وسام فرنسي للأب جورج حبيقة في جامعة الكسليك
الوزير د. الصايغ: عرف النبوغ اللبناني كيف أن يتصالح مع الأضداد من خلال التناغم في التماسك
منحت الجمهورية الفرنسية نائب رئيس جامعة الروح القدس - الكسليك للعلاقات الدولية الأب البروفسور جورج حبيقة وساما رفيعا من رتبة ضابط في جوقة السعف الأكاديمية وقلد سفير فرنسا دوني بييتون الأب حبيقة، باسم الجمهورية الفرنسية، شارات الوسام في حفل رسمي أقيم في جامعة الروح القدس، بدعوة من رئيسها الأب الدكتور هادي محفوظ، في حضور المطران بولس منجد الهاشم ممثلا البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي طنوس نعمة، والمطران منصور حبيقة، وحشد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين والسفراء، ومحافظ الجنوب نقولا بوضاهر، والمدبرين العامين في الرهبانية والآباء والعسكريين والتربويين والفنانين، إضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة وعائلة الأب حبيقة وحشد من أهالي قرية الميدان في قضاء جزين مسقط رأس الأب حبيقة، مختار البلدة مارون حبيقة، رئيس البلدية أنطوان عواد وأصدقاء.
حبيقة
بعد النشيدين الفرنسي واللبناني، كانت كلمة ترحيبية لعريفة الحفل الدكتورة سمر الحاج، ثم تحدثت الآنسة نيكول حبيقة، ابنة شقيق الأب حبيقة، التي أعربت عن فرحها الشديد وفرح عائلتها لحضور هكذا حفل مرموق أقيم على شرف عمها. وسلطت الضوء على تشديد عمها على "ضرورة تنمية الإنسان ككل في تعددية أبعاده، وبخاصة الروحية والفكرية. أما بالنسبة إلى أمثولات الأب حبيقة في الفلسفة، فمن المستحيل أن أنسى دروسه الفلسفية حيث كان يستشهد بجملة رومان رولان الشهيرة ألا وهي:علينا أن نوفق بين تشاؤم الفكر وتفاؤل الإرادة. فيفسر لنا كيف أن عبثية الإنسان وجنونه يحولان الزمن المعطى له ليحقق ذاته بالفرح والسعادة، إلى تاريخ مأساوي. غير أن الإنسان مسلح بإرادة تمكنه من دفع الأمور في اتجاه معاكس. من هنا تفاؤل الإرادة. وإذا اقترنت إرادة التغيير بالرجاء المسيحي، الذي يتضاعف قوة وزخما في المحن والمصائب، عندها يصبح بمقدور الإنسان أن يدوزن حياته على الزمن الآتي، زمن التحاب، زمن التلاقي والمشاركة والسلام الأبدي".
حبيقة
بدورها ألقت الآنسة يارا حبيقة، إبنة شقيق الأب حبيقة، كلمة أخبرت من خلالها الحضور كيف اختار الأب حبيقة اسمها وكان قد استوحاه من التراث الفينيقي القديم ليظهر تجذر العائلة في بلدها لبنان. وتحدثت عن أمثولات عمها في الفلسفة الإغريقية "حيث كان يشدد على مبدأ التعارض الذي يتحكم في أساسات الوجود والحياة وعن القوة السالبة ودورها كعامل محفز ومجدد وأساسي في تطور المجتمعات".
معالي د. الصايغ
وألقى الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ كلمة قال فيها: "من أصعب الأمور أن يقف رجل العلم أمام رجل الإيمان والفلسفة ليعبر عن رأيه في فكره". واستشهد بالعديد من المقتطفات من أعمال الأب حبيقه الفلسفية، مشيرا إلى أنه "من خلال الإصرار على حق الإختلاف، تؤيد أعمال الأب حبيقه المواطنة المتفاوتة والديموقراطية التوافقية. لقد عرف النبوغ اللبناني كيف أن يتصالح مع الأضداد من خلال التناغم في التماسك".
وخلص إلى "أنه من خلال الإعتراف بمساواة الجميع، يجب على الجميع أن يحظوا بالفرص ذاتها من أجل تطوير الأنا الحقيقية. عبر هذا التطوير الشامل للانسان، والأنا الحقيقية في الفروقات الطبيعية، يمكن بناء أمة للانسان وكرامته وحقه في الإختلاف".
معالي د. قطار
أما الوزير السابق د. دميانوس قطار فقال:"على الرغم من كوني رجل أرقام وعلى الرغم من تأثير العولمة واللغة الإنكليزية، فأنا اليوم ما زلت ملتزما بالفرنكوفونية وعلى علاقة وثيقة بالقيم التي تجسدها الثقافة الفرنسية، والفضل في ذلك يعود إلى علاقتي بالأب جورج حبيقه".
ولفت إلى أن "للأب حبيقه قناعة واضحة: إن الشعب بحاجة إلى المصالحة مع تاريخه من أجل صياغة وحدة وطنية"، منوها ب"مسيرته الأكاديمية الطويلة التي ترتكز على الإيمان وعلى الإشراق الثقافي الغني بالفلسفة".
ورأى أن "دفاعه المستمر عن الحرية على الرغم من صعوبتها، وإصراره على إيلاء الأولوية للديموقراطية على الرغم من عجزها، ألهم جيلا من الشباب ومن بينهم جيل رجال السياسة الذي أنتمي إليه".
وختم: "على الرغم من الأحداث السوداء التي تحيط بنا، نغتنم هذه الفرصة اليوم لتعزيز علاقتنا مع فرنسا، مع ثقافتها وأبنائها. إذا صادفنا مواطنا يبشر بالحرية والمساواة، نقول إنه حتما فرنسي. إذا صادفنا مواطنا يبشر بالتوافق والتنوع، نقول إنه ربما لبناني. لكن حين نصادف لبنانيا يحمل الجنسية الفرنسية، وهو علاوة على ذلك كاهن، لا يمكننا إلا أن نقول أنه إنساني".
شلهوب
وأشادت رئيسة معهد الدكتوراه في الجامعة البروفسورة نيكول شلهوب في كلمتها بمواهب الأب حبيقة المتعددة، وقالت:"أن يكون فيلسوفا متفرغا، وعلى وجه التحديد متخصصا في فلسفة ليسنغ، وأكثر من ذلك عالم بفقه العديد من اللغات، لم يمنعه من أن يكون في الوقت عينه فنانا متعدد المواهب: منذ أن يضع يديه على كلمات اللغة الفرنسية، لا ينفك عن عجنها وتلوينها بهدف نحت الجمل ورسم الأفكار وتزويدها بالأجنحة وإيصالها للآخرين بفضل صوت التينور الذي يملكه. فهو يتمتع بأقصى أحاسيس الفن والتواصل والطبيعة والحياة". واعتبرت"أنه سواء من خلال التعليم أو الأبحاث أو الكتابة أو الإدارة أو علاقته بالآخر، من خلال حياته اليومية العادية أو في أهم المناسبات، يعرف كيف يغرس نكهة التميّز والأصالة".
الأب محفوظ
ثم ألقى رئيس الجامعة الأب الدكتور هادي محفوظ كلمة اعتبر فيها "أن هذا الوسام يشكل اليوم محطة ذات أهمية كبيرة في المسيرة الفكرية والأكاديمية والجامعية للأب حبيقه الذي لطالما سعى إلى نشر قيم الثقافة الفرنسية وتعزيزها. كما يشكل شرفا في تاريخ جامعة الروح القدس والرهبانية اللبنانية المارونية".
وتوجه إلى الأب البروفسور حبيقة قائلا:"أتمنى لك لحظات بهذه الأهمية حيث تكون محاطا بإعجاب ومحبة أقربائك وأصدقائك وزملائك وحيث تمنحنا فرصة فرح وفخر تضفي معلما آخر على مسيرتنا نحو التفوق".
السفير بييتون
من جهته، أشار السفير بييتون إلى "أنه بالنسبة إلى السفارة الفرنسية يتعلق الأمر بأهمية إبراز مدى إصرار السلطات الفرنسية على تكريم كل من يكرس حياته لتطوير وتعزيرالتعاون الفرنكوفوني في لبنان"، لافتا إلى "أن هذه السعف الأكاديمية قد أبصرت النور على يد نابوليون سنة 1808، وهي تشكل اليوم أحد أرمق وأقدم امتياز تمنحه فرنسا. وتخصص لتكريم الأشخاص الذين قدموا خدمات ذات أهمية كبرى في أحد المجالات المنوطة بالتربية الوطنية والتعليم".
وسلط الضوء على مسار الأب حبيقة المهني، بدءا من دراسته الثانوية وصولا إلى حيازته دكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون، بالإضافة إلى تأليفه العديد من المنشورات العلمية. كما أشار إلى نقطة مهمة لطالما تطرق إليها الأب حبيقة ألا وهي الحوار بين الأديان والعلاقة بين الطائفية والديمقراطية.
وختم قائلا: "إن مسيرتك المهنية في لبنان والتزامك قد ساهما في تكوين جيل من الطلاب متعلق بفرنسا ولغتها. فعزمك على جمع شركاء فرنسيين لتطوير وخلق شراكات فرنكوفونية جديدة يساهم في تعزيز البحث اللبناني في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية ليبلغ أسمى مستوياته. من خلال كل المقاربات لفكرك الغني والمتشعب، انتهيت إلى استخلاص الفكرة التالية، إنك موهبة فكرية خارقة ومبدعة، بالإضافة إلى طباعك الدمثة والمحببة ومهارتك في فن الفكاهة الراقية. فإن كان لي أن أتمنى شيئا، فهو أن أحظى بصداقتك".
الأب حبيقة
وبعدما قلده السفير بياتون الوسام، ألقى الأب حبيقة كلمة قال فيها: "كيف لي أن أخفي تأثري الشديد في هذا الاحتفال المهيب؟ كيف لي أن أخفي مشاعري حين أرى سنوات من العمل الشاق والدؤوب تمر أمام ناظري؟ مسيرة طويلة ومتشعبة، انطلقت من قرية الميدان، مسقط رأسي في قضاء جزين، وحطّت رحالها في الرهبانية اللبنانية المارونية العريقة، وبلغت أوجها في جامعة السوربون - باريس. إنه لطريق وعر وشاق، آسر وغني".
وأضاف:"إن المخزون الثقافي المشترك من القيم الإنسانية والذاكرة التاريخية بين الشعبين اللبناني والفرنسي يلقي بمرساته في قرون عديدة من المصير الواحد. ومصداقا على ذلك، أستحضر التصريح التاريخي الذي أدلى به شارل ديغول في مطار بيروت، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية: "إن اللبنانيين، الأحرار والأبيين، إنما هم الشعب الوحيد في تاريخ العالم الذي لم يتوقف يوما قلبه عن النبض على نبضات قلب فرنسا".
وتابع:"ونسأل هنا بحق، لماذا هذه الاستماتة في الدفاع عن الفرنكوفونية، في وقت تتمتع البشرية قاطبة بأداة لغوية دولية تتناسب وضرورات التلاقي والتواصل والتجارة الدولية والأبحاث العلمية والتكنولوجيا؟ إن دفاعنا عن الفرنكوفونية هو دفاع عن التنوع والغنى والحرية والحياة. فالخطر الأكبر الذي يحدق بنا اليوم بسبب العولمة الراهنة يكمن في هذا الانزلاق التدرجي إلى إلغاء الفروقات وصهرها في بوتقة ثقافية واحدة. وكما كانت الفلسفات اليونانية تنطلق من هيكلية الجسد البشري لتضع تصورا لأكمل تصميم إداري للمدينة الفاضلة والمثالية، كذلك علينا أن ننظر إلى سر الحياة الذي يأخذ من جسدنا مدى مميزا لتمظهره. هل أمعنا النظر في وظيفة كل عضو وكل خلية، وكيف يتم التكامل والتناسق في التمايز؟ إذا انصهر جسدنا وأصبح عضوا واحدا، هل يبقى حيا؟ ألا تهجره الحياة وتدعه أشلاء هامدة ترتع فيها سكينة الموت؟ الحياة لا تسكن إلا في التنوع. والأحادية الثقافية موكب جنازة الحياة والإبداع".
وختم:"إن هذا التوحيد اللغوي، وبالتالي الثقافي يلغي الحرية، وذلك لسبب بسيط وهو أنه لا يمكن ممارسة الحرية إلا في خيارات متعددة. وبالتالي فإن الأحادية الثقافية لا يمكن إلا أن تؤدي إلى ضمور الفكر وخنقه وإفقاره. لهذه الأسباب مجتمعة، نناضل في جامعة الروح القدس من أجل تعزيز مكانة الفرنكوفونية وتوطيدها كضامن للتنوع والغنى والحرية والحياة"
الوزير د. الصايغ: عرف النبوغ اللبناني كيف أن يتصالح مع الأضداد من خلال التناغم في التماسك
منحت الجمهورية الفرنسية نائب رئيس جامعة الروح القدس - الكسليك للعلاقات الدولية الأب البروفسور جورج حبيقة وساما رفيعا من رتبة ضابط في جوقة السعف الأكاديمية وقلد سفير فرنسا دوني بييتون الأب حبيقة، باسم الجمهورية الفرنسية، شارات الوسام في حفل رسمي أقيم في جامعة الروح القدس، بدعوة من رئيسها الأب الدكتور هادي محفوظ، في حضور المطران بولس منجد الهاشم ممثلا البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي طنوس نعمة، والمطران منصور حبيقة، وحشد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين والسفراء، ومحافظ الجنوب نقولا بوضاهر، والمدبرين العامين في الرهبانية والآباء والعسكريين والتربويين والفنانين، إضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة وعائلة الأب حبيقة وحشد من أهالي قرية الميدان في قضاء جزين مسقط رأس الأب حبيقة، مختار البلدة مارون حبيقة، رئيس البلدية أنطوان عواد وأصدقاء.
حبيقة
بعد النشيدين الفرنسي واللبناني، كانت كلمة ترحيبية لعريفة الحفل الدكتورة سمر الحاج، ثم تحدثت الآنسة نيكول حبيقة، ابنة شقيق الأب حبيقة، التي أعربت عن فرحها الشديد وفرح عائلتها لحضور هكذا حفل مرموق أقيم على شرف عمها. وسلطت الضوء على تشديد عمها على "ضرورة تنمية الإنسان ككل في تعددية أبعاده، وبخاصة الروحية والفكرية. أما بالنسبة إلى أمثولات الأب حبيقة في الفلسفة، فمن المستحيل أن أنسى دروسه الفلسفية حيث كان يستشهد بجملة رومان رولان الشهيرة ألا وهي:علينا أن نوفق بين تشاؤم الفكر وتفاؤل الإرادة. فيفسر لنا كيف أن عبثية الإنسان وجنونه يحولان الزمن المعطى له ليحقق ذاته بالفرح والسعادة، إلى تاريخ مأساوي. غير أن الإنسان مسلح بإرادة تمكنه من دفع الأمور في اتجاه معاكس. من هنا تفاؤل الإرادة. وإذا اقترنت إرادة التغيير بالرجاء المسيحي، الذي يتضاعف قوة وزخما في المحن والمصائب، عندها يصبح بمقدور الإنسان أن يدوزن حياته على الزمن الآتي، زمن التحاب، زمن التلاقي والمشاركة والسلام الأبدي".
حبيقة
بدورها ألقت الآنسة يارا حبيقة، إبنة شقيق الأب حبيقة، كلمة أخبرت من خلالها الحضور كيف اختار الأب حبيقة اسمها وكان قد استوحاه من التراث الفينيقي القديم ليظهر تجذر العائلة في بلدها لبنان. وتحدثت عن أمثولات عمها في الفلسفة الإغريقية "حيث كان يشدد على مبدأ التعارض الذي يتحكم في أساسات الوجود والحياة وعن القوة السالبة ودورها كعامل محفز ومجدد وأساسي في تطور المجتمعات".
معالي د. الصايغ
وألقى الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ كلمة قال فيها: "من أصعب الأمور أن يقف رجل العلم أمام رجل الإيمان والفلسفة ليعبر عن رأيه في فكره". واستشهد بالعديد من المقتطفات من أعمال الأب حبيقه الفلسفية، مشيرا إلى أنه "من خلال الإصرار على حق الإختلاف، تؤيد أعمال الأب حبيقه المواطنة المتفاوتة والديموقراطية التوافقية. لقد عرف النبوغ اللبناني كيف أن يتصالح مع الأضداد من خلال التناغم في التماسك".
وخلص إلى "أنه من خلال الإعتراف بمساواة الجميع، يجب على الجميع أن يحظوا بالفرص ذاتها من أجل تطوير الأنا الحقيقية. عبر هذا التطوير الشامل للانسان، والأنا الحقيقية في الفروقات الطبيعية، يمكن بناء أمة للانسان وكرامته وحقه في الإختلاف".
معالي د. قطار
أما الوزير السابق د. دميانوس قطار فقال:"على الرغم من كوني رجل أرقام وعلى الرغم من تأثير العولمة واللغة الإنكليزية، فأنا اليوم ما زلت ملتزما بالفرنكوفونية وعلى علاقة وثيقة بالقيم التي تجسدها الثقافة الفرنسية، والفضل في ذلك يعود إلى علاقتي بالأب جورج حبيقه".
ولفت إلى أن "للأب حبيقه قناعة واضحة: إن الشعب بحاجة إلى المصالحة مع تاريخه من أجل صياغة وحدة وطنية"، منوها ب"مسيرته الأكاديمية الطويلة التي ترتكز على الإيمان وعلى الإشراق الثقافي الغني بالفلسفة".
ورأى أن "دفاعه المستمر عن الحرية على الرغم من صعوبتها، وإصراره على إيلاء الأولوية للديموقراطية على الرغم من عجزها، ألهم جيلا من الشباب ومن بينهم جيل رجال السياسة الذي أنتمي إليه".
وختم: "على الرغم من الأحداث السوداء التي تحيط بنا، نغتنم هذه الفرصة اليوم لتعزيز علاقتنا مع فرنسا، مع ثقافتها وأبنائها. إذا صادفنا مواطنا يبشر بالحرية والمساواة، نقول إنه حتما فرنسي. إذا صادفنا مواطنا يبشر بالتوافق والتنوع، نقول إنه ربما لبناني. لكن حين نصادف لبنانيا يحمل الجنسية الفرنسية، وهو علاوة على ذلك كاهن، لا يمكننا إلا أن نقول أنه إنساني".
شلهوب
وأشادت رئيسة معهد الدكتوراه في الجامعة البروفسورة نيكول شلهوب في كلمتها بمواهب الأب حبيقة المتعددة، وقالت:"أن يكون فيلسوفا متفرغا، وعلى وجه التحديد متخصصا في فلسفة ليسنغ، وأكثر من ذلك عالم بفقه العديد من اللغات، لم يمنعه من أن يكون في الوقت عينه فنانا متعدد المواهب: منذ أن يضع يديه على كلمات اللغة الفرنسية، لا ينفك عن عجنها وتلوينها بهدف نحت الجمل ورسم الأفكار وتزويدها بالأجنحة وإيصالها للآخرين بفضل صوت التينور الذي يملكه. فهو يتمتع بأقصى أحاسيس الفن والتواصل والطبيعة والحياة". واعتبرت"أنه سواء من خلال التعليم أو الأبحاث أو الكتابة أو الإدارة أو علاقته بالآخر، من خلال حياته اليومية العادية أو في أهم المناسبات، يعرف كيف يغرس نكهة التميّز والأصالة".
الأب محفوظ
ثم ألقى رئيس الجامعة الأب الدكتور هادي محفوظ كلمة اعتبر فيها "أن هذا الوسام يشكل اليوم محطة ذات أهمية كبيرة في المسيرة الفكرية والأكاديمية والجامعية للأب حبيقه الذي لطالما سعى إلى نشر قيم الثقافة الفرنسية وتعزيزها. كما يشكل شرفا في تاريخ جامعة الروح القدس والرهبانية اللبنانية المارونية".
وتوجه إلى الأب البروفسور حبيقة قائلا:"أتمنى لك لحظات بهذه الأهمية حيث تكون محاطا بإعجاب ومحبة أقربائك وأصدقائك وزملائك وحيث تمنحنا فرصة فرح وفخر تضفي معلما آخر على مسيرتنا نحو التفوق".
السفير بييتون
من جهته، أشار السفير بييتون إلى "أنه بالنسبة إلى السفارة الفرنسية يتعلق الأمر بأهمية إبراز مدى إصرار السلطات الفرنسية على تكريم كل من يكرس حياته لتطوير وتعزيرالتعاون الفرنكوفوني في لبنان"، لافتا إلى "أن هذه السعف الأكاديمية قد أبصرت النور على يد نابوليون سنة 1808، وهي تشكل اليوم أحد أرمق وأقدم امتياز تمنحه فرنسا. وتخصص لتكريم الأشخاص الذين قدموا خدمات ذات أهمية كبرى في أحد المجالات المنوطة بالتربية الوطنية والتعليم".
وسلط الضوء على مسار الأب حبيقة المهني، بدءا من دراسته الثانوية وصولا إلى حيازته دكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون، بالإضافة إلى تأليفه العديد من المنشورات العلمية. كما أشار إلى نقطة مهمة لطالما تطرق إليها الأب حبيقة ألا وهي الحوار بين الأديان والعلاقة بين الطائفية والديمقراطية.
وختم قائلا: "إن مسيرتك المهنية في لبنان والتزامك قد ساهما في تكوين جيل من الطلاب متعلق بفرنسا ولغتها. فعزمك على جمع شركاء فرنسيين لتطوير وخلق شراكات فرنكوفونية جديدة يساهم في تعزيز البحث اللبناني في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية ليبلغ أسمى مستوياته. من خلال كل المقاربات لفكرك الغني والمتشعب، انتهيت إلى استخلاص الفكرة التالية، إنك موهبة فكرية خارقة ومبدعة، بالإضافة إلى طباعك الدمثة والمحببة ومهارتك في فن الفكاهة الراقية. فإن كان لي أن أتمنى شيئا، فهو أن أحظى بصداقتك".
الأب حبيقة
وبعدما قلده السفير بياتون الوسام، ألقى الأب حبيقة كلمة قال فيها: "كيف لي أن أخفي تأثري الشديد في هذا الاحتفال المهيب؟ كيف لي أن أخفي مشاعري حين أرى سنوات من العمل الشاق والدؤوب تمر أمام ناظري؟ مسيرة طويلة ومتشعبة، انطلقت من قرية الميدان، مسقط رأسي في قضاء جزين، وحطّت رحالها في الرهبانية اللبنانية المارونية العريقة، وبلغت أوجها في جامعة السوربون - باريس. إنه لطريق وعر وشاق، آسر وغني".
وأضاف:"إن المخزون الثقافي المشترك من القيم الإنسانية والذاكرة التاريخية بين الشعبين اللبناني والفرنسي يلقي بمرساته في قرون عديدة من المصير الواحد. ومصداقا على ذلك، أستحضر التصريح التاريخي الذي أدلى به شارل ديغول في مطار بيروت، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية: "إن اللبنانيين، الأحرار والأبيين، إنما هم الشعب الوحيد في تاريخ العالم الذي لم يتوقف يوما قلبه عن النبض على نبضات قلب فرنسا".
وتابع:"ونسأل هنا بحق، لماذا هذه الاستماتة في الدفاع عن الفرنكوفونية، في وقت تتمتع البشرية قاطبة بأداة لغوية دولية تتناسب وضرورات التلاقي والتواصل والتجارة الدولية والأبحاث العلمية والتكنولوجيا؟ إن دفاعنا عن الفرنكوفونية هو دفاع عن التنوع والغنى والحرية والحياة. فالخطر الأكبر الذي يحدق بنا اليوم بسبب العولمة الراهنة يكمن في هذا الانزلاق التدرجي إلى إلغاء الفروقات وصهرها في بوتقة ثقافية واحدة. وكما كانت الفلسفات اليونانية تنطلق من هيكلية الجسد البشري لتضع تصورا لأكمل تصميم إداري للمدينة الفاضلة والمثالية، كذلك علينا أن ننظر إلى سر الحياة الذي يأخذ من جسدنا مدى مميزا لتمظهره. هل أمعنا النظر في وظيفة كل عضو وكل خلية، وكيف يتم التكامل والتناسق في التمايز؟ إذا انصهر جسدنا وأصبح عضوا واحدا، هل يبقى حيا؟ ألا تهجره الحياة وتدعه أشلاء هامدة ترتع فيها سكينة الموت؟ الحياة لا تسكن إلا في التنوع. والأحادية الثقافية موكب جنازة الحياة والإبداع".
وختم:"إن هذا التوحيد اللغوي، وبالتالي الثقافي يلغي الحرية، وذلك لسبب بسيط وهو أنه لا يمكن ممارسة الحرية إلا في خيارات متعددة. وبالتالي فإن الأحادية الثقافية لا يمكن إلا أن تؤدي إلى ضمور الفكر وخنقه وإفقاره. لهذه الأسباب مجتمعة، نناضل في جامعة الروح القدس من أجل تعزيز مكانة الفرنكوفونية وتوطيدها كضامن للتنوع والغنى والحرية والحياة"
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire