متحدثا في حمانا عن الدولة المدنية والربيع العربي:
الوزير السابق د. الصايغ: للعودة الى الميثاق الذي ثبّت الحياد
حمانا (09-08-2013)
ضمن سلسلة اللقاءات التي يقيمها اقليم بعبدا الكتائبي عُقِدَت ندوة في قسم حمانا ألقاها الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ بحضور الاستاذ جوزف أبو خليل حول "الدولة المدنية والربيع العربي"، واستُهلَت بداية بكلمة ترحيبية من رئيس الاقليم رمزي بو خالد الذي ذكّر بتاريخ الاستاذ جوزف بو خليل الذي عايش الرئيس المؤسس كما رحب بالوزير د. الصايغ وبالمنتسبين الجدد الى الحزب ولفت الى ان قسم حمانا اليوم هو في نهضة مستمرة. ومن ثم كلمة للرفيق جورج عبد المسيح الذي نوه بأهمية هذه المحاضرات لتوجيه المنتسبين الجدد بشكل علمي.
الوزير الدكتور سليم الصايغ تحدث بداية عن بلدة حمانا التي تعرف اليها من خلال ابنائها ويربطه بها تاريخ نضالي طويل...، خصوصا ان حمانا احتضنت اول قسم كتائبي تم تأسيسه خارج بيروت. كما وجه التحية لكل شهداء حمانا الذين استشهدوا على كل التراب اللبناني .
وشرح الدكتور الصايغ أن تحديد مفهوم الدولة يشير الى أنها مبنية على سلطة الشعب، وهي مجموعة مواطنين أحرار وليست مجموعة مؤمنين.
أما مفهوم الدولة العلمانية فهو نوعان:
1) الدولة ضد الدين وهي دولة القانون والحقوق المدنية حيث يحل الشعب مكان الله والقانون مكان الشريعة، وخلفية هذه الدولة هي
معاداة الدين أو أقله منافسة الدين بحيث يصبح القانون الدين المدني
2) الدولة مع الدين حيث يتم الفصل دون التعارض بين الدولة والدين وهي الدولة المدنية التي تكون فيها الأولوية لحقوق المواطن ومنها حرية اختيار الدين.
ولا بد من التنبه أن لا علاقة للدولة المدنية بهيكلية النظام، فهذا قد يكون مركزيا أو لا مركزيا، فدراليا أو مناطقيا، أما الدولة المدنية فهي معنية بمصدر السلطة، الشعب، أو الله.
وتابع أن مفهوم الدولة المدنية يعني الدولة التي تميز بين الدين والدولة، فلا إلتزام بدين معين ولكنها تحترم وتضمن حرية الايمان الديني اعتناقا وممارسة. وهذا ما كرسه الدستور اللبناني (مادة 9)
"حرية المعتقد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الاجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام، وهي تضمن أيضا للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية". مما يعني أن طبيعة الدولة في لبنان هي مدنية، وهذا ما كان قد كرسه أصلا الميثاق الوطني الذي نجح في خلق وجدان لبناني خاص وهوية وطنية جديدة قائمة على استمرار الاتفاق بين الطوائف، فجاء الميثاق كنقطة ارتكاز وانطلاق واستكمال، أكثر منه تقسيم للسلطة، فالميثاق هو روح الكيان اللبناني وخصوصيته."
فعلى المستوى الكياني يقوم الميثاق على الاعتراف المتبادل بين المسيحيين والمسلمين ويؤمن لكل مواطن فرصة التواصل والتفاعل مع الآخر والاغتناء من جديد الآخر بما لديه من قيم وخصوصيات.
وعلى المستوى الوطني يجمع الميثاق المواطنين على اختلاف مذاهبهم وأديانهم في وحدة المصير والتكامل في تكوين النسيج الوطني الواحد، ويدعوهم ليبنوا معا وطنا واحدا يكونون فيه مسؤولين بعضهم عن بعض ومحافظين على القيم الأخلاقية والعدالة الاجتماعية والسلام والحرية ومعززين الثقة ببعضهم بعضا وبالمستقبل، مع الانفتاح على أفضل ما في الحداثة.
وعلى المستوى السياسي، يشرك الميثاق الاجتماعي جميع المواطنين وفقا لانتمائهم الطائفي في الحكم والإدارة بتنظيم دستوري، وهذا ما يسمى "الصيغة اللبنانية".
هذه هي العناصر الأساسية للدولة المدنية في لبنان، ولذلك لا بد من تطوير صيغة الدولة المدنية القائمة، مع الاعتبار أن المشكلة في لبنان ليست من المجتمع الطوائفي المعروف بالتعددية في الوحدة وهو ثروة وغنى، بل من الهيمنة الطائفية وتغليب الولاء الطائفي.
لذلك تطالب الكتائب باستكمال بناء الدولة المدنية، ولذلك تبنت في مشروعها السياسي "عقد للاستقرار" شرعة العمل السياسي في ضوء تعاليم الكنيسة وخصوصية لبنان - المادة 8
"يوجب التمايز بين الدين والدولة قيام دولة مدنية تحترم الأديان وتصون حرية المعتقد والعبادة، فيما تتولى دون سواها ادارة الشان السياسي والاقتصادي والمالي والعسكري، ويبقى من حق الدين أن يعطي حكمه الأدبي في أعمال هذه الادارة، وأدائها من ناحية نتائجها الخلقية والانسانية".
أما الدولة فتلتزم بإعطاء الدين مكانته ودوره في ما يشيع من قيم روحية تنعش الحياة الاجتماعية السريعة العطب.
مما يعني أن لا اختلاط بين السياسة والدين واستطرادا لا استقواء متبادل بينهما، وكما جاء في مقدمة الميثاق الاجتماعي: "لأن الرابطة الحقيقية في علاقات اللبنانيين هي رابطة المواطنية، وهي وحدها مصدر حقوق اللبنانيين في الدولة والمؤسسات مما يستدعي العمل على تنمية الولاء الوطني وتجاوز الانقسامات وصولا الى وحدة وطنية نهائية على قاعدة المساواة الحقيقية المرتكزة على أمن وعدل اجتماعيين يكرسهما الانماء المتوازن".
وقال:" ان موضوع الدولة المدنية والربيع العربي موضوع دقيق وليس جديدا أن نتحدث في حزب الكتائب عن الدولة المدنية كما ورد في النظام التأسيسي للحزب الذي يقول بالنظام المدني منذ العام 1936 حين اتخذت السلطات اللبنانية قرارا مهما يتعلق بالأحوال الشخصية ويكون قانونا عاما للجميع ولكن هذا القانون لم يطبق حتى الآن وعلينا اليوم الاستمرار بالمطالبة بالدولة المدنية.
ومن ثم جاء الميثاق الوطني الذي كان تلاقيا بين تيارين سياسيين (الكتلويين والدستوريين) اضافة الى المسلمين و المسيحيين ودعا الى بناء دولة حديثة حيث المصلحة العامة التي تحميها الدولة وليس مصلحة كل طائفة... وبالتالي ظهرت ثقافة المواطنة وثقافة الخير العام و ما كان الميثاق ليولد لولا الكتائب التي سارت ضد فئة كبيرة من شعبيتها لأنها رات ان هذا الميثاق هو الذي يحمي المسيحيين.. و"ليس بالصدفة ان يعتبر بيار الجميل رجل من رجال الاستقلال".
وفي ستينيات القرن الماضي اهتمت الكتائب بهذا الموضوع من خلال جمعها لرجال الفكر في لبنان من اليسار الى اليمين وطلبت من الجميع اعطاء رايهم في كيفية الغاء الطائفية السياسية وكان مخاضا فكريا وثقافيا جمع كل اللبنانيين.
ولاحقا تبين أن كلمة "علمانية" مرفوضة من تيارات معينة قريبة من المسلمين دون الدخول في التفاصيل، ولذلك قام بعض المشايخ في السعودية في العام 1973 بإصدار فتاوى تعتبر أن العلمانية نوع من انواع الالحاد .
وبعد الحرب اللبنانية اعتبر اتفاق الطائف انه يجب ان نبني على الواقع كما هو ومن هنا ولدت فكرة مجلس الشيوخ الذي يحاكي هواجس كل الطوائف التي تملك حق الفيتو على قرارات مجلس النواب في الأمور الجوهرية. اضافة الى ذلك فقد عزز الطائف صلاحيات مجلس النواب وأصبح شريكا كاملا في السلطة، أما السلطة التنفيذية التي كانت تميل اساسا الى رئيس الجمهورية فوضعت كلها في مجلس الوزراء مجتمعا الذي يرأسه سني كما ان رئيس الجمهورية لم يعد بإمكانه ان يحل مجلس النواب وبالتالي ولد اتفاق الطائف على حساب المسيحيين، غير أن ما خسره المسيحيون في المحاصصة ثبتوه في البنود الميثاقية التي قالت ب:
1 أن لا سلطة تقوم ضد ميثاق العيش المشترك
2 تكريس نهائية لبنان
3 منع التوطين
وهنا لا بد من التطرق الى المادة 9 من الدستور اللبناني التي تتناول حرية المعتقد وهي حرية مطلقة، وتؤكد احترام الدولة لجميع الاديان والمذاهب ...كما ان حرية المعتقد تعزز حرية المواطنين .
وتابع أنه علينا العمل لكي لا يتدخل الدين في السياسية و لا تتدخل السياسة في الدين، والا نكون نفسح المجال أمام كل رجل سياسي ان يفتي بالدين والعكس صحيح مع ايماننا أن الطوائف اصبحت اليوم مجموعات ثقافية وليس فقط دينية .
الصايغ شدد على الترابط بين المسيحيين والحرية ، لافتا الى أن دور المسيحي هو أن يكون القاطرة للوطن وللجماعة .
ورأى أن الدولة المدنية لها جذورها في لبنان وعلينا استكمالها اليوم..، مع التأكيد ان الطوائف هي مكون اساسي في لبنان اضافة الى سلة اصلاحات تتخطى إتفاق الطائف من دون أن تلغيه، وقال "نحن في حزب الكتائب في بداية ترسيخ هذه الامور، لا سيما منها مجلس الشيوخ الذي يحافظ على حقوق الطوائف".
ودعا د. الصايغ الى دولة مركزية قادرة وجذابة للوصول الى دولة مدنية والدولة المركزية القادرة تبني اقتصاد وتواجه ازمات كأزمة النازحين السوريين. ورأى انه من الخطأ الانتقال الى المناطق وترك بيروت والاستقالة من الدولة المركزية.
وفي الوقت عينه أكّد على الحاجة الى "لامركزية موسعة" من خلال الوحدات الاقليمية على أساس تطبيق مبدأ الانابة بالاتجاهين : فهكذا تقوم الدولة المدنية بواجبات الدولة الأساسية للمحافظة على وحدة الوطن وتماسك المجتمع وحقوق الانسان، وتترك للسلطة اللامركزية إمكانية الإدارة الذاتية للأمور التي تعني هذه المناطق مباشرة، وبالاتجاه المعاكس ترفد الوحدات الإقليمية السلطة المركزية بالإمكانات اللازمة لتطبيق السياسات العامة وتحقيق مبدأ التضامن بين هذه الوحدات، فتدير محليا كل ما يمكنها إدارته وتترك للسلطة المركزية كل ما يفوق قدراتها وإمكاناتها الذاتية. فيكون التوازن حاصلا بين المناطق والسلطة المركزية وبين مختلف المناطق في ما بينها، انطلاقا من التوازن بين حق المواطن وحق الجماعة المؤلفة للوطن.
كما دعا الى تطبيق الزواج المدني الاختياري وتطبيق قرارات مجلس شورى الدولة فيما خص قانون التجنيس ...وللعودة الى الميثاق الذي ثبت الحياد الإيجابي معتبرا أن اللحظة الزمنية اليوم ليست بعيدة عن الربيع العربي والمطلوب أن نحسن تلقُف هذه اللحظة .
_________________
الوزير السابق د. الصايغ: للعودة الى الميثاق الذي ثبّت الحياد
حمانا (09-08-2013)
ضمن سلسلة اللقاءات التي يقيمها اقليم بعبدا الكتائبي عُقِدَت ندوة في قسم حمانا ألقاها الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ بحضور الاستاذ جوزف أبو خليل حول "الدولة المدنية والربيع العربي"، واستُهلَت بداية بكلمة ترحيبية من رئيس الاقليم رمزي بو خالد الذي ذكّر بتاريخ الاستاذ جوزف بو خليل الذي عايش الرئيس المؤسس كما رحب بالوزير د. الصايغ وبالمنتسبين الجدد الى الحزب ولفت الى ان قسم حمانا اليوم هو في نهضة مستمرة. ومن ثم كلمة للرفيق جورج عبد المسيح الذي نوه بأهمية هذه المحاضرات لتوجيه المنتسبين الجدد بشكل علمي.
الوزير الدكتور سليم الصايغ تحدث بداية عن بلدة حمانا التي تعرف اليها من خلال ابنائها ويربطه بها تاريخ نضالي طويل...، خصوصا ان حمانا احتضنت اول قسم كتائبي تم تأسيسه خارج بيروت. كما وجه التحية لكل شهداء حمانا الذين استشهدوا على كل التراب اللبناني .
وشرح الدكتور الصايغ أن تحديد مفهوم الدولة يشير الى أنها مبنية على سلطة الشعب، وهي مجموعة مواطنين أحرار وليست مجموعة مؤمنين.
أما مفهوم الدولة العلمانية فهو نوعان:
1) الدولة ضد الدين وهي دولة القانون والحقوق المدنية حيث يحل الشعب مكان الله والقانون مكان الشريعة، وخلفية هذه الدولة هي
معاداة الدين أو أقله منافسة الدين بحيث يصبح القانون الدين المدني
2) الدولة مع الدين حيث يتم الفصل دون التعارض بين الدولة والدين وهي الدولة المدنية التي تكون فيها الأولوية لحقوق المواطن ومنها حرية اختيار الدين.
ولا بد من التنبه أن لا علاقة للدولة المدنية بهيكلية النظام، فهذا قد يكون مركزيا أو لا مركزيا، فدراليا أو مناطقيا، أما الدولة المدنية فهي معنية بمصدر السلطة، الشعب، أو الله.
وتابع أن مفهوم الدولة المدنية يعني الدولة التي تميز بين الدين والدولة، فلا إلتزام بدين معين ولكنها تحترم وتضمن حرية الايمان الديني اعتناقا وممارسة. وهذا ما كرسه الدستور اللبناني (مادة 9)
"حرية المعتقد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الاجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام، وهي تضمن أيضا للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية". مما يعني أن طبيعة الدولة في لبنان هي مدنية، وهذا ما كان قد كرسه أصلا الميثاق الوطني الذي نجح في خلق وجدان لبناني خاص وهوية وطنية جديدة قائمة على استمرار الاتفاق بين الطوائف، فجاء الميثاق كنقطة ارتكاز وانطلاق واستكمال، أكثر منه تقسيم للسلطة، فالميثاق هو روح الكيان اللبناني وخصوصيته."
فعلى المستوى الكياني يقوم الميثاق على الاعتراف المتبادل بين المسيحيين والمسلمين ويؤمن لكل مواطن فرصة التواصل والتفاعل مع الآخر والاغتناء من جديد الآخر بما لديه من قيم وخصوصيات.
وعلى المستوى الوطني يجمع الميثاق المواطنين على اختلاف مذاهبهم وأديانهم في وحدة المصير والتكامل في تكوين النسيج الوطني الواحد، ويدعوهم ليبنوا معا وطنا واحدا يكونون فيه مسؤولين بعضهم عن بعض ومحافظين على القيم الأخلاقية والعدالة الاجتماعية والسلام والحرية ومعززين الثقة ببعضهم بعضا وبالمستقبل، مع الانفتاح على أفضل ما في الحداثة.
وعلى المستوى السياسي، يشرك الميثاق الاجتماعي جميع المواطنين وفقا لانتمائهم الطائفي في الحكم والإدارة بتنظيم دستوري، وهذا ما يسمى "الصيغة اللبنانية".
هذه هي العناصر الأساسية للدولة المدنية في لبنان، ولذلك لا بد من تطوير صيغة الدولة المدنية القائمة، مع الاعتبار أن المشكلة في لبنان ليست من المجتمع الطوائفي المعروف بالتعددية في الوحدة وهو ثروة وغنى، بل من الهيمنة الطائفية وتغليب الولاء الطائفي.
لذلك تطالب الكتائب باستكمال بناء الدولة المدنية، ولذلك تبنت في مشروعها السياسي "عقد للاستقرار" شرعة العمل السياسي في ضوء تعاليم الكنيسة وخصوصية لبنان - المادة 8
"يوجب التمايز بين الدين والدولة قيام دولة مدنية تحترم الأديان وتصون حرية المعتقد والعبادة، فيما تتولى دون سواها ادارة الشان السياسي والاقتصادي والمالي والعسكري، ويبقى من حق الدين أن يعطي حكمه الأدبي في أعمال هذه الادارة، وأدائها من ناحية نتائجها الخلقية والانسانية".
أما الدولة فتلتزم بإعطاء الدين مكانته ودوره في ما يشيع من قيم روحية تنعش الحياة الاجتماعية السريعة العطب.
مما يعني أن لا اختلاط بين السياسة والدين واستطرادا لا استقواء متبادل بينهما، وكما جاء في مقدمة الميثاق الاجتماعي: "لأن الرابطة الحقيقية في علاقات اللبنانيين هي رابطة المواطنية، وهي وحدها مصدر حقوق اللبنانيين في الدولة والمؤسسات مما يستدعي العمل على تنمية الولاء الوطني وتجاوز الانقسامات وصولا الى وحدة وطنية نهائية على قاعدة المساواة الحقيقية المرتكزة على أمن وعدل اجتماعيين يكرسهما الانماء المتوازن".
وقال:" ان موضوع الدولة المدنية والربيع العربي موضوع دقيق وليس جديدا أن نتحدث في حزب الكتائب عن الدولة المدنية كما ورد في النظام التأسيسي للحزب الذي يقول بالنظام المدني منذ العام 1936 حين اتخذت السلطات اللبنانية قرارا مهما يتعلق بالأحوال الشخصية ويكون قانونا عاما للجميع ولكن هذا القانون لم يطبق حتى الآن وعلينا اليوم الاستمرار بالمطالبة بالدولة المدنية.
ومن ثم جاء الميثاق الوطني الذي كان تلاقيا بين تيارين سياسيين (الكتلويين والدستوريين) اضافة الى المسلمين و المسيحيين ودعا الى بناء دولة حديثة حيث المصلحة العامة التي تحميها الدولة وليس مصلحة كل طائفة... وبالتالي ظهرت ثقافة المواطنة وثقافة الخير العام و ما كان الميثاق ليولد لولا الكتائب التي سارت ضد فئة كبيرة من شعبيتها لأنها رات ان هذا الميثاق هو الذي يحمي المسيحيين.. و"ليس بالصدفة ان يعتبر بيار الجميل رجل من رجال الاستقلال".
وفي ستينيات القرن الماضي اهتمت الكتائب بهذا الموضوع من خلال جمعها لرجال الفكر في لبنان من اليسار الى اليمين وطلبت من الجميع اعطاء رايهم في كيفية الغاء الطائفية السياسية وكان مخاضا فكريا وثقافيا جمع كل اللبنانيين.
ولاحقا تبين أن كلمة "علمانية" مرفوضة من تيارات معينة قريبة من المسلمين دون الدخول في التفاصيل، ولذلك قام بعض المشايخ في السعودية في العام 1973 بإصدار فتاوى تعتبر أن العلمانية نوع من انواع الالحاد .
وبعد الحرب اللبنانية اعتبر اتفاق الطائف انه يجب ان نبني على الواقع كما هو ومن هنا ولدت فكرة مجلس الشيوخ الذي يحاكي هواجس كل الطوائف التي تملك حق الفيتو على قرارات مجلس النواب في الأمور الجوهرية. اضافة الى ذلك فقد عزز الطائف صلاحيات مجلس النواب وأصبح شريكا كاملا في السلطة، أما السلطة التنفيذية التي كانت تميل اساسا الى رئيس الجمهورية فوضعت كلها في مجلس الوزراء مجتمعا الذي يرأسه سني كما ان رئيس الجمهورية لم يعد بإمكانه ان يحل مجلس النواب وبالتالي ولد اتفاق الطائف على حساب المسيحيين، غير أن ما خسره المسيحيون في المحاصصة ثبتوه في البنود الميثاقية التي قالت ب:
1 أن لا سلطة تقوم ضد ميثاق العيش المشترك
2 تكريس نهائية لبنان
3 منع التوطين
وهنا لا بد من التطرق الى المادة 9 من الدستور اللبناني التي تتناول حرية المعتقد وهي حرية مطلقة، وتؤكد احترام الدولة لجميع الاديان والمذاهب ...كما ان حرية المعتقد تعزز حرية المواطنين .
وتابع أنه علينا العمل لكي لا يتدخل الدين في السياسية و لا تتدخل السياسة في الدين، والا نكون نفسح المجال أمام كل رجل سياسي ان يفتي بالدين والعكس صحيح مع ايماننا أن الطوائف اصبحت اليوم مجموعات ثقافية وليس فقط دينية .
الصايغ شدد على الترابط بين المسيحيين والحرية ، لافتا الى أن دور المسيحي هو أن يكون القاطرة للوطن وللجماعة .
ورأى أن الدولة المدنية لها جذورها في لبنان وعلينا استكمالها اليوم..، مع التأكيد ان الطوائف هي مكون اساسي في لبنان اضافة الى سلة اصلاحات تتخطى إتفاق الطائف من دون أن تلغيه، وقال "نحن في حزب الكتائب في بداية ترسيخ هذه الامور، لا سيما منها مجلس الشيوخ الذي يحافظ على حقوق الطوائف".
ودعا د. الصايغ الى دولة مركزية قادرة وجذابة للوصول الى دولة مدنية والدولة المركزية القادرة تبني اقتصاد وتواجه ازمات كأزمة النازحين السوريين. ورأى انه من الخطأ الانتقال الى المناطق وترك بيروت والاستقالة من الدولة المركزية.
وفي الوقت عينه أكّد على الحاجة الى "لامركزية موسعة" من خلال الوحدات الاقليمية على أساس تطبيق مبدأ الانابة بالاتجاهين : فهكذا تقوم الدولة المدنية بواجبات الدولة الأساسية للمحافظة على وحدة الوطن وتماسك المجتمع وحقوق الانسان، وتترك للسلطة اللامركزية إمكانية الإدارة الذاتية للأمور التي تعني هذه المناطق مباشرة، وبالاتجاه المعاكس ترفد الوحدات الإقليمية السلطة المركزية بالإمكانات اللازمة لتطبيق السياسات العامة وتحقيق مبدأ التضامن بين هذه الوحدات، فتدير محليا كل ما يمكنها إدارته وتترك للسلطة المركزية كل ما يفوق قدراتها وإمكاناتها الذاتية. فيكون التوازن حاصلا بين المناطق والسلطة المركزية وبين مختلف المناطق في ما بينها، انطلاقا من التوازن بين حق المواطن وحق الجماعة المؤلفة للوطن.
كما دعا الى تطبيق الزواج المدني الاختياري وتطبيق قرارات مجلس شورى الدولة فيما خص قانون التجنيس ...وللعودة الى الميثاق الذي ثبت الحياد الإيجابي معتبرا أن اللحظة الزمنية اليوم ليست بعيدة عن الربيع العربي والمطلوب أن نحسن تلقُف هذه اللحظة .
_________________
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire