mercredi 25 avril 2018

Dsicours du 14 Février 2018



كلمة معالي الدكتور سليم الصايغ
في الذكرى الثالثة عشر لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري
السيدة نازك رفيق الحريري راعية الحفل
ممثلة بالسيدة هدى طبارة
دولة الرئيس فؤاد السنيورة
معالي الوزراء , سعادة النواب والشخصيات السياسية والإجتماعية والدينية والإقتصادية والتربوية والعسكرية والإعلامية
أيها الحضور الكريم ,
منذ أكثر من أربعين عاما
حلم رفيق الحريري لبنان
وأسكن حلمه عقولا كثيرة وقلوبا أكثر
وحوله الى أسطورة حية ,
تسقي التاريخ لترويه , حياة وإستشهادا
قلة هم العظماء الذين عرفوا كما عرف رفيق الحريري
مساحة المرتجى الرحبة ... وحدود الواقعية الذكية
قلة هم العظماء الذين أدركوا ...المعادلات الدقيقة بين القوة والقيم
وبين الإعتدال والإستسلام , وبين المشاركة والمحاصصة
وبين الحرية والمسؤولية , وبين الكرامة والأنانية
وبين الإيمان والتدين , وبين الحق والقانون
نعم هم قلة من العظماء ...الذين إستطاعوا في حضورهم وفي غيابهم
كما إستطاع رفيق الحريري
أن يفردوا العقل والحدس والنفس , بمعان تبقى معالما لطريق سعادة الوطن ورفاه الإنسان...
والمعالم هذه تتجلى في عيد الحب الدائم ...ثلاث باقات يهديها لنا ويذكرنا بمعانيها الرئيس الشهيد
-
الباقة الأولى: الجمهورية الثانية
-
الباقة الثانية : الإستقلال الثاني
-
الباقة الثالثة : ثورة الأرز
أولا: الجمهورية الثانية
واجه الرئيس الشهيد ثلاث إشكاليات لا قيامة للبنان من دون مواجهتها بجرأة وحكمة : نهائية لبنان والمقاومة , التوافقية والمعارضة , وأولوية الإقتصاد
أ – الاشكالية الاولى: نهائية لبنان والمقاومة
تألب اللبنانيون حول فكرة نهائية لبنان بعد طول مخاض , فلا تذويب من هنا ولا تقسيم من هناك, إنما ترسيخ لقومية واحدة هي القومية اللبنانية التي لا تتحقق إلا بمشروع الدولة اللبنانية, كما علمنا فيلسوف لبنان الشهيد كمال يوسف الحاج الذي نحيي مئويته هذا العام...وإنطلاقا من هذه النهائية عمل الرئيس الشهيد على حماية مشروع , قيامة الدولة اللبنانية وتسريع خطاها , عله بذلك يطلق دينامية إمتصاص كل التناقضات .
فهادن السوريين وتحاور معهم , وتحمل منهم ما لا يحتمل لتخفيف وقع سيطرتهم , وأعتبر أن المقاومة في الجنوب هي غير الثورة الإسلامية في لبنان .
أوليس هو الرجل العملي ,القادر دائما على التخطي والإبتكار والذي راهن على إبداع شعبنا العظيم وحبه للحياة والتقدم والإزدهار كما على متانة المظلة الدولية لحماية مشروع الدولة ضد مشلريع ربط الساحات وتوحيد الجبهات ووحدة المسارات والمصائر؟
إستشهدت يا دولة الرئيس رفيق الحريري لإيمانك الكبير بنهائية لبنان
لكنك لم تسقط ...لأن رهانك لم يسقط ... تسقط الأنظمة والمنظومات ويبقى لبنان...
ب – الاشكالية الثانية: التوافقية والمعارضة
فرضت سوريا على لبنان عرف التوافقية في كل القرارات من خارج الدستور والميثاق , وأستطاعت بذلك أن تتحكم عن قرب بالحياة السياسية وإنتظامها , فغدت دمشق الحكم الذي يفصل بالنزاعات ويفتي بالحلول ...وأصبح كل خروج عن التوافقية مرادف سياسي للخروج عن الميثاق وبالتالي الخروج من الحكم .
أدرك الرئيس الحريري خطورة هذا الخلط بين التوافقية والميثاقية لأن فيه خلط بين السلطت التشريعية والتنفيذية , فيما تقوم الديمقراطية على مبدأ الفصل بين السلطات .
فجاء الرد الأبلغ من الرئيس الحريري عبر تأسيسه للمعارضة البرلمانية...فغدا في موقع يسأل فيه , يحاسب منه , يقترح البدائل , يؤسس للتغيير,
علّمنا الرئيس الشهيد أن المعارضة في الجمهورية الثانية ممكنة ,وفي حسن ممارساتها إنقاذ للميثاقية وللنظام البرلماني الحر الذي يميز لبنان.
كما ذكرنا نحن اللبنانيين الطامحين الى دولة تليق بنا أن الإصلاح لا يكون بالشعار أو بالنصوص إن لم يكن في النفوس, تماما كما كان يردد الشيخ بيار الجميل فيما مضى...
ج- أولوية الإقتصاد
سعى الرئيس الشهيد الى تحرير الإقتصاد من قيود السياسة وذهب الى أبعد من ذلك, فإعتبر أن لا بد للإقتصاد أن يصبح قاطرة السياسة .ففي تحرير الإقتصاد عملية تفاعلية تراكمية تؤدي الى تحرير السياسة.
فالرئيس الحريري , رجل الحسابات بإمتياز ,
عرف أن يصبح رجل السياسة بتألق,
فطوع الأرقام لخدمة رؤيته
ووضع بنى تحتية , ونظره على البنى الفوقية ,
نادى بالتكامل الإقتصادي مع سوريا وهمه المدى الحيوي لطاقات لبنان.
تسامح مع إقتصاد الحرب غيرالشرعي في زمن التحرير ولم ينس لحظة بناء مقومات السياسة المالية والنقدية الشرعية في كل الأزمان .
تغاضى مع معاناة , عن الزبائنية والفساد المستشري والمحمي من المنظومة الأمنية لسلطة الوصاية,
ولم يكف عن ربط لبنان بإلألتزامات الدولية عبر مؤتمرات باريس الشهيرة كتأمين الحوكمة الرشيدة والشفافية ومكافحة الهدر في المال العام...
وصبر على جشع الحكومة السورية وإرادتها بمنع إنطلاق الإقتصاد بكل فعاليته, فتخطى منع سوريا للبنان من الإنضمام الى منظمة التجارة العالمية ,ومن تنظيم الكهرباء لتأمين سيادة الإنتاج في لبنان وعدم الإعتماد الدائم على سوريا, ومن تنفيذ خطط سياحية تستقطب العالم الى لبنان كواجهة أساسية وليس ثانوية أو ملحقة..
ورأى الرئيس الشهيد سيطرة الوصاية على القضاء , وزعزعة الإستقرار التشريعي والقضائي ,وضرب البيئة الحاضنة للإستثمار وجذب الرساميل الأجنبية.
فمن دون إستقرار على كل المستويات لا سيما الإستقرار الدستوري والسياسي المبني على المساواة والعدالة , لا نمو اقتصادي دائم ,ولا تنمية مستدامة ...
فبالسياسة البداية وبالسياسة النهاية ...

ثانيا : الإستقلال الثاني
أطلق الرئيس الشهيد معركة الإستقلال الثاني للبنان قبل الرابع عشر من شباط عام 2005
فالتحرير من العدو الإسرائيلي قد إنتهى منذ العام 2000 , وحان وقت نشر الجيش اللبناني وبسط السيادة , وإنسحاب الجيش السوري إنفاذا لإتفاق الطائف ومنعا لإحكام السيطرة على لبنان عبر التمديد لرئيس الجمهورية.
فأطلق الرئيس الحريري حملة ديبلوماسية وسياسية ضد الإستقرار المشبوه الذي يخنق لبنان ويضرب إستدامة مشروع قيامة الدولة, فكان القرار 1559 لتعزيز صمود لبنان ضد الأمر الواقع المحتكم الى سلاحين , سلاح الجيش السوري وسلاح حزب الله ...
فلم يرضخ الرئيس الشهيد بإسم الواقعية السياسية ,ولم يشأ أن يساوم على الإستقلال أو أن يشرك في السياسة, أو أن يكون عبدا للسلطة والمال ,هوالذي يتقن فن الحكم ويعرف عالم المال ...
فذكرنا , ويذكرنا , أن للإستقلال طباع ...فهو صعب المنال , ورجاله ونساؤه صعبة المراس , أخلاقه حرية خطابه صرخة , طريقه شهادة ....

ثالثا: ثورة الأرز
في الثورة قلب للمفاهيم ,وإنقلاب على الأمر الواقع ,وتغيير جذري في مقاربة الأمور.
في الثورة تحرير للذات وتحرير للآخر ,وإرتقاء نحو المطلق الكامل والشامل .
لم ينتظر رفيق الحريري ليعمل على تحرير الإنسان لأن طريق الحرية والتحرير لا يسلكها إلا الأحرار , وتحرير الإنسان عنده يكون بتنميته لقدراته وتمكينه, فكانت التربية هي الركن الأساس لبناء المواطن وإعمار الوطن , فعمل رفيق الحريري على إحقاق ديمقراطية التعليم ومجانية المنح الجامعية لأكثر من أربعين الف طالب , مطبقا مبدأ المساواة في الوصول الى الكفاءة العلمية دون أي تمييز بين اللبنانيين, وعمل على تحرير المجتمع بصون الحريات العامة وحماية حرية الضمير والمعتقد وحرية التعبير,رافضا رفضا حاسما سيطرة العقلية الأمنية على مقدرات المجتمع ...
فثورة رفيق الحريري , ثورة هادئة , عميقة الأثر تزرع الحداثة وروح الإعتدال والإحتكام الى العقل كما تنشد مزامير الحكمة وآيات التقوى ومخافة الله...
لكن رفيق الحريري عرف أن يبقي المعارضة في إطارها السياسي , والثورة في بعدها التربوي, لأنه رجل المؤسسات والحوار قبل أن يكون قائد جمهور وصاحب قرار ,
وبإستشهاده أخذت ثورة الأرز بعدا وجدانيا وعاطفيا ووطنيا لكنها بقيت في حدود إنتفاضة الإستقلال .
فكانت بحق أكثر من إنتفاضة , فهي عملية تحرير سلمية وأقل من ثورة سياسية , إذ انتقلت وبسرعة الى إنتاج تسويات أكثر من إنتخابية وأقل من وطنية ...
وكأني به ينادينا للرجوع الى الأصالة والأصول لتجذير ثورة الأرز حيث يجب , في العقلية والنهج , والإحتكام الى الديمقراطية الحقيقية ,متسلحين بروح العدالة , وبالقدرة على الغفران وبالقوة على التخطي والإرتقاء...
إن إرث الدم , دم رفيق الحريري ,هو إرث كل شهيد سقط في ثورة الأرز, لأن ما جمع هؤلاء الشهداء هو قضية واحدة ومسيرة واحدة ,وهذا الإرث هو أمانة نتشارك في حملها ولا نتقاسمها....
المجد والخلود للرءيس الشهيد ولكل شهداء ثورة الارز
ليحيا لبنان


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire