتاب ريتا شرارة لبنان الوطن الملتبس
2016الثلاثاء 23 شباط
عقدت في مبنى المجلس العام الماروني في منطقة المدور، ندوة حول كتاب العضو في المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع الزميلة ريتا شرارة "لبنان الوطن الملتبس". ادار الندوة نائب رئيس المجلس سابقا ايلي الفرزلي، وشارك فيها نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ، العضو في تيار "المستقبل" النائب السابق مصطفى علوش والامين العام للشؤون الخارجية في مجلس النواب بلال شرارة وحضرها الرئيس حسين الحسيني، النائب مروان فارس، الوزيران السابقان ادمون رزق وجو سركيس، النقيب السابق للمحامين عصام كرم.
وقال د. الصايغ في كلمته أن السؤال المطروح في هذا الكتاب يدور حول كيفيّة معالجة أزمة الصراع بين إنتماءين: واحد للوطن وآخر للمعتقد، في عصرٍ تتداخل فيه المفاهيم وتتعدّد الولاءات وتتصلّب الانتماءات.
ولأنّ قيمة الكتاب تكمن في جرأة الباحثة على تسمية الأشياء بأسمائها وموضوعيّتها، إذ إنّ هذا العمل هو بحثٌ علميٌّ بكلّ ما للكلمة من معنى ومنهجيّة طرحها الذي ارتكز على مناهج التربية كأساسٍ للانطلاق نحو تفسير المبطن والمعلن في السياسات التربويّة الفئويّة.
لذلك، يصبح كلّ من يريد تقديم نقدٍ لهذا العمل عرضة لتهم التقصير والإجتزاء والإختصار لأسبابٍ تخفيفيّةٍ لها وحتى لو كانت متعلّقةً بضيق الوقت وتفادي الإطالة.
من هنا، سأكتفي بالتطرّق الى الموضوع عبر إنطباعاتٍ تركها في هذا البحث وهي خمسة:
1- التوفيق بين التربية المدنيّة/ الوطنيّة والتربية الحزبيّة
2- التوفيق بين الدولة المدنيّة وقانون طائفيّ للاحوال الشخصيّة
3- النضاليّة بين العولمة والقولبة المجتمعيّة
4- العنف في التربية الحزبيّة
5- التواصل الثقافيّ وقبول الآخَر المختلِف
وشرح أن "في لبنان الوطن المتنوع بامتياز والمكون اصلا من مجموعات ثقافية مختلفة لديها رابط معنوي او ديني او عاطفي مع مراجع خارجية يستطيع المواطن الشعور بالانتماء الى اكثر من مكان".
وفي المحور الثاني، رأى أن "الكاتبة اجرت قراءة واضحة لتطور النمو الوطني في لبنان الذي لا يزال في طور النضوج من العشيرة الى القبلية فالمجتمع"، وأفاد أن التأخر في الوصول الى مرتبة المجتمع الوطني يعود الى القانون الطائفي للاحوال الشخصية. وغدت الاحزاب، على أهمية افكارها وعقائدها، اسيرة المجتمعات الضيقة اي الطائفية مما ولد حالة ازدواجية بين الفكر والاداء، وبين الكلام للداخل والكلام للخارج، وكلام للعصبية وآخر للميثاقية".
وفي المحور الثالث، اعتبر أن "الامر الذي تعانيه مجمل الاحزاب كجزء من محنة العقل في مجتمعنا هو تراجع الفكر النقدي، تربية وممارسة"، لافتا الى ان "العقل السياسي والاجتماعي تقهقر كثيرا في اكثر الدول تقدما نتيجة سرعة المتغيرات الناتجة عن انتهاء الحرب الباردة وبروز الارهاب وتهميم العولمة وآثارها على كثير من المفاهيم والوظائف السياسية. لذا ان مراجعة وظيفة الاحزاب السياسية والتربوية تتطلب عملية نقدية علمية في داخل المؤسسة الحزبية لاعتلام مكامن الخطأ والصواب، ومن بعدها يتم تأهيل العمل النضالي كعمل يسعى الى التخطي لبناء المجتمع الوطني الدامج".
وفي المحور الرابع، يقول ان "اجتثاث العنف يبدأ بعودة حصرية استعمال القوة الى الدولة اي الى السلطة المنتخبة. وطالما ان البعض يعتقد ان الاحتكام الى العنف هو افضل الطرق لتحقيق العدالة كما للدفاع عن كيانية الحزب او الطائفة او المجتمع تبقى مسألة بناء تربوية وطنية سوية وحل جميل مع وقف التنفيذ".
وشكل آخر محاور الجلسة مناسبة استحضرها الصايغ من المطران غريغوار حداد الذي قال ب "العلمانية الشاملة وهي نظره علماني مؤمنة لانها تحرير للانسان والله فيلتقيان كحقيقتين مطلقتين ينتظم المجتمع ويترتب الوطن لخدمتهما".
وختم: "هذا العقد هو عقد التقارب بين الثقافات، وبحسبي ان المطلوب في لبنان الوطن والرسالة، تخطي التعاطف والقبول بالآخر المختلف لبلوغ درجة الاندماج الثقافي حيث المسيحي فيه جزء من العالم الاسلامي والمسلم فيه جزء من العالم المسيحي". وبرأيه ان "هذا التثقاف يتطلب اساتذة رسلا وجامعات رسولية ليحملوا سوية مشروع لبنان الرسالة".
وفي الكلمة الكاملة:
جمع هذا
الكتاب بحثًا معمّقًا عبر إحاطةٍ شاملةٍ لإشكاليّةٍ معاصرةٍ ومعقّدةٍ.
فالسؤال
المطروح في هذا الكتاب يدور حول كيفيّة معالجة أزمة الصراع بين إنتماءين: واحد
للوطن وآخر للمعتقد، في عصرٍ تتداخل فيه المفاهيم وتتعدّد الولاءات وتتصلّب
الانتماءات.
ولأنّ قيمة
الكتاب تكمن في جرأة الباحثة على تسمية الأشياء بأسمائها وموضوعيّتها، إذ إنّ هذا
العمل هو بحثٌ علميٌّ بكلّ ما للكلمة من معنى ومنهجيّة طرحها الذي ارتكز على مناهج
التربية كأساسٍ للانطلاق نحو تفسير المبطن والمعلن في السياسات التربويّة الفئويّة.
لذلك، يصبح كلّ
من يريد تقديم نقدٍ لهذا العمل عرضة لتهم التقصير والإجتزاء والإختصار لأسبابٍ
تخفيفيّةٍ لها وحتى لو كانت متعلّقةً بضيق الوقت وتفادي الإطالة.
من هنا، سأكتفي
بالتطرّق الى الموضوع عبر إنطباعاتٍ تركها في هذا البحث وهي 5:
1-
التوفيق بين التربية
المدنيّة/ الوطنيّة والتربية الحزبيّة
2-
التوفيق بين الدولة
المدنيّة وقانون طائفيّ للاحوال الشخصيّة
3-
النضاليّة بين العولمة
والقولبة المجتمعيّة
4-
العنف في التربية
الحزبيّة
5-
التواصل الثقافيّ
وقبول الآخَر المختلِف
اوّلًا:
التوفيق بين التربية المدنيّة/ الوطنيّة والتربية الحزبيّة
لقد حدّدتِ
الكاتبة المفاهيم المتعلّقة بالولاء السياسيّ والانتماء والاتّجاه. ونستطيع ان
نستنتج معها ان ليس هناك من صراعٍ بين انتماءين عندما يكون الانتماء غير مناقضٍ
لمفهوم الوطن.
فالمسألة
برأينا ليس في ازدواجيّة الانتماءات في عصرٍ يحمل فيها الكثير جنسيّات متعدّدة،
ويتفاعل فيه وعي الاقليّات ويبرز التنوّع الثقافيّ كرمزٍ من رموز الحداثة. وفي
لبنان الوطن المتنوّع بامتيازٍ، المكوّن اصلًا من مجموعاتٍ ثقافيّة مختلفة لديها
رابط معنويّ او دينيّ او عاطفيّ مع مراجع خارجيّة يستطيع المواطن الشعور بالانتماء
الى اكثر من مكان. وما يصحّ هنا يصحّ كذلك في بلدان كثيرة هي في قمّة التقدّم
والتطوّر ينسحب هذا المنطق على الاحزاب التي وصفتها الكاتبة بالكيانيّة وهي
الكتائب اللبنانيّة، القوات اللبنانيّة، المردة، حركة امل وتيّار المستقبل. وفي
هذا الاطار يعتنق الحزب مفهوم الوطن- الميثاق وتاليا لا يوجد أيّ تناقض بين
الانتماءين.
وهذه ليست حال
الاحزاب الوحدويّة مثل حزب الله، القوميّ الاجتماعيّ والبعث التي تعتبر انّ الساحة
اللبنانيّة ليست الّا واحدة من الساحات لتحقيق غاية الايديولوجيا. فعندما تصبح
الاحزاب اكبر من بلدها لانّها تستخرج ماهيّة نظامها من الفضاء الارحب اقليميّا او
عالميّا يصبح الانتماء الى "خارج" الوطن اهمّ وابدى من الانتماء الى
"داخل" الوطن.
من هنا تبرز
مسألة الولاء للوطن وللحزب وارتباطها الوثيق باولويّة الانتماءات.
ولا بدّ هنا
من الاستنتاج ان هناك احزابا غدت بطريقة واعية او موضوعيّة على ضفاف الوحدويّة كما
وصفتها الكاتبة، مثل التقدميّ الاشتراكيّ والديموقراطيّ والجماعة الاسلاميّة والتيّار
الوطنيّ الحرّ. فالتموضع السياسيّ الوثيق الى جانب حزب الله جعل مثلا من التيّار
الوطنيّ الحرّ في موقعٍ فضّل فيه الإنتماء الى نظرة تحالف الاقليّات وتغطية
الانغماس في سوريا وتلازم بقاء سلاح المقاومة مع بقاء اسرائيل. إنّ هذه الوحدويّة
الموضوعيّة او اللاواعية تؤدّي الى ضبابيّة في مقاربة التربية المدنيّة/ الوطنيّة
وقد لا تحسم مفاهيم إلّا بعد ان تحسم سياسيّا.
ثانيا:
التوفيق بين الدولة المدنيّة وقانون طائفيّ للاحوال الشخصيّة.
ان الجرأة
التي تحلّق بها الكاتبة في معالجة مواضيعها تؤدّي الى قراءة واضحة لتطوّر النموّ
المواطنيّ. ويبدو لبنان انّه لا يزال في طور النضوج من العشيرة الى القبليّة
فالمجتمع.
فالمجتمع بشكل
عام هو الذي يتكوّن عند دمج العادات والتقاليد والديانات والمعتقدات والثقافات لدى
العائلات والعشائر والقبائل والهدف هو التآلف والانتظام على اساس القيم المشتركة
والمصالح المتبادلة والرغبة في تخطّي الخصوصيّات المبنيّة على الحقّ في الاختلاف
لبناء مجتمع متميّز يقوم على واجب التلاقي والتشارك والتعاطف والتسامح.
الّا انّ هذا
التأخر في الوصول الى مرتبة المجتمع الوطنيّ الدامج للبقاء أجواء العائلة والعشيرة
والقبيلة يعود الى القانون الطائفيّ للاحوال الشخصيّة. فهو الذي كوّن الى حدّ بعيد
مجتمعات طائفيّة المبنى والمحتوى بعيدة عن المجتمع الوطنيّ المنشود.
وعندما كبرت
الدولة اللبنانيّة في الخمسينيّات والستينيات تمّ الدفع من قبل معظم الاحزاب
السياسيّة في اتجاه الغاء القانون الطائفيّ للاحوال الشخصيّة واما الى اعتماد نظام
اختياريّ يقرّر المواطن طريقه لممارسة خصوصيّة من دون إعتراض او نقض من قبل المجتمع
الخاص الطائفيّ.
ولانّه لا بدّ
لهذه العمليّة ان تحرّر الفرد من طغيان الجماعة وان تفسح له المجال باعادة صياغة
طريقة التزامه بخصوصيّته ولكن ضمن مجتمع وطنيّ دامج، الّا انّ الحرب جاءت لتفعل
فعلها في تطوّر هذا القانون ممّا جمّد عمليّة التطوّر المجتمعيّ واعاد الفرد الى
مرحلة نشوء الانتظام الاجتماعيّ بحيث عاد ليكون اسيرا للعائلة والعشيرة والقبليّة
والمجتمع الضيّق بدلا من التحرّر لبلوغ آفاق المجتمع الارحب، المجتمع الوطنيّ.
فغدت الاحزاب
على اهميّة افكارها وعقائدها اسيرة للمجتمعات الضيّقة يعني المجتمعات الطائفيّة ممّا
ولّد حالة ازدواجيّة بين الفكر والاداء، بين الكلام للداخل والكلام للخارج، كلام
للعصبيّة وكلام آخر للميثاقيّة وتاليا عن ايّ تربية مدنيّة/ وطنيّة تتكلم في اجواء
يبصر فيها الانسان الحياة ويتزوح وينجب ويرث ويتطلّق ويموت محكوما بتربية طائفيّة
ولا اقول دينيّة تعتبر ان الحقّ الانسانيّ الاساس يتمّ الحصول او التنازل عنه بحسب
قانون الجماعة الذي يشكّل المرجعيّة الوحدويّة للمواطن.
ثالثا:
النضاليّة بين العولمة والقولبة المجتمعيّة
لا بدّ هنا من
الملاحظة عند قراءة الدكتورة ريتا شرارة الى دقّة معالجتها مسألة المادّة النضاليّة
عند الاحزاب واستطرادا تشكّل عندي الانطباع الى ان الامر الذي تعاني منه مجمل
الاحزاب كجزء من محنة العقل في مجتمعنا وهو تراجع الفكر النقديّ تربية وممارسة.
وقد نذهب
للتخفيف عن تحميل وطننا وشعبنا بعضا من الاثقال، لنقول انّ العقل السياسيّ والاجتماعيّ
قد تقهقر كثيرا في اكثر البلدان تقدّما. ويعود هذا الانحدار الى سرعة المتغيّرات
الناتجة عن انتهاء الحرب الباردة وبروز الارهاب وتعميم العولمة وآثارها على كثير
من المفاهيم والوظائف السياسيّة.
فالعولمة مثلا
ادّت الى بروز مفهوم المواطنة العالميّة ممّا اعاد طرح مفهوم الهويّة الثقافيّة
كردّ فعل او كنتيجة للهويّة الانسانيّة الشاملة. فتبدو الخصوصيّة محميّة ثقافيّة
يتمّ التعبير عنها جماعيّا والعالميّة محمية انسانيّة مفتوحة للتألّق الفرديّ.
وتاليا تغيّرت مفاهيم الوطن ووظيفة الدولة وكذلك وظيفة الاحزاب.
ولكي تبقى
وتستمرّ، تحوّلت الاحزاب في اكثر الاحيان الى الوظيفة الخدماتيّة الآنيّة البعيدة
عن النضال المبدئيّ لتؤدّي مجرّد عمل سياسيّ مرحليّ يرتكز على تراكم التكتيك علّه
يعطي فيما بعد فرصة استراتيجيّة ويفتح آفاقا جديدة. هذا التطوّر هو من سيمات العولمة
والاقتصاد الجديد.
وقد فعل فعله في
طريقة ادارة الشركات الحديثة وكيفيّة ادارة الحروب والجيوش. ولكن هذا المنطق
برأينا لا يصحّ في اعادة بناء الاحزاب في زمن المتغيّرات لانّ الاحزاب هي اكثر من
ديناميّة جماعيّة واكثرمن تاريخ مشترك بالرغم من انجازاته ومحطّاته، وهي ليست
طرائف او ديانات تعلو فيها عبادة الصنم او الرمز او الشخص فوق كلّ اعتبار آخر. انّ
احزاب عصر العولمة، ومنها الاحزاب اللبنانيّة، بحاجة لان تكون على تماس مع آمال
وطموحات الناس من ناحية، وان تكتب معهم ولهم عناوين المصلحة المشتركة وبالحلم
المشترك.
والّا لاصبحت
احزابا سلطويّة فقط، انتخابيّة النمط، متحجّرة القلب وانتهازيّة الاداء وقمعيّة
التصرّف الغائيّة المنطق، احتكاريّة الفكر وغير قادرة الّا ان تخدم نفسها فتغدو
كما يظهر الماضي لنا خطرا على الكيان والديموقراطيّة والمواطن لتأمين استمراريّتها.
وعندما تظهر
الاحزاب انّ كيانيّتها ليست فقط كيانيّة الوطن انما كيانيّة المجتمع الاضيق
الطائفيّ النوع يصبح استمرار الحزب له الطابع الوجوديّ لكلّ الطائفة وتاليا يسهل
في هذا المنطق تغليب الحزب على الوطن. اذ لا وطن من دون الطائفة وتاليا لا وطن من
دون حزب.
انّ هذا التسبيط
كان ليصحّ لو انّ الاحزاب قد اعطت النموذج الصالح في الحوكمة الرشيدة وبناء
المواطن المثاليّ. انّ مراجعة وظيفة الاحزاب السياسيّة والتربويّة تطلب عمليّة
نقديّة علميّة في داخل المؤسّسة الحزبيّة لاعتلام مكامن الخطأ والصواب ومن بعدها
ومن بعدها فقط يتمّ تأهيل العمل النضاليّ كعمل يسعى الى التخطّي لبناء المجتمع
الوطنيّ.
رابعا: العنف
في التربية الحزبيّة
قد نكون في
حاجة الى دراسة متخصّصة عن التربية في الاحزاب لاستخراج العنفيّة الكلاميّة
والماديّة واعتماد مقاربة اصلاحيّة لها والعمليّة ليست سهلة انّما المغامرة تستحقّ
عندها الابحار. في الواقع انّه عندنا في لبنان حزب مسلّح ومعه تحالف من احزاب مسلّحة
اقوى من الدولة ومؤسّساتها وتخدم مصالحها او مصالح الوطن كما تراها هي حتّى لتبدو
العائلة والمجتمع والوطن فروعا تابعة لها. فاجتثاث العنف يبدأ بعودة حصريّة
لاستعمال القوّة الى الدولة اي الى السلطة المنتخبة. هكذا تبنى الدول وعلى هذا
التعهّد يتمّ القبول بها في منظومة الدول. وطالما انّ البعض يعتقد انّ الاحتكام
الى العنف هو افضل الطرق لتحقيق العدالة كما للدفاع عن كيانيّة الحزب او الطائفة
او المجتمع تبقى مسألة بناء تربية وطنيّة سويّة حلّ جميل مع وقف التنفيذ.
خامسا:
التواصل الثقافيّ
انّ الردّ على
مسألة مصادرة الاحزاب او بعضها الفضاء العام خارج المدرسة او الجامعة وداخلها يكون
عبر "اعتماد مبدأ المسؤوليّة المجتمعيّة لدى المؤسّسة التربويّة او مبدأ
"المؤسّسة التربويّة المواطنة".
هل هذا ممكن
وكيف؟ هل من الممكن ان تقود التربية عمليّة بناء الانسان بمعزل عن القرار السياسيّ/
الطائفيّ الرافض لتحرير الانسان من الطائفيّة/ المجتمع الضيّق وتقريبه من الايمان
الحق/ المجتمع الوطنيّ؟
تحضرني هنا
روح وافكار المطران غريغوار حداد الذي قال بالعلمانيّة الشاملة وهي بنظره علمانيّة
مؤمنة لانّها تحرير للانسان وتحرير لله، فيلتقيان كحقيقتين مطلقتين ينتظم المجتمع
وتترتّب الوطن لخدمتهما. واطال الله بعمر البابا فرنسيس الذي اعاد الاعتبار
للايمان الباطنيّ حيث يسير الانسان فيه على دروب الحقّ واحقاق الفضيلة من دون ان
يدرك انه بذلك يتلو قانون الايمان.
انّ هذا العقد
هو عقد التقارب بين الثقافات، وحسبي انّه في لبنان الوطن والرسالة المطلوب تخطّي
التعاطف والقبول بالآخَر المختلّ لبلوغ درجة الاندماج الثقافيّ حيث المسيحيّ فيه
جزء من العالَم الاسلاميّ والمسلم فيه جزء من العالَم المسيحيّ. انّ هذا التثاقف
المطلوب تربويّة يتطلّب اساتذة رسل وجامعات رسوليّة ليحملوا سويّة مشروع لبنان-
الرسالة.