jeudi 1 août 2013

ندوة الحوار بديل عن العنف في المركز الكاثوليكي

ن
ندوة الحوار بديل عن العنف في المركز الكاثوليكي كلمات شددت على خلق ثقافة الحوار واحترام الاختلاف والتعدد
الخميس 18 تموز 2013

نظمت اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للاعلام، بعنوان "الحوار بديل عن العنف"، برئاسة رئيس اساقفة بيروت واللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، شارك فيها: الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ، أمين عام اللجنة الوطنية اللبنانية للحوار الإسلامي المسيحي الدكتور محمد السماك، أمين عام مؤسسة الإمام الحكيم السيد علي الحكيم، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، حضرها أمين سر اللجنة البرفسور الأب يوسف مونس، نقيب الصحافة محمد البعلبكي، وأعضاء لجنة اللقاء الروحي: نائب عام الرهبانية المخلصية الأب عبدو رعد، إمام مسجد العجمي في شحيم الشيخ أياد عبد الله، ومستشار شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ عامر زين الدين وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين.

مطر
بداية، رحب المطران مطر بالحضور معتبرا "أن عملية غرق جماعي تجري في العالم العربي أمام أعيننا"، وقال: "بينما نحن نحاول الدعوة إلى استرجاع العقل المعطل في منطقتنا، نرى المزيد من العنف ومعه الدمار وتوابعه يطل على كل الساحات بروحه القاتلة والمهددة للحياة".

وأكد "أننا لا نستطيع الاستسلام لليأس.. لذلك ننطلق بقوة القناعة الإيمانية، لنؤكد أن هناك طريقا غير العنف نستطيع سلوكه، وأن العداوة والقتل والحروب والنزاعات ليست أمورا جوهرية في سلم الوجود، بل الجوهر هو الأخوة والتلاقي والحب. والمدخل للوصول إلى هذه الأجواء لن يكون سوى في الحوار الذي، إذا مارسناه، يستطيع أن يقلب كل المعادلات ويخلق جوا جديدا للإنسانية يكون مقدمة لخلاصها الأكيد".

ولفت الى اننا "لم نحرز على مدى ما يقارب قرنا من الزمن أي تقدم حقيقي في وسائل الحكم وفي إرساء دولة القانون وفي الحفاظ على حقوق الإنسان وحرياته، وفي الإسهام في صنع الحضارة العالمية في جو سلام حقيقي شامل في المنطقة، وخصوصا في داخل صفوف العرب الذين يعترفون أنهم قومية واحدة وأمة واحدة، ولا يتصرفون أبدا على مثل هذا الأساس".

وقال: "إن العنف مبني على لا إنسانية الآخر وعلى تشويه هذه الإنسانية فيه وتحويلها إلى لا إنسانية. لهذا وقع العالم العربي أمام واقع التعدد الديني والفكري في فخ رفض الآخر ورفض هذا التعدد أو رفض الإقرار بالمساواة في التعامل مع هذا التعدد وفي معالجة المشاكل التي يمكن أن يحدثها هذا التعدد. إن هذا الموقف يشكل أزمة حضارية كبرى يجب التصدي لها قبل التصدي إلى الأمور السياسية".

وأردف: "الحوار إذا ليس موقفا نأخذه في الحياة بصورة اختيارية وحسب، بل هو الموقف الإنقاذي الوحيد الذي يعيد للكون فرحة تكوينه بحسب مشيئة الله المقدسة. الحوار سيكون بديلا من العنف، لأن في العنف رفضا للآخر وفي الحوار قبول حقيقي له وتعامل معه وتعاون. الحوار لا يفرض فكر الآخر لأن الإنسان مطبوع على الحرية ولأن الإنسان لا يعرف الحقائق إلا من بعض زواياها. لكن الحوار يميز بين الآخر كشخص مقبول له حقوقه وبين فكر هذا الشخص الذي قد لا أقبله رغم أني أقبل صاحبه وأتعاطى معه تعاطيا ضمن قواعد الاحترام".

وختم بالقول: "في العالم العربي اليوم تأرجح كبير بين قبول التعددية ورفضها، بين الحرية والإكراه، بين العنف والحوار. فالمطلوب إذن هو خلق ثقافة الحوار من جديد عن طريق خلق القناعات بقبول الآخر المختلف. وهذا يتطلب جهدا تربويا كبيرا في العائلات والمدارس والجامعات وفي الرأي العام نفسه إذا أردنا أن نصل إلى تثبيت روح الحوار في الضمائر وفي العقول. وإذا كانت هذه هي قضية الحوار في عالمنا العربي فإنها حتما ستنعكس على قضية الديمقراطية نفسها. فالديمقراطية لا تبنى من دون اختلاف الآراء وقبول هذا الاختلاف وصولا للاحتكام إلى الانتخابات العامة وتثبيت خيارات الشعوب عبر استفتائها استفتاء حقيقيا".

الحكيم
ثم كانت مداخلة للشيخ الحكيم الذي عرف العنف بأنه "محاولة الحصول على حق أو شيء بالقوة غير المشروعة"، معددا وسائل العنف من "الكلمة إلى الصراخ، فالإنتقاد الشديد، فالضرب، فالقتل". واعتبر أن اسباب العنف متعددة: فمنه ما يهدف إلى رفع الظلم والحيف والتمييز وقسمه إلى عنف اجتماعي، أخلاقي، اقتصادي وديني". وخلص إلى اعتبار "العنف الديني الأخطر والأقسى والامر لأنه أشد مظاهر العنف ودرجاته بمحاولته إضفاء القدسية عليه وتلبسه بلبوس المقدس وتحوله تدريجيا أو دفعة واحدة إلى واجب إلهي مقدس". ونفى "وجود أي تبرير منطقي ومعقول للعنف - الخطأ - الخطيئة - الجريمة".

ورأى "أن الحوار يمكن أن يكون أساسا ومدماكا في فك الاشتباك وفهم الآخر والتعرف عليه، سواء أيجابا أو سلبا"، مشيرا "إلى إمكانية أن يكون الحوار الأساس لكل بناء مجتمعي، دنيوي أو ديني"، داعيا إلى "تبني وثيقة المدينة".

الصايغ
ثم كانت مداخلة للوزير د. الصايغ، اعتبر فيها "أن غايات الحوار العملية، تدارك العنف وحل الأزمة والخروج منها وتحويلها إلى سلام، فتكون المكاسب في كل الأحوال بنيوية أو آنية"، معددا "شروط نجاح الحوار العامة وهي: الإرادة، الحرية، القدرة، المصداقية، الاعتراف بالآخر والإدراك".

ورأى "أن الحرية شرط من شروط قيام الحوار، وهذا يؤدي إلى القدرة على الإلتزام اثناء الحوار وبعده، مستشهدا بمسألة تحييد لبنان والسلاح الفلسطيني، فاعتبر "أن تحييد لبنان يجذر إرادة أبنائه في الداخل ويفك الإرتباط السياسي بين الداخل والخارج، ففي الوقت الذي استطاع فيه اللبنانيون التوافق على هذا المبدأ التأسيسي، لم يتمكنوا من ترجمة مندرجاته إلى واقع سياسي، لإنتفاء الحرية وذلك بسبب الإرتباط السياسي بين الداخل والخارج".

واشار الى "أن الدولة اللبنانية ما زالت ممنوعة من دخول المخيمات، ولم تستطع أو لم ترد أن تطبق مقررات الحوار 2006 المتعلقة بنزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات"، معتبرا أن "هذه المقررات تأسيسية ناتجة عن حوار تأسيسي يعزز السلم الأهلي ويدعم الوحدة الوطنية". ورد ذلك "إلى إن السلاح الفلسطيني في معادلة القوة الداخلية يوازي سلاح المقاومة، ولأسباب لا تتعلق لا بفلسطين ولا بالمقاومة في لبنان، وهو باق ما بقيت. وبما ان المقاومة مرتبطة بمعادلة الداخل والخارج، يصبح السلاح الفلسطيني مرتبطا بها أيضا".

السماك
من جهته، رأى السماك ان "الحوار والعنف متناقضان لا يجتمعان". وقال: "العنف معطل للحوار والحوار لاغ للعنف، وكلاهما، أي الحوار والعنف، ليسا هدفا في حد ذاته بل ان كلا منهما مجرد وسيلة، أما الهدف فهو ادارة التنوع. وحتى تكون هذه الادارة ناجحة، فان من أهم مستلزماتها الالتزام بقاعدة احترام الاختلافات وليس تجاهلها، ولا ارهاب المختلف معهم".

وأضاف: "عندما ننطلق من الدعوة الى اعتماد الحوار بديلا عن العنف، فاننا قد نوحي وكأن القاعدة المعتمدة - أو الرائجة - في مجتمعنا لادارة التنوع هي القاعدة العنفية، قاعدة لي الأذرع والقهر. واننا قد نوحي أيضا اننا نعرف في الوقت ذاته ان ثمة ما هو أفضل منها يجدر اعتماده، وهو القاعدة الحوارية التي ندعو الى اعتمادها. والواقع ان التجارب اللبنانية أثبتت اننا نجمع بين الأمرين، بين العنف والحوار. إلا أننا لا نلجأ الى الحوار إلا بعد أن نجرب كل أنواع العنف. وبعد أن نكون قد دفعنا الثمن غاليا".

وتابع: "نحن لا نتعلم من تجاربنا، نحن نتعلم في تاريخنا ولا نتعلم منه. ولذلك نرتكب الأخطاء ذاتها باللجوء الى العنف مرارا وتكرارا، وننسى اننا ما نجحنا في وفاقنا الوطني مرة واحدة بالعنف. وان نجاحنا جاء ثمرة لجوئنا الى الحوار. واننا ما تعرضنا لخطر الانهيار الا عندما لجأنا الى العنف، ولم نخرج من حافة الخطر إلا عبر الحوار".


ورأى أن "العنف ليس بالعمل فقط. بمعنى انه لا يقتصر على استخدام قوة القتل والتدمير، ولكن العنف يكون بالكلمة أيضا. واللغة السياسية بانها تهدف الى تصوير الأكاذيب حقائق، والجريمة فضيلة. ان رجل السياسة لا يتحدث عن القتل الا عندما يصف ما يفعله الخصوم والأعداء. وليس ما يفعله هو بالخصوم والأعداء".

واعتبر"التكفير عنفا كالسيارة المفخخة، والتخوين عنفا كالعبوة الناسفة، لأن في كليهما محاولة لإلغاء الآخر المختلف في غيمانه أو في وطنيته".

وقال: "نعرف ان الحوار لا يكون إلا مع الآخر. وان الآخر لا يكون آخر إلا إذا كان مختلفا. ونعرف اننا نشكل في لبنان مجتمعا من 18 آخر، أي من 18 مكونا مختلفا. ولذلك فان الحوار هنا ينطلق من الاعتراف أولا بوجود الآخر، وثانيا الاعتراف بحقه في ان يكون مختلفا، وثالثا الاعتراف بالحاجة الى التفاهم معه من أجل العيش معا، ورابعا الاعتراف ان الحوار - لا العنف - هو الوسيلة التي تؤدي الى هذا التفاهم المنشود، وخامسا ان الحوار عملية لا تتوقف وان استمرارها هو الذي يضخ الدم في شرايين التفاهم مما يمكنه من اجتياز المطبات الداخلية ومن التغلب على الاسقاطات التي غالبا ما تهبط علينا من الخارج".

أضاف: "والحوار هنا ينطلق من قاعدة التسامح مع الآخر أو من محاولة استرضائه وطمأنته، بل من قاعدة الاعتراف بحقه، في أن يكون آخر، أي في أن يكون مختلفا. ومهمة الحوار هنا ليست ترقيع علاقات ممزقة، بل هي حياكة نسيج وطني متماسك، وإقامة شبكة دائمة ومتينة من جسور التواصل والتفاهم والتعاون في حقول الحياة وميادينها كافة".

واشار الى "ان كل مجتمع متعدد مفتوح دائما على احتمالات الخلاف، ولذلك فهو يحتاج إلى آلية وطنية مشتركة تعتمد أساسا لحل أي خلاف ولمعالجة أي سوء تفاهم، وذلك في اطار الدستور والقوانين والأعراف الوطنية. ويشكل الحوار أساس هذه الآلية والمرجع الصالح لقطع الطريق أمام أي لجوء الى العنف أو الى الاستقواء به في التعامل مع أي خلاف. أما العمود الفقري الذي تقوم عليه هذه الآلية الوطنية فيتمثل في إقرار كل مكون من مكونات الاجتماع اللبناني، بانه لا يملك لا الحقيقة المطلقة في الإيمان، ولا الحق المطلق في الكيان".

ورأى أن "المشكلة ليست في وجود اختلافات وتباينات في المجتمع المتعدد كالمجتمع اللبناني، ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود ثقافة احترام الاختلاف والتعدد".

وختم مؤكدا أن "الانتصار الذي يفرضه العنف، يفرض عنفا معاكسا لمواجهته. ولذلك فهو انتصار وهمي. والانتصار الوهمي هو أسوأ أنواع الهزيمة. أما الانتصار الحقيقي فهو الذي يتم تحقيقه بالحوار الحر والمتكافئ. انه الانتصار الذي يبنى على المشاركة في صناعة الوفاق والتفاهم والذي يحقق تاليا السلام والازدهار".

أبو كسم
واختتمت الندوة بكلمة الخوري أبو كسم الذي توقف عند الوضع اللبناني الداخلي "الذي يشهد حالة من التشنج السياسي ومن الحراك الأمني المتنقل بين منطقة وأخرى"، مناشدا القادة والزعماء "الكف عن الخطاب الطائفي والمذهبي والتحريضي"، فلسان حال الشعب اللبناني بكل أطيافه يصرخ "كفى حربا وعنفا، كفى تهويلا وتخوينا بعضنا لبعض، كفى تحد، عودوا إلى الحوار البناء الصادق، الشفاف المسؤول، الناضج، المتجرد، فالعنف لا يولد إلا الحقد والمزيد من القتل والتهشيم والتشويه في صورة لبنان البهية".

ودعا "إلى التجاوب فورا مع الدعوة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى إنعقاد طاولة الحوار الوطني، حيث تناقش كل المسائل الخلافية بروح وطنية وبمسؤولية عالية تجنب البلاد مآسي الفتنة والعودة إلى الإقتتال الداخلي الذي تجرعنا كأسه المرة على مدى سنوات طويلة".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire