متحدثا في ندوة الكاثوليكي للاعلام عن رسالة الراعي حول خدمة المحبة الاجتماعية وتركيز على أعمال الرحمة
06-04-2017 د. الصايغ: التأكيد على
القيم والأخلاق في زمن الإنحطاط والخيبة والإحباط ...
عقدت قبل ظهر اليوم ندوة
في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حول
"خدمة المحبة الاجتماعية"، الرسالة العامة الخامسة للبطريرك الماروني
الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، في الذكرى السادسة لتنصيبه، شارك فيها رئيس
أساقفة بيروت للموارنة ورئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران
الدكتور بولس مطر، المعاون البطريركي الأمين العام للدوائر البطريركية المارونية المطران جوزف نفاع، الوزير السابق سليم الصايغ، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، وحضرها مدير "صوت الإنجيل" الأب اغسطينوس الحلو، رئيس جمعية الكتاب المقدس مايك باسوس، رئيسة جمعية مار منصور دي بول لبنان ايللا بيطار سلهب، المحامية باتريسيا دكاش، الشاعرة مي منصور، أخوية مار منصور النقاش، وعدد من الإعلاميين والمهتمين.
الدكتور بولس مطر، المعاون البطريركي الأمين العام للدوائر البطريركية المارونية المطران جوزف نفاع، الوزير السابق سليم الصايغ، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، وحضرها مدير "صوت الإنجيل" الأب اغسطينوس الحلو، رئيس جمعية الكتاب المقدس مايك باسوس، رئيسة جمعية مار منصور دي بول لبنان ايللا بيطار سلهب، المحامية باتريسيا دكاش، الشاعرة مي منصور، أخوية مار منصور النقاش، وعدد من الإعلاميين والمهتمين.
مطر
وقال مطر: "أراد غبطته أن تتمحور هذه الرسالة حول خدمة المحبة في الكنيسة، يقول الناس ماذا تصنع الكنيسة؟ أين هي من صرخة الشعب؟ البطريرك لا يجيب عن هذا السؤال إنما يعلن عمل الكنيسة ورسالة الكنيسة ومسؤوليات الكنيسة لأنها لا تعمل بمنة بل بطاعة للرب يسوع المسيح".
وقال مطر: "أراد غبطته أن تتمحور هذه الرسالة حول خدمة المحبة في الكنيسة، يقول الناس ماذا تصنع الكنيسة؟ أين هي من صرخة الشعب؟ البطريرك لا يجيب عن هذا السؤال إنما يعلن عمل الكنيسة ورسالة الكنيسة ومسؤوليات الكنيسة لأنها لا تعمل بمنة بل بطاعة للرب يسوع المسيح".
وأضاف: "نحن على باب
اسبوع الآلام، أسبوع الفداء العظيم الذي فيه أعطى ابن الله ذاته فدية للبشر، وكان
في ذلك وسيبقى قمة العطاء، وقد أراد لكنيستة أن تكون امتدادا لحضوره في الأرض
وامتدادا لعطائه بالذات، فالكنيسة إن لم تعط قطرة لا تكون الكنيسة وإن لم تحب تنكر
محبة المسيح، لذلك فالمحبة كما يقول غبطته في القسم الأول من الرسالة محبته هي في
صلب الألوهة في صلب العمل الكنسي، إذا عمل الخير وعمل المحبة جزء لا يتجزأ من حياة
الكنيسة ومن رسالتها، ومن المعروف أن الكنيسة تقوم بأدوار ثلاثة أساسية: دور
التعليم نعلم من كلام الله، دور التقديس، نوزع الاسرار على المؤمنين القربان
المقدس وغفران الخطايا، ودور التدبير أي دور المحبة وخدمة الناس. هذه الخدمة كانت
منذ البداية عندما تولى شمامسة سبعة امور خدمة الموائد منذ بطرس الرسول حتى يتسنى
للرسل الباقين أن يقوموا بواجب خدمة الكلمة، خدمة الكلمة وخدمة المائدة خدمتان
لإنسان واحد، لذلك تنطلق خدمتنا الإجتماعية من حياة الكنيسة في لبنان".
وتابع: "ثانيا،
وتأييدا لذلك، أطلق قداسة البابا فرنسيس العام الماضي "يوبيل سنة
الرحمة"، وقال للناس، وبصورة خاصة للمسيحيين وللإكليروس، ما قاله المسيح عن
الرحمة "أريد رحمة لا ذبيحة"، والكتاب المقدس يقول ايضا "كونوا
رحومين كما أن الأب هو رحوم". الأنسان الذي لا يتعاطى الرحمة ينكر بنوته
الإلهية، فالرحمة هي في صلب حياتنا، لذلك نقول هذا الكلام لندرك أهمية رسالتنا
ومسؤوليتنا بالنسبة للعمل الإجتماعي، والكنيسة سيحكم عليها إن لم تقوم بهذا الواجب
أم لا، والكنيسة تقول عن ذاتها أولا ما هي واجباتها وأنشالله وهي فاعلة كذلك سترون
بأنها ستقوم وتقوم بعمل كبير بالنسبة لعمل الرحمة".
وقال: "البابا يميز
بين الخدمات المادية والخدمات الروحية، الخدمات المادية معروفة الإنجيل يحاسبنا
عليها في كلامه القائل "كنت جائعا فأطعمتوني، مريضا فداويتموني، عطشانا
فسقيتموني." لا حاجة للشرح، قال يسوع "كل ما تفعلونه مع إخوتي الصغار
معي تفعلونه"،اي أن المسيح يتماهى مع الفقير والمحتاج، إنما نحن عندما نساعد
محتاجا نساعد يسوع المسيح بالذات. واجب علينا أن نكون متضامنين تجاه أخوتنا لأننا
أخوة ولأن الأخ لا يمكن أن يكون سعيدا بدون سعاده أخيه.
أما الحاجات المعنوية فهي ايضا لها دورها وأساسها، يقول البابا "إن عزيت محزونا فأنا أساعد"، إن "وقفت مع إنسان ضائع فأنا أساعد" "أن تحملته فأنا اساعد"، نبني بعضنا بعضنا.. ويقول بولس الرسول "أن تبنوا بعضكم بعضا كما أنتم فاعلون" نحن مسؤولون عن بنيان بعضنا البعض وعن بنيان جسد المسيح. لذلك يجب أن يكون عندنا هذا الشعور أننا لا نسعد وحدنا ولا خلاص فرديا مرغوبا فيه إلا إذا كان خلاص الجماعة كلها. نحن شعب الله ولسنا أفراد الله طبعا لكل إنسان أهميته لكل إنسان مصيره الخاص ولكن مصيري لم أريده إلا مرتبطا بمصير إخوتي جميعا والرب يسوع لم يمت عني فحسب بل مات عن العالم كله وعن الناس أجمعين".
أما الحاجات المعنوية فهي ايضا لها دورها وأساسها، يقول البابا "إن عزيت محزونا فأنا أساعد"، إن "وقفت مع إنسان ضائع فأنا أساعد" "أن تحملته فأنا اساعد"، نبني بعضنا بعضنا.. ويقول بولس الرسول "أن تبنوا بعضكم بعضا كما أنتم فاعلون" نحن مسؤولون عن بنيان بعضنا البعض وعن بنيان جسد المسيح. لذلك يجب أن يكون عندنا هذا الشعور أننا لا نسعد وحدنا ولا خلاص فرديا مرغوبا فيه إلا إذا كان خلاص الجماعة كلها. نحن شعب الله ولسنا أفراد الله طبعا لكل إنسان أهميته لكل إنسان مصيره الخاص ولكن مصيري لم أريده إلا مرتبطا بمصير إخوتي جميعا والرب يسوع لم يمت عني فحسب بل مات عن العالم كله وعن الناس أجمعين".
نفاع
ثم كانت مداخلة المطران نفاع الذي قال: "رسالة متميزة بالشكل والمضمون. لا تعمد الكنيسة إلا نادرا إلى الكلام عما تقوم به من أعمال خيرية. متبعة المبدأ الذي علمنا إياه الرب يسوع، أن لا ندع يدنا اليسرى تعلم ما تقوم به اليمنى من الخير. هذا ما يدعونا للتوقف عند هذه الرسالة تحديدا وللتفكير في منطلقاتها، مسبباتها واهدافها".
ثم كانت مداخلة المطران نفاع الذي قال: "رسالة متميزة بالشكل والمضمون. لا تعمد الكنيسة إلا نادرا إلى الكلام عما تقوم به من أعمال خيرية. متبعة المبدأ الذي علمنا إياه الرب يسوع، أن لا ندع يدنا اليسرى تعلم ما تقوم به اليمنى من الخير. هذا ما يدعونا للتوقف عند هذه الرسالة تحديدا وللتفكير في منطلقاتها، مسبباتها واهدافها".
أضاف: "سألنا غبطة
البطريرك مرارا عن الدافع الذي قاده إلى هذه الرسالة العامة. الهدف الأول هو أن
تعي الكنيسة ما هو دورها وما هو حجم هذا الدور الذي تقوم به. نسمع انتقادات من كل
حدب وصوب: "شو عم تعمل الكنيسي؟". يهمني فورا أن أوضح أن هدف الرسالة
ليس أبدا الرد على هذا السؤال، كمن يدافع عن نفسه في قفص الاتهام. إنما تكرار هذا
السؤال أدى ببعض رجالات الكنيسة، إكليروسا وعلمانيين، إلى نوع من التأثر جعلهم يشكون
بما يقومون به ويتزعزعون. لذلك، ارتأى غبطته أن من الواجب والمفيد أن تستعيد
الكنيسة ثقتها بنفسها عبر نظرة عامة وإحصائية لما تقوم به كل سنة على مستوى الخدمة
الاجتماعية. الهدف إذا هو إعطاء دفع من الحيوية للكنيسة نفسها.
هذا الهدف ظهر أيضا بشكل
جلي في إجابة سمعتها من صاحب الغبطة، عندما سأله أحدهم: ألا تخشون أن تفهم هذه
الرسالة كنوع من التبجح بما تقومون به؟ فكان جوابه: وهل أنا أعطي هذه المساعدات من
جيبي الخاص؟ فالكنيسة تقدم مساعدات من التقدمات التي تصلها من الناس. نحن أداة
اتصال. لذلك، فكل من يقرأ هذه الرسالة من المؤمنين عليه أن يرى اسمه مكتوبا فيها،
بمعنى أن ما قدمه للكنيسة، بأي شكل من الأشكال، تقدمات مادية أو عينية أو تطوعية،
يرى الآن كيف يتم التصرف بها.
ولا بد من الإشارة أيضا
إلى أمر يجهله غالبية المشاهدين، أن كل الرسوم التي يدفعها المؤمن في المطرانيات
إن للزواج أو للوصاية أو لأي معاملة أخرى، توضع في صندوق المساعدات. نرى مرة أخرى
أن الكنيسة تشكل صلة وصل بين المانح والمعوز. ويصل هذا المبلغ من المساعدات إلى ما
يفوق المليار ليرة".
وتابع: "من ناحية
أخرى، تهدف هذه الرسالة إلى إيضاح استراتيجية الكنيسة في عملها الاجتماعي. صحيح أن
المساعدات ضرورية، ولكن كلنا يعلم، والكنيسة تعي تماما، أن المساعدات تذهب في
حينها، نعم لسد رمق الناس، إلا أنها لا تغير حالهم من العوز إلى الحياة الكريمة
المطلوبة. لذلك، تركز الكنيسة بشكل خاص على خلق فرص العمل. وهي ترى أن هذا هو
العمل الجتماعي الأساسي. فالعمل ليؤمن لصاحبه دخلا دائما يقيه ألم الحاجة والخوف
من المستقبل. وكلنا يعلم أن أصعب مشاكل لبنان هي غياب قلة فرص العمل فيه، مما يدفع
أولادنا إلى الهجرة. بالعمل نبني مجتمعا متينا يتطلع نحو مستقبل أفضل. ما قامت به
الكنيسة على الدوام عبر تاريخها، من الوقوف إلى جانب أبنائها، تقوم به اليوم أيضا،
إنما بأسلوب أكثر تنظيما وبروح علمية يساعدها في وضعها أصحاب الاختصاص. يهمنا أن
نعي جميعا الجهد الكبير الذي تبذله الكنيسة على هذا المستوى. نعلم تماما أن الحاجات
أكبر. ولكن من قراءتنا لهذه الرسالة يمكننا أن نرى بأم العين كيف أن الكنيسة تقوم
بأمور كثيرة هي بالأصل من واجبات الدولة تجاه أبنائها. ولذلك نطالب الدولة بأن
تقوم بواجباتها ونمد لها يد المساعدة في ذلك، على مقدار ما يقدرنا الله أن تقوم به".
وختم: "يهمني أخيرا
أن أشير إلى روحية هذه الرسالة التي تظهر في خاتمتها، إذ يقول صاحب الغبطة:
"فمشروع الله... هو أن يحيا الإنسان بفرح واكتفاء وسعادة. لذلك، فالله كريم،
وقد وضع لكل إنسان رزقه في الأرض... نفهم من ذلك أن الفقر أمر غريب ومغاير لمقاصد
الله، وحالة تحزن قلبه الأبوي وتناقض مخططاته. يرى الكتاب المقدس أن السبب الأول
والأساسي للفقر في الدنيا هو طمع الأغنياء وجشعهم في تجميع ثرواتهم عل حساب لقمة
الفقير واليتيم والأرملة".
د. الصايغ
ثم تحدث د.الصايغ، ومما قال: ""يضع صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، في رسالته العامة الخامسة «خدمة المحبة الإجتماعية» المبادئ العامة التي ترتكز عليها العقيدة الإجتماعية للكنيسة الكاثوليكية في سياق العصر وتحدياته قبل أن يضيء على إنجازات الكنيسة المارونية الإجتماعية ضمن نظرة نبوية حول معالم المستقبل وعلامات المسيح فيه.
فنحن أمام رسالة تقول ما للكنيسة وما عليها، ببساطة وتواضع ومحبة، وهي رسالة سهلة بعباراتها ممتنعة بتماسكها رحبة بفرحها، جذرية بحلولها جرئية بنبرتها.
وما لفتني في هذه الرسالة هو التركيز على أبناء الكنيسة، أفراداً ومجتمعاً، قبل المؤسسة، وعلى واجبات المؤسسة قبل التوجه المباشر إلى الدولة كشريك وراع لشؤون الناس.
فذكّر أبناء الكنيسة أن خدمة المحبة لا تكون من دون الخدمة في المحبة، وهذه لا تكون من دون الرحمة التي قال عنها قداسة البابا "ان الكنيسة بأبناءها عليها أن تكون جزرَ رحمة في بحر اللامبالاة". واللامبالاةُ هي نفيضُ تهدئةِ الضمير الذي انتقدته الرسالة، وكأني بصاحب الرسالة يدعو الناس إلى هذا القلق الوجداني الدائم الذي لا يجد الإطمئنان إلا في صمت العطاء وروح التطوع وعظمة المحبة.
وفي تركيزه على الناس والمجتمع عالجت الرسالةُ اشكاليةَ التطرفِ والعنف التي تفاقمت في الأزمنة الأخيرة، وفي وضوح تامٍ غدا نموَ العنف إلى «الإزدراء بالشريعة الإلهية والأخلاقية، وتفاقم الظلم وتعميم الفساد وازدياد روح الإستهلاك والمادية وتعاظم التفاوت الإجتماعي» (ص 16).
فأشارت الرسالة إلى ان معالجة العنف لا تكون بالسلاح الذي «يولد نزاعات جديدة أسوأ ستراً» (ص 16).
مما يعني ان مواجهة العنف تكون بطريقة شاملة تذكرنا بشموليةِ الإنجيل الذي يتوجه إلى كل الناس ويطالب بتنمية الإنسان كل الإنسان، أي بكل ابعاده.
إن معالجةَ اشكاليةِ العنف في الإنسان والمجتمع تحتم الخروج من منطق الأمن التقليدي للدخول إلى منطق الأمام الإنساني والمجتمعي واعتبار حالة العنف كحالة مرضية وجبت معالجتها بمختلف الوسائل الإنسانية والإجتماعية المتاحة.
أما بالنسبة إلى واجبات المؤسسة تجاه أبناءها، فقد أتت الرسالة على جردة حساب شفافة وكاملة حول انجازات الكنيسة وتقصيرها وفي هذا نمطٌ جديد في حسن التدبير والحوكمة الصالحة، وهي تعطي نموذجاً لما يجب أن تكون عليه معايير الإعتماد المؤسسي في لبنان (ISO 9 600).
وما لفتني هو التأكيد والإصرار في متن هذه الرسالة على للقيم والأخلاق في زمن الإنحطاط والخيبة والإحباط فجاءت عباراتُها مدويةً إذ قالت «إن الكنيسة هي كنيسةُ الكلمةِ والحقيقةِ والنبوءة لا كنيسةً الصمت والمساومة».
عن أي صمت تتكلم الرسالةُ وإلى أي مساومة تشير؟ ما هو مضمون الموضوع ومن هم أطراف القضية المطروحة؟
ان خدمة المحبة الإجتماعية تتطلب من الكنيسة كمؤسسة أن تتوكل عن الناس في قضيتهم الإجتماعية إذ لا وكيلَ لهم في ظل دولة ضائعةٍ ولا نصرةً إلا صوت الحق الذي تُشهره كنيسةُ الصوت العالي.
ولا مساومةً كذلك حول الحقِ الإنساني الذي يُنتهك كل يوم في وطني لبنان وطنِ الملاذ والرسالة.
وكأني بالرسالة تعلَن انه سيكون للكنيسة موقفاً كما كانت دائماً، وهي ذكّرت بالمواقف المجيدة للبطاركة عبر التاريخ، للدفاع عن الحقوق الإجتماعية والإقتصادية.
وأخيراً، تطالب الرسالةَ الدولةَ أن تكون دولةً بكل معنى الكلمة فتتمكن من القيام بواجباتها تجاه مواطنيها. فذكّرت بأهمية الإصلاح «من ضبط للفساد والرشوة ومكافحة سرقة المال العام وهدره، والنهوض بالإقتصاد في كل قطاعاته والنهوض به وإخراج المواطنين من حالة الفقر وإعادة بناء الطبقة المتوسطة» (ص 61).
والكل يعرف التقصيرَ الفاضحَ وسوءَ الأمانة التي قامت بها الحكومات في إدارة الشأن الإجتماعي فتعممت الزبائنية، واستشرت المحسوبيات. وضُربت الجودة وانحسرت الكفاءة فزادت على الإهمال والتقصير فساداً وهدراً. فتكون الدولةُ، عندما تبدأ بالإصلاح المنتظر، شريكاً للمواطن والكنيسة وليس عبئاً عليه.
فبعد ما تحملت الكنيسةُ المسؤوليةَ في خدمة المحبة الإجتماعية وحملّت الدولة المسؤولية في الشأن الإجتماعي، دعت إلى التجذر في مشروع الله، الذي هو مشروعِ الكرامةِ الإنسانيةِ، وهو الحياة بفرح واكتفاء وسعادة.
إنه فرحَ المحبةِ والمشاركة والتضامن والشعور بالعدالة والتمتع بخيرات الأرض,,, وهذه أمانةٌ يذكرنا بها صاحب الرسالة وعليها كلنا مؤتمنين.".
ثم تحدث د.الصايغ، ومما قال: ""يضع صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، في رسالته العامة الخامسة «خدمة المحبة الإجتماعية» المبادئ العامة التي ترتكز عليها العقيدة الإجتماعية للكنيسة الكاثوليكية في سياق العصر وتحدياته قبل أن يضيء على إنجازات الكنيسة المارونية الإجتماعية ضمن نظرة نبوية حول معالم المستقبل وعلامات المسيح فيه.
فنحن أمام رسالة تقول ما للكنيسة وما عليها، ببساطة وتواضع ومحبة، وهي رسالة سهلة بعباراتها ممتنعة بتماسكها رحبة بفرحها، جذرية بحلولها جرئية بنبرتها.
وما لفتني في هذه الرسالة هو التركيز على أبناء الكنيسة، أفراداً ومجتمعاً، قبل المؤسسة، وعلى واجبات المؤسسة قبل التوجه المباشر إلى الدولة كشريك وراع لشؤون الناس.
فذكّر أبناء الكنيسة أن خدمة المحبة لا تكون من دون الخدمة في المحبة، وهذه لا تكون من دون الرحمة التي قال عنها قداسة البابا "ان الكنيسة بأبناءها عليها أن تكون جزرَ رحمة في بحر اللامبالاة". واللامبالاةُ هي نفيضُ تهدئةِ الضمير الذي انتقدته الرسالة، وكأني بصاحب الرسالة يدعو الناس إلى هذا القلق الوجداني الدائم الذي لا يجد الإطمئنان إلا في صمت العطاء وروح التطوع وعظمة المحبة.
وفي تركيزه على الناس والمجتمع عالجت الرسالةُ اشكاليةَ التطرفِ والعنف التي تفاقمت في الأزمنة الأخيرة، وفي وضوح تامٍ غدا نموَ العنف إلى «الإزدراء بالشريعة الإلهية والأخلاقية، وتفاقم الظلم وتعميم الفساد وازدياد روح الإستهلاك والمادية وتعاظم التفاوت الإجتماعي» (ص 16).
فأشارت الرسالة إلى ان معالجة العنف لا تكون بالسلاح الذي «يولد نزاعات جديدة أسوأ ستراً» (ص 16).
مما يعني ان مواجهة العنف تكون بطريقة شاملة تذكرنا بشموليةِ الإنجيل الذي يتوجه إلى كل الناس ويطالب بتنمية الإنسان كل الإنسان، أي بكل ابعاده.
إن معالجةَ اشكاليةِ العنف في الإنسان والمجتمع تحتم الخروج من منطق الأمن التقليدي للدخول إلى منطق الأمام الإنساني والمجتمعي واعتبار حالة العنف كحالة مرضية وجبت معالجتها بمختلف الوسائل الإنسانية والإجتماعية المتاحة.
أما بالنسبة إلى واجبات المؤسسة تجاه أبناءها، فقد أتت الرسالة على جردة حساب شفافة وكاملة حول انجازات الكنيسة وتقصيرها وفي هذا نمطٌ جديد في حسن التدبير والحوكمة الصالحة، وهي تعطي نموذجاً لما يجب أن تكون عليه معايير الإعتماد المؤسسي في لبنان (ISO 9 600).
وما لفتني هو التأكيد والإصرار في متن هذه الرسالة على للقيم والأخلاق في زمن الإنحطاط والخيبة والإحباط فجاءت عباراتُها مدويةً إذ قالت «إن الكنيسة هي كنيسةُ الكلمةِ والحقيقةِ والنبوءة لا كنيسةً الصمت والمساومة».
عن أي صمت تتكلم الرسالةُ وإلى أي مساومة تشير؟ ما هو مضمون الموضوع ومن هم أطراف القضية المطروحة؟
ان خدمة المحبة الإجتماعية تتطلب من الكنيسة كمؤسسة أن تتوكل عن الناس في قضيتهم الإجتماعية إذ لا وكيلَ لهم في ظل دولة ضائعةٍ ولا نصرةً إلا صوت الحق الذي تُشهره كنيسةُ الصوت العالي.
ولا مساومةً كذلك حول الحقِ الإنساني الذي يُنتهك كل يوم في وطني لبنان وطنِ الملاذ والرسالة.
وكأني بالرسالة تعلَن انه سيكون للكنيسة موقفاً كما كانت دائماً، وهي ذكّرت بالمواقف المجيدة للبطاركة عبر التاريخ، للدفاع عن الحقوق الإجتماعية والإقتصادية.
وأخيراً، تطالب الرسالةَ الدولةَ أن تكون دولةً بكل معنى الكلمة فتتمكن من القيام بواجباتها تجاه مواطنيها. فذكّرت بأهمية الإصلاح «من ضبط للفساد والرشوة ومكافحة سرقة المال العام وهدره، والنهوض بالإقتصاد في كل قطاعاته والنهوض به وإخراج المواطنين من حالة الفقر وإعادة بناء الطبقة المتوسطة» (ص 61).
والكل يعرف التقصيرَ الفاضحَ وسوءَ الأمانة التي قامت بها الحكومات في إدارة الشأن الإجتماعي فتعممت الزبائنية، واستشرت المحسوبيات. وضُربت الجودة وانحسرت الكفاءة فزادت على الإهمال والتقصير فساداً وهدراً. فتكون الدولةُ، عندما تبدأ بالإصلاح المنتظر، شريكاً للمواطن والكنيسة وليس عبئاً عليه.
فبعد ما تحملت الكنيسةُ المسؤوليةَ في خدمة المحبة الإجتماعية وحملّت الدولة المسؤولية في الشأن الإجتماعي، دعت إلى التجذر في مشروع الله، الذي هو مشروعِ الكرامةِ الإنسانيةِ، وهو الحياة بفرح واكتفاء وسعادة.
إنه فرحَ المحبةِ والمشاركة والتضامن والشعور بالعدالة والتمتع بخيرات الأرض,,, وهذه أمانةٌ يذكرنا بها صاحب الرسالة وعليها كلنا مؤتمنين.".
ابو كسم
وفي الختام قال أبو كسم: "نحن اللبنانيين تقريبا نعيش كغرباء في وطننا، فالمشكلة الأولى، المستشفيات لا محل لك فيها، هناك لائحة انتظار يوما أو يومين، عندنا ضيوف والأمم المتحدة تدفع عنهم، والمستشفيات تستقبلهم ونحن نقف على الأبواب.
والمشكلة الثانية مشكلة المدارس الرسمية، مثلا الأهل يدفعون كلفة الباص المدرسي بقدر نصف قسط مدرسة خاصة، واصدقاؤنا وضيوفنا تؤمن لهم الباصات للذهاب إلى المدارس، هنا خطر البطالة، اليوم 30 بالمئة تحت خط الفقر و20 بالمئة بطالة. نصلي لكنسيتنا ولكل الخيرين ونقول ماذا تستطيع أن تفعل الكنيسة والمؤسسات أن تفعل؟"
وفي الختام قال أبو كسم: "نحن اللبنانيين تقريبا نعيش كغرباء في وطننا، فالمشكلة الأولى، المستشفيات لا محل لك فيها، هناك لائحة انتظار يوما أو يومين، عندنا ضيوف والأمم المتحدة تدفع عنهم، والمستشفيات تستقبلهم ونحن نقف على الأبواب.
والمشكلة الثانية مشكلة المدارس الرسمية، مثلا الأهل يدفعون كلفة الباص المدرسي بقدر نصف قسط مدرسة خاصة، واصدقاؤنا وضيوفنا تؤمن لهم الباصات للذهاب إلى المدارس، هنا خطر البطالة، اليوم 30 بالمئة تحت خط الفقر و20 بالمئة بطالة. نصلي لكنسيتنا ولكل الخيرين ونقول ماذا تستطيع أن تفعل الكنيسة والمؤسسات أن تفعل؟"
وختم: "نحن نطالب
مثلما طالب رئيس الحكومة من بروكسيل، بحل لموضوع النازحين، نحن نحبهم ونقدر ظروفهم
"احبك يا سواري لكن على زندي لا؟"، نساعدهم ولكن علينا مساعدة أنفسنا
أولا".
الخميس 06 نيسان 2017
http://nna-leb.gov.lb/ar/show-news/278255
الخميس 06 نيسان 2017
http://nna-leb.gov.lb/ar/show-news/278255
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire