jeudi 1 août 2013

2013-02-27الإمام موسى الصدر وروح التغيير

الإمام موسى الصدر وروح التغيير

• سليم الصايغ وزير سابق
• 2013-02-27
سكن الامام الصدر في الضمير ومنه احيا روح التغيير. 
فغدا عنواناً لرفض الواقع بظلمه ويأسه ومرشداً الى الرجاء بتجدده وتجسده.
برز الامام في زمن الجدلية المادية والاقطاعية السياسية والاصولية الدينية. فأخذ عن الاشتراكية اهمية الصراع الاجتماعي من دون ان يتبنى الطبقية، وفهم الاقطاعية في ظروفها التاريخية، قبل ان يسقط معها الصنمية، ونهل من الأصولية ضرورة التغيير قبل أن يخرجها من الرجعية القيمية.
وفي كل ذلك، ثروة بنيوية ونداء للنشوء وتحفيز للارتقاء.
فالثورة تقلب المفاهيم البالية وتعود الى القواعد الاساسية.
فلا ثورة من دون فقه معنى الكرامة وقيمة سمو الانسان على سائر الكائنات، اذ ان الانسان عند الامام يحمل مشروع الله وهو على صورته وفي هذا مصدر كرامته.
ولا ثورة من دون فعل الحرية. ان تحرير الانسان هو شرط تمكين المجتمع، كما ان التمكين هو أساس بناء مدينة الله على الارض.
فثورة الامام تحرر الانسان من كل العبوديات، كالمال والسلطة والفقر والحرمان والتزمت، كما أنها تمكّن مجتمع الفضيلة على قاعدة "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر".
إن سعي الامام الى تحرير الانسان فيه دعوة الى التخطي ليكون على صورة الله، تخطي الذات بأنانيتها وتخطي الجماعة بتسلطها، للتأسيس على الكرامة المستدامة التي هي غير استدامة الكرامات، والمحبة الصادقة التي هي غير صداقة المحاباة، والالتزام المؤمن الذي هو غير الايمان بالاستزلام، والتواصلية المنتهزة التي هي غير انتهازية الوصولية، وتطبيع الحوار الذي هو غير حوار التطبيع.
لا يخاف الامام الاصطدام ولا يهرب منه، لأن التغيير يبدأ مع الذات أولاً، ومع المنتفعين من الاوضاع ثانياً.
فلا سكوت عن الظلم والتسلط والحكم الجائر، اذ ان وعي المسألة الاجتماعية يولد المسؤولية، فردية كانت أم جماعية، "فكلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته".
ولا ميوعة في التعامل، اذ لا تغيير ممكن من دون ارادة حرة. فمن اراد اقتدر، فتتزاوج الحرية والقدرة وتنشد عروة الوثاق بالالتزام اللامتناهي، لأنه مرتبط بالله اللامتناهي.
في الالتزام عنده جرأة صادقة، لأن "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، وفي ذلك صدى روحي لما ورد في الإنجيل : "تعرفون الحق والحق يحرركم".
سعى التزام الامام للتحديث وهو كان ولا يزال في قلب الحداثة، فقارب العدالة الاجتماعية بمفهوم جديد، منتقداً عدالة الحد الأدنى، والعدالة المبنية على المعايير الكمية. فهي أشبه بعدالة الالحاد، عدالة الاجزاء، عدالة الحلقات المبعثرة.
فالعدالة الاجتماعية المطلوبة هي عدالة تتخطى المردودية الاقتصادية لبلوغها المردودية الاجتماعية والانسانية والبيئية وصولاً الى الخير العام.
هي عدالة الفرح... عدالة التنمية ما بعد الرعاية، والتحفيز ما بعد الحاجة، والتكافؤ ما بعد الكفاية، والكفاءة ما بعد المساواة، والتنوع ما بعد الوحدة. هي باختصار عدالة اجتماعية تحصّن الولاء الوطني وتنميه.
وفي هذا كذلك تحديث ومعاصرة. فالانتماء يتزاوج مع الانماء والتنمية، اذ ان تأرجح مفهوم الانتماء اليوم ومعه مسألة الولاء، هو ليس من قلة الوفاء للوطن ولقيمه، وانما من منطق انحسار مفهوم التنمية وانعدامه، فيختلط الولاء للوطن بالولاءات الأخرى، لتصبح في تضاد وتضارب. وهكذا الانتماء.
فإما ان يكون الانتماء كاملاً غير منقوص بالتنمية الانسانية الشاملة او لا يكون، وهكذا يدخل الإمام، وكأني به يتحدث اليوم، الى قضية المحرومين ليخرج معها تعظيماً للوطن واعلاء للانسان وتمكيناً للدولة، اذ يقول: "لا عودة الى دولة الحرمان، لا عودة الى دولة الاشخاص".
وكأني به اليوم واقفاً ليعلن ان لا لدولة الاشخاص، وحزب الاشخاص، وجمعية الاشخاص، ومجتمع الاشخاص، لأن مجموع الاشخاص لا يبني دولة او حزباً او جمعية او مجتمعاً".
فالامام اليوم يدعونا كما بالأمس، الى الخروج من الشخص، من حراك اجتماعي افقي لم يدركه بعد علم الاجتماع بكل أبعاده، للدخول الى الانسان، والخروج من الأنانية، للدخول الى الكرامة والخروج من الحرمان، للدخول الى تكافؤ الفرص والخروج من الظلم للدخول الى العدالة الحقيقية... وبالنتيجة للخروج من الظلمة للدخول الى النور.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire