vendredi 23 mai 2014

د. الصايغ: مشروع "حاور" يأتي تلبية لحاجة ملحة تبرز بقوة في العالم العربي (21-05-2014)

احتفالية اليونسكو بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي من اجل الحوار والتنمية
 جريج نقل رسالة من سليمان الى شباب لبنان بألا يفقدوا الامل بوطنهم
د. الصايغ: مشروع "حاور" يأتي تلبية لحاجة ملحة تبرز بقوة في العالم العربي

بيروت، 21/5/2014 نظم مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية - بيروت، بالتعاون مع اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، أمس الثلاثاء 20 أيار 2014 ، احتفالية لمناسبة "اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية"، في فندق فينيسيا بعنوان "رسالة لبنان الى العالم"، برعاية فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ممثلا بوزير الاعلام رمزي جريج.

حضر الاحتفالية النائب محمد قباني ممثلا رئيسي مجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء تمام سلام، النائبان روبير غانم وخالد زهرمان، مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت حمد الهمامي، رئيس اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو هنري العويط، نائب الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني فهد السلطان، الأمينة العامة للجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو زهيدة درويش جبور، المستشار الأول لبرنامج اليونسكو للحوار والسلام الوزير السابق
د. سليم الصايغ وشخصيات ثقافية وتربوية وإعلامية.

وتندرج هذه الإحتفالية في إطار "برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز لثقافة السلام والحوار" والذي يهدف وبالتعاون مع منظمة اليونسكو الى إشراك الشباب في نشر السلام والترويج لثقافة الحوار بين الدول والشعوب وترسيخ مبادىء العمل المشترك من أجل جعل الحوار سبيلا لحل النزاعات وتكريس السلام العالمي بديلا للعنف.

وتخلل الإحتفالية إطلاق مسابقة الشباب "التنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية" في المدارس المتوسطة والجامعات، كما أطلق الموقع الألكتروني "حاور" الذي يؤمن مجموعة من الموارد وأدوات الدعم للشركاء ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والباحثين والأكاديميين والشباب المحترفين العاملين في مجال الحوار ما بين الثقافات في المنطقة العربية.

بدأ الحفل بالنشيد الوطني، ثم كلمة مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت الدكتور حمد الهمامي الذي رأى أن الاحتفال باليوم العالمي للتنوّع الثقافي يكتسب أهمية خاصة في ظل التوتّرات التي تعيشها المنطقة من انتشار واسع للعنف وصراعات مذهبية وطائفية وانتشار لخطابات الكراهية والتحريض. فبدلاً من أن نحتفي بالتنوّع الثقافي والتنوّع المذهبي والديني التي تزخر به منطقتنا، أصبح هذا التنوّع مصدر للتوتّر والنزاع الدموي. ولقد أكّد الإعلان العالمي بشأن التنوّع الثقافي الذي رعته اليونسكو في العام 2001 على احترام التنوّع والى مأسسة ثقافة الحوار والحاجة الى التحوّل من مبدأ التسامح مع الآخر الى احترام الآخر والتعاون الإيجابي معه لحماية هذا التنوّع. ان الدول الاعضاء باليونسكو المجتمعة بالدورة 31 للمؤتمر العام في 2001 اعتمدت الاعلان العالمي للتنوع الثقافي، الذي يؤكد على اقتناع الدول الاعضاء بان حوار الث
قافات يشكل افضل ضمان للسلام، ولقد أشار إعلان مؤتمر لقاء الحضارات الذي عقد في البحرين منذ أسبوعين أن القيم الانسانية هي الأصل المشترك الذي يُجمع عليه البشر جميعاً على اختلاف ألوانهم وتوجّهاتهم الفكرية والدينية وأن الحوار هو القاعدة والأداة والرافعة التي تحمل مسؤولية ترسيخ وحدة الانسانية في إطار تنوعّها واختلافها وتعدّدها تحقيقاً للسلم والأمن والعدالة والتنيمة.

أضاف الهمامي أن كلا من اليونسكو وحكومة المملكة العربية السعودية قد أدركتا أهمية مبدأ وقاعدة الحوار كوسيلة للعيش المشترك والتفاهم الانساني والتحالف الحضاري، فقد تمّ توقيع اتفاقية شراكة بين حكومة المملكة واليونسكو لتنفيذ برنامج طموح في المنطقة العربية والعالم هو "برنامج الملك عبد الله للحوار والسلام". يهدف هذا البرنامج الى تمكين اليونسكو لتوفير الآليات ودعم القدرات والمؤسسات الرسمية والمدنية الداعمة لمأسسة الحوار ونقله من النقاشات النخبوية والدراسات الأكاديمية الى ممارسات حقيقية في البيت والمدرسة والعمل والجامعة. وهنا لابد من تسجيل اسمى ايات الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين على دعمه للحوار والسلام وتمكين اليونسكو من القيام بمهامها في هذا المجال.

وختم الهمامي مقتبسا جزءا من رسالة المديرة العامة لليونسكو في مناسبة اليوم العالمي للتنوّع الثقافي في أيار/مايو 2014 تقول فيه : "إن الاستثمار في الإبداع من شأنه أن يحدث تحوّلاً في المجتمعات. وعلينا أن نطوّر لدى الشباب، من خلال التعليم، كفاءات التفاعل بين الثقافات، لإحياء تنوّع عالمنا ولنتعلّم العمل معاً، في بيئة يسودها تنوّع لغاتنا وثقافاتنا وأدياننا، من أجل إحداث التغيير".

ثم كانت كلمة رئيس اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو الدكتور هنري العويط الذي استهلها متوجها الى رئيس الجمهورية قائلا فمَن منّا لا يذكر، يا صاحبَ الفخامة، الكلمةَ القيّمة التي ألقيتموها في أيلول عام 2008، في الدورةِ الثالثة والستّين للجمعيّةِ العامّة للأمم المتّحدة، وأعلنتم فيها أنّ "فلسفةَ الكيان اللبنانيّ تقوم على الحوارِ والوفاقِ والعيشِ المشترك"، وأنّ لبنان يبدو "أمامَ واقعِ تفاقمِ النزاعاتِ الدوليّة، المُنذرِ بصراعٍ ممكنٍ بين الحضارات، حاجةً دوليّةً وكمختبرٍ فعليّ لحوار الثقافاتِ والديانات... وهو يطمحُ اليومَ إلى أن يُصبحَ مركزاً دَوليّاً لإدارةِ حوارِ الحضارات والثقافات". ثمّ جدّدتم هذه الدعوةَ في الكلمةِ البليغة التي ألقيتموها مؤخّراً في افتتاحِ مؤتمر "الحوار، الحقيقة، والديموقراطية"، الذي نظّمه "المركزُ الدوليّ لعلومِ الإنسان – بيبلوس"، فاعتبرتم أنّ طموحَ لبنان هذا يتناسب مع دوره "كجسر تواصلٍ بين الشرقِ والغرب، وإنطلاقاً من ميزاته الفريدة، وتنوّعهِ الغنيّ، وتجربتِهِ المتأصّلة في التوفيق بين الوحدة والتعدّد، والمعاصرة والأصالة، وخصوصيةِ الإنتماء والمواطَنة". فتقبّلوا، يا صاحبَ الفخامة، صادق امتنانِنا لأنّكم ذكّرتم اللبنانيّينَ والعالم، بثوابتِ لبنانَ التاريخيّة، وأبرزتُم خصائِصَه المميّزة. ودعوني أؤكّدُ لكم أنّنا في اللجنةِ الوطنيّة اللبنانيّةِ لليونسكو، نؤيّدُ ما ناديتُم به ودعوتُم إليه، وأنّنا لا نتبنّى فحسب شعارَ الإحتفاليّة هذا: "التنوّع الثقافيّ من أجلِ الحوار والتنمية: رسالةُ لبنان إلى العالم"، بل نستوحيه أيضاً بإستمرار في مبادراتنا وخططنا وبرامجنا ونشاطاتنا، ونعملُ على تطبيقه، ونسعى إلى الوفاء بما يرتّبه علينا من مسؤولياتٍ وإلتزامات.

أضاف العويط "لقد بات إحياء الأيام العالمية والدولية التي تحتفل بها منظمتا الأمم المتحدة واليونسكو كل سنة، تقليدا ثابتا في مسيرة اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، إيمانا منها بضرورة إثارة الوعي بخطورة شأن قضايا اللغة الأم، المرأة، المياه، البيئة، الفلسفة، الديموقراطية، السلام، الشباب، حرية الصحافة، محو الأمية والقضاء على التمييز العنصري.. وغيرها من القضايا التي تهم البشرية جمعاء. غير ان لجنتنا أولت باستمرار ملف التنوع الثقافي، عنايتهاالمركزة والمكثفة، نظرا الى الأبعاد المصيرية التي اتخذها هذا الموضوع على المستوى العالمي، من جهة، والى ارتباطه العضوي بهوية لبنان، ودوره ورسالته من جهة ثانية".

واستعرض قائمة النشاطات التي قامت بها اليونسكو على مدى السنوات العشر الماضية، في هذا المجال والأنشطة الفنية بهدف تطوير السلوكيات التي تعمق ثقافة الحوار وتبني مساحات مشتركة للتفاعل، والى ما أصدرته من كتب، ومن أبرزها دليل "التوعية على أهمية الحوار بين الثقافات".

ونوه العويط بمشروع "المصالحة الثقافية للشباب اللبناني" ومشروع التعريف بكتاب "المظاهر الثقافية في الديانتين المسيحية والإسلامية"، وقد نفذت حلقاتهما ودوراتهما في نطاق محافظات لبنان الست، وبمشروع "تنمية ثقافة العيش معا بين شباب طرابلس: باب التبانة- جبل محسن"، وهو مشروع رائد ومبتكر، هدف الى تنمية حس المواطنة والى تعزيز الإنتماء من خلال مدينة واحدة، الى بلد واحد غني بتنوعه".

وقال: "نحن نعرف ان التنوع الثقافي قد يتسبب في بعض الحالات، في إثارة الإنقسام وتعميق الشروخ، ولكننا على يقين تام بأنه سبيل الى الوحدة، بل شرط جوهري لقيامها، على ما يؤكده المعلم الأول أرسطو في كتاب السياسة، إذ يقول "ان التنوع هو أساس الوحدة".

اضاف: "ولأننا أصحاب خبرة ثرية في هذا المضمار، نتبنى دون تردد أو تحفظ عبارة انطوان دو سانت أكزبري المأثورة "إذاكنت مختلفا عنك، فإن ذلك لا يضيرك، بل على العكس هو يغنيك". ولأن التنوع الثقافي مكون أساسي، بل هو من مقومات وجود لبنان، فاليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية، هو يوم لبناني بامتياز".

وأكد ان "لوطننا مصلحة أكيدة في الإعتراف بمبدأ التنوع الثقافي، وحمايته، والعمل على نشره وتعزيزه، ولكن التمسك بهذا المبدأ يتجاوز حدود المصلحة الوطنية، ليرتقي الى مرتبة الرسالة".

وكانت كلمة المستشار الأول لبرنامج اليونسكو للحوار والسلام الوزير السابق د. سليم الصايغ الذي قال: "حضرة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان ممثلا بمعالي وزير الإعلام النقيب السابق للمحامين الأستاذ رمزي جريج، ممثل الرئيس تمام سلام والرئيس نبيه بري النائب محمد قباني،
حضرة المدير الإقليمي لمنظمة الأونيسكو الدكتور حمد الهمامي، حضرة رئيس الهيئة الوطنية للأونيسكو في لبنان البروفسور هنري عويط، حضرة نائب الأمين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار الوطني الدكتور فهد سلطان المحترم.
سعادة النواب والسفراء، معالي الوزراء، أيها الحفل الكريم، 
أطلقنا منذ عامين المرحلة الأولى من مشروع "حاور" من ضمن برنامج الحوار بين الثقافات في المنظمة العربية وقد جاء هذا المشروع بمبادرة مشتركة من الأونيسكو ومركز الملك عبدالله بن عبد العزيز في المملكة العربية السعودية.
أما اليوم فها نحن فنحتفل بإنجاز المرحلة الأولى من هذا المشروع وإطلاق المرحلة الثانية. وربما جاء اختيار الأونيسكو مناسبة "اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل التنمية " لتظهير هذا الإنجاز كتعبير عن الأهداف الأساسية التي رمى إليها كإشارة الى المنهجية التي استند إليها  ومدلولاته على الروحية التي تم العمل بها. 
وقال: "لذلك أردنا ل"حاور" أن يكون سراجا يضيء طريقا من طرائق المعرفة. فبنينا قاعدة معلومات تجمع وترتب كل ما نشر من مراجع حول مسألة الحوار بين الثقافات في العالم العربي، ولدينا الآن فكرة دقيقة عن كل كتاب أو أطروحة دكتوراه ومكان وجوده في مكتبات العالم العربي. كما عمدنا الى اعلام أهم الشخصيات العربية المعنية بالحوار بين الثقافات وتواصلنا معها عبر استبيانات جاءت بعد لقاء مباشر مع أغلبها. وكذلك أصبح لدينا فكرة شاملة ودقيقة حول الجمعيات والمنظمات التي تعنى بقضية الحوار بين الثقافات، وقد زودتنا هذه الجمعيات والمنظمات بالخبرات المتراكمة لديها في هذا المجال. وأيضا تمكنا من التعرف على أهم الخبراء والمدربين في هذا المجال في مختلف البلدان العربية المستهدفة".
وتابع: "بعد جمع كل هذه المعلومات ونشرها على موقع "حاور" عمدنا الى فتح هذا المشروع لاستقطاب التجارب والأفكار المبتكرة في هذا المجال. وهكذا أصبح لدينا ولأول مرة في العالم العربي أداة معرفية عن أكثر ما عندنا حول موضوع "الحوار بين الثقافات". وفي هذا الإنجاز تحقيق لهدف سامٍ وهذا اكتشاف الذات، وتعريف الذات للذات واكتمال الذات  بالاحتكاك بالآخر، عبر ما كُتِب وما اختير، فنقرأ ذاتنا بعيوننا وبعيون غيرنا، مستشرفين هكذا ماهية الذات في الوطن العربي، الذات الخاصة بالجماعات المكوّنة له، كما الذات العامة المشتركة والجامعة لهويته.
أولا في الأهداف، أوضح ان مشروع "حاور" يأتي تلبية لحاجة ملحة تبرز بقوة في العالم العربي في السنوات الأخيرة، وقد جاء تغيير الأنظمة وصحوة الشعوب لتظهر الوعي الجماعي للمكنوز الثقافي الذي بدا كعامل في اللحمة أو الإنقسام ضمن الأوطان. ولئن كانت أسباب الإنقسام معروفة وأهمها الجهل، فإن تعزيز اللحمة لا يكون إلا بأنوار عربية الأصل، إنسانية البعد، عالمية المدى".


ثانيا في المنهجية: لفت الى أنه تمّت مقاربة الموضوع بطريقة  الاستبيان الشامل لكل من الموارد المتوفرة من دون تمييز مع تفضيل وتحضير مضاعف للمناطق النائية حيث تمنع صعوبة التواصل من لوغ الأهداف المتوخاة.
وأعلن انه تم وضع الموقع بتصرف الجمهور، داعيا "ك ل باحث أو ناشط في هذا المجال للتفاعل مع "حاور" فيستطيع مثلا أن يزيد عليه معلومات وتجارب، إذ ان الموقع هو ملك الناس وهو مكان لقاء في ما بينهم والتقاء لأفكارهم وخبراتهم، لذلك اعتمدنا أن يكون هذا الموقع مفتوحا للجميع، ساعين الى تطويره في اللغتين الإنكليزية والعربية، مع طموح لإدخال اللغة الفرنسية كذلك، كما نسعى ان يصبح هذا الموقع صديقا لذوي الحاجات الخاصة عبر اعتماد تقيات حديثة خاصة للمكفوفين".

وثالثا في الروحية، أكد ان المنهجية المنفتحة والمبسطة، تعزز التفاعل الخلاق بين الرعاية الواجبة للذات القاصرة والتمكين الإلزامي للذات المتحررة، معتبرا ان ان هذا التفاعل من شأنه أن يوصل التجربة، ويوثقها وينشرها مشاركا عبرها كل مختلف، مطلقا عملية التنمية"، مشيرا الى ان التنمية الإنسانية بكل أبعادها تهدف الى تحقيق السعادة والرفاه. وقد عبرنا عن ذلك في الميثاق الإجتماعي الذي وضعناه مع المجتمع المدني عام 2010 أثناء تبوئنا مركز وزارة الشؤون الإجتماعية في لبنان".

وقال: "في مشروع "حاور" ارتكزنا على مبدأ ان التنمية لا تتحقق إن لم يقم في حناياها حوار بين حاجات الإنسان يحتكم فيها الى الحكمة، التي ترأسها مخافة الله، والتي يؤسس لها الحق والمعرفة، إذ لا تنمية من دون تمكين للانسان ولا تمكين له من دون تمتين للمعرفة ولا تمتين لها من دون التعرف الى الآخر، ولا تعرف اليه من دون الإعتراف باختلافه ولا اعتراف به من دون القبول به".

وختم: "انها دعوة الى اهل العلم والثقافة وأنا على يقين من انهم على الموعد، وهي كذلك الى أهل القرار السياسي، إذ لا تنمية ولا حوار ولا ثقافة من دون قرار سياسي واضح بالحوار الباني للأوطان، الناسج للمجتمعات، المعزز للانسان، المحرر للارادات. عل تجربة "بريح" واطلاق الدعوة الى الحوار السياسي والسلام السياسي تلاقي صدى عند أهل الحل والربط في لبنان وخارج لبنان".

ثم أطلقت السيدة ميسون شهاب مستشارة برنامج التعليم الأساسي في مكتب اليونسكو الإقليمي مسابقة الشباب "التنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية" في المدارس المتوسطة والجامعات. واشارت الى ان هذه المسابقة تهدف إلى مخاطبة وإشراك شباب لبنان بوصفهم أطرافاً فاعلة للتبادل الإيجابي داخل وطنهم، وحثهم على لعب دور رئيسي في تنمية المجتمع وذلك من خلال تقبل الآخر. ولان احترام التنوع الثقافي وترسيخه، اصبح ضرورة ليس فقط داخل البلد الواحد بل على مستوى العالم الذي أصبح قرية كبيرة وعلى تماس دائم، تحث المسابقة طلاب وطالبات لبنان تقديم اعمالا تظهر لبنان كمثالا للتنوع والحرية والعيش معا.

كما تمّ خلال الاحتفالية ايضا إطلاق الموقع الألكتروني "حاور" الذي يؤمن مجموعة من الموارد وأدوات الدعم للشركاء ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والباحثين والأكاديميين والشباب المحترفين العاملين في مجال الحوار ما بين الثقافات في المنطقة العربية.

ختاما تحدث الوزير جريج جريج ناقلا تمنيات رئيس الجمهورية بأن يكون الحوار الذي هو عنوان برنامجكم، أساسا تنطلقون منه لأجل تعميم ثقافة السلام بين الشعوب وداخل الأوطان، بدلا من إذكاء نار الفتنة وخطر الحروب.

وقال: "مما لا شك فيه أن موقع لبنان على خارطة العالم حدد له دورا لعبه عبر التاريخ ولا يزال يؤديه، رغم كل الأعاصير والأزمات، وهو يقوم على مجموعة قيم وأهداف، يتقدمها تعميم نهج التلاقي والحوار، حتى أصبحت في صلب هوية هذا الوطن، الذي قال عنه البابا القديس يوحنا بولس الثاني بأنه أكثر من وطن، إذ أنه وطن - رسالة".

اضاف: "فالحوار، إن لم يقد إلى التلاقي، يبقى شعارا فارغا من مضامينه، والتلاقي يفرض بالدرجة الأولى التحلي بذهنية تقبل الآخر والانصهار في مجتمع يعمل على رقي الإنسان وتقدمه من الناحيتين الثقافية والإنمائية، فيحل حوار الثقافات بدلا من تصادمها".

وأكّد "ان هذا الحوار الذي يمكن أن يتم داخليا على أعلى المستويات بين القوى الرئيسية في البلاد يحتاج، إلى إعلام يواكبه من خلال تهيئة الأجواء الملائمة لإنجاحه. من هنا تأتي مسؤولية الإعلام المفترض أن يكون مساحة لقاء بين الآراء لا ساحة تصارع وتحريض وتفرقة". وقال: "الإعلام الحر والمسؤول يلعب دورا فاعلا في إخراج واقعنا السياسي من حالة التشرذم والانقسام السائدة حاليا، وفي تهيئة المناخات اللازمة لإحداث تغيير حقيقي في المفاهيم السياسية وصولا إلى استقرار سياسي وتنمية ثقافية فاعلة، تؤسس لمرحلة جديدة تقوم على احترام المواطن وحقوقه"، مشيرا الى "ان التنمية البشرية تحتاج إلى إعلام يكون احد السبل لخلق اجواء حوار يكرس المفهوم الصحيح ويشكل رافعة لتطبيق العدالة وفرض هيبة القانون. بالحوار فقط تتحقق التنمية، التي للاعلام اللبناني دور رائد فيها".

ورأى "أن ما نعيشه هذه الأيام من تجاذبات تتحكم بها الأنانية والمصالح الفردية يدفع إلى التقوقع والانعزال اللذين يتناقضان مع فكرة التنوع وحوار الثقافات، ويقود إلى التطرف ورفض الآخر"، وقال: "إن رسالة لبنان إلى العالم، وهو يتهيأ لمئوية إعلان دولة لبنان الكبير، نابعة من اختبار حسي لعيش مشترك بين أبنائه، على مختلف طوائفهم. وإذا كان هذا الاختبار قد مر بظروف باعدت بين اللبنانيين، لكنهم ما لبثوا أن اكتشفوا أهمية الصيغة الفريدة التي ترعى العلاقة في ما بينهم، والتي لا نرى بديلا عنها، لا في الحاضر ولا في المستقبل".

اضاف: "الرسالة التي اريد أن اوجهها، باسم فخامة رئيس الجمهورية، إلى شباب لبنان، وهم أمل المستقبل، هي ألا يفقدوا الإيمان بوطنهم، وأن يعملوا من اجل أن يكون على مستوى تطلعاتهم وأحلامهم، وألا يتركوا لليأس مكانا في قلوبهم. الغد لكم يا شباب لبنان، والوطن بحاجة إلى كل واحد منكم، المقيمين والمنتشرين في أقاصي المعمورة. فأن لم يبن الأبناء البيت، فعبثا يتعب البناؤون. تحلوا بالشجاعة لمواجهة كل ما هو غريب عن أصالتكم. كونوا مؤمنين بأن الأوطان لا تبنى إلا بالتضحيات والبطولات. تشبثوا بما يوحدكم ولا تتركوا مجالا للتفرقة التي تفسد جوهر تنوعكم، الذي يميزكم والذي سيقودكم حتما إلى تحقيق طموحاتكم وآمالكم. لبنان لكم بمقدار ما تكونون انتم له، والمستقبل لكم بمقدار ما تصنعونه بأيديكم".


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire