dimanche 23 mars 2014

Al Amal (16-01-2010)

نهضة القطاع الحرفي: تحدي صناعي-إجتماعي:
الوزير د. الصايغ أطلق الشرارة...ماذا في الأرقام والتفاصيل؟
(16-01-2010)
د. سهام رزق الله (باحثة إقتصادية في "مركز دراسة النزاعات وسبل حلها")

بين كلفة الإنتاج الباهظة وبالتالي ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة التنافسية لاسيما في مواجهة المضاربة على المنتجات اللبنانية، يعيش القطاع الحرفي أزمة دقيقة تتميز بتخطيها الطابع الصناعي لتطاول الشق الإجتماعي من خلال دورها الأساسي في تأمين موارد عيش العديد من أبناء القرى والمساهمة في الإستقرار الإقتصادي-الإجتماعي فيها. وزير الشؤون الإجتماعية د. سليم الصايغ افتتح الأسبوع الماضي معرضا حرفيا في طرابلس  الذي نظمه مركز الخدمات الإنمائية في المنية ودائرة تصريف الإنتاج الحرفي في وزارة الشؤون الإجتماعية بالتعاون مع مؤسسة الصفدي. وفتح بذلك ملف القطاع الحرفي في لبنان ككل. فماذا في الأرقام والتفاصيل؟
**********************
تعاني الصناعة الحرفية مثل غيرها من الحرف والمهن أزمة بسبب انصراف المواطنين على استعمال هذه المنتجات للأغراض المنزلية أو للتزيين، فيما تتعدد مصادر المضاربة على المنتجات الحرفية اللبنانية، وتكمن في المنتجات شبه الحرفية، التي يجري تقليدها من داخل القطاع في لبنان ومن خارجه، وكذلك من المنتجات الصناعية المشابهة أو المتقاربة، ولا سيما لجهة الاستعمال والاستهلاك. وأهم أسباب عدم التصريف يكمن في ارتفاع كلفة المواد الأولية بنسبة تتعدى الـ10 %، وارتفاع كلفة اليد العاملة الحرفية، باعتبار الحرفة من الكماليات، إضافة إلى توفر إنتاج حرفي مشابه بأسعار أرخص، بنسبة الـ 50 %، عدا عدم وجود أسواق كافية لبيع النتاج الحرفي وهذا بنسبة 58 %.
وقد شكل افتتاح وزير الشؤون الإجتماعية د. سليم الصايغ لمعرض الحرف والأشغال اليدوية في طرابلس شرارة هامة لإعادة إحياء القطاع الحرفي في لبنان. وذلك بعد مبادرة سابقة حصلت منذ أشهر قليلة لدى افتتاح السيدة وفاء ميشال سليمان "بيت المحترف اللبناني" في عين المريسة.فيبدو اليوم القطاع الحرفي في ورشة سعي لنهضته بشكل علمي وشامل في مختلف المناطق إحياء للصناعات الوطنية الأولية ومساهمة في تنمية الحركة الإقتصادية والتجارية في المناطق والإعتماد على الحرف لتأمين مردود يساعد أبناء القرى على الثبات في أرضهم.
ومن المعروف أنه مع التطور الكبير الذي حظيت به الصناعة الأولية، برزت الصناعات التقليدية كمحور إقتصادي هام في العديد من البلدان، وأخذت بعداً واسعاً في القطاع السياحي، وأصبحت جزءاً من الحركة السياحية الثقافية، باعتبار أن هذه الحرف والمهن، تمثل هوية الشعوب وتراثها الإنساني، وما تحمله في طياتها من جذور حضارية متراكمة، نتيجة التفاعل بين الأمم والشعوب. فنشطت المؤسسات رعاية وعناية وتسويقاً لهذه الصناعات محلياً ودولياً، وعززت إنتاجها عبر وضع الخطط والرؤى، للمحافظة على هذا التراث، وتطويره بما يتلاءم والمتطلبات الحديثة، ولم يكن لبنان بمنأى عن هذا الاهتمام، بل قطع أشواطاً هامة على مستوى الحكومات والمؤسسات الأهلية، فأنشأ “بيت المحترف اللبناني الذي تحدثت عقيلة رئيس الجمهورية اللبنانية وفاء ميشال سليمان في كلمة دونتها في السجل الذهبي لـ”المحترف”، فقالت إن “زيارة بيت المحترف اللبناني بحلته الجديدة، تقدير لعطاء حضاري خلاصته خيال يعطي، وميزته إبداع يتناغم، بهما يسمو القطاع الحرفي اللبناني نحو أعلى مراتب الالتزام، بأنوار الوطن المشرقة، فلتكبر أرجاء هذا البيت ببهاء الروعة، فيأتي إليه مبدعون كثيرون، فيه يستحقون صفة القدوة، ومنه يطلقون تراثنا العريق نحو مناجاة قمم الروعة الساكنة أبداً في الجمال”.
وقد شدد الوزير د. سليم الصايغ في إفتتاح معرض الحرف والأشغال اليدوية الذي نظمه مركز الخدمات الإنمائية في المنية ودائرة تصريف الإنتاج الحرفي في وزارة الشؤون الإجتماعية بالتعاون مع مؤسسة الصفدي على أن ركائز مجتمعنا رست دائما ً وأبدا ً على مواطنية تزكي في الفرد روح المسؤولية ، والحسّ الإجتماعي ، والأخلاقية المسلكية ، والهمّة الإنتاجية. وقد أصبحنا في عصر يشهد تقهقر الفردية المبدعة أمام سطوة الآلة العملاقة ، وإنكفاء العقل الإنساني أمام العقل الإلكتروني
ولفت الى أن المنتوجات الحرفية المعروضة هي من رموز الماضي الجميل الذي يأبى الهزيمة أمام تفوق الصناعة الحديثة بما تملك من قدرات وإمكانات ضخمة ووسائل وأسباب متطورة. .
فالإنتاج اليدوي يعكس صمود الفرد بذاتيته وجهده وفنه ، وفيه يتصل الماضي بالحاضر فتتعايش روعة التراث مع بهاء التجديد . هذا هو إنتاج اليد المعطاء الخلاقة في كل لبنان وهو يجسّد تصميم اللبنانيين أينما كانوا في أرجاء الوطن على الإلتقاء حول كل عمل بنّاء وكل مبادرة مجدية .
كما سلط الضوء على أن التراث يعكس حضارتنا وهويتنا ، وهذا لا يعني أن نقف عند حدّ معيّن أو زمن محدد فطموح اللبناني لا يحدّ ولكن ذلك لا يعني ان نطمس تراثنا ونتنكّر له انما علينا ان نحييه وان نحافظ عليه فهو التاريخ لإرث يجب ان لا نضيّعه ... ومن هنا التصقت المهنة بكينونة الإنسان وغدت ملازمة لعمله ولهويته وأصبحت جزءا ً لا يتجزأ من شخصية المرء. ولو أعطينا أمثلة على ذلك لتبيّن لنا بأن التراث العائلي في لبنان يعود بجزء كبير الى الحرفة التي إمتهنها كعائلات النحات والحداد والصائغ والنجار والحايك والطحّان والمعلم وغيرها الكثير الكثير مما يتألف منه النسيج اللبناني
من هنا أطلق المبادرة بأن ستعمل وزارة الشؤون الإجتماعية على إنشاء هيئة ناظمة للقطاع الحرفي تتولى وضع معايير تحسين الإنتاج وتطويره توصلا ً الى إصدار شهادة الجودة الحرفية والمساعدة على التسويق ، إضافة ً الى تحديد كيفية تحسين أوضاع الحرفيين بعد إحصائهم بصورة دقيقة ، وإصدار بطاقة الحرفي لكل منهم.
واعتبر أن هذه هي المهمة التي كلما إشتدّ حولها الجدل تمضي دائما ً الى أهدافها بالتضحية ، وبكل ما يجعل النجاح وكأنه إزدهار للنفس ، ويحوّل هذا النجاح المتألق نصرا ً للحقيقة والحياة تستفيد منه الأجيال الغابرة بمقدار ما تستفيد منه الإجيال الحاضرة والمقبلة سواء ً بسواء.

يُذكر أنه من أبرز الدراسات المتخصّصة بالقطاع الحرفي ما صدر عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "اسكوا" دراسة بعنوان "واقع الصناعات الحرفية: الحاجات والتحديات في لبنان ودول عربية مختارة"، وذلك لما تمثله الحرف اليدوية من مجال مهم ضمن منهج "اسكوا" لتنمية المجتمع المحلي، وهو المنهج الذي تعاونت "اسكوا" مع جمعية العزم والسعادة الاجتماعية في طرابلس لترويج خبراته وتعميم الاستفادة منه في تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية.
وقد شددت الدراسة على موضوع تطوير الحرف اليدوية الذي يؤدي الى تعزيز مساهمتها في دعم الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للتنمية في البلدان العربية. وتكتسب هذه المساهمة اهمية متزايدة نظرا لمردود الحرف اليدوية في تقليص حدة الفقر واتاحة فرص الاستخدام المنتج وتعزيز مجالات الاندماج الاجتماعي، بالاضافة الى ما يقتضيه تطوير الحرف من بناء القدرات وتنسيق الادوار بين المؤسسات الحكومية والاهلية والقطاع الخاص وتنظيم شبكات التعاون والاسواق بين المستويات المحلية والوطنية والدولية".

علما أن هذه الدراسة تنقسم الى قسمين: يتناول الاول وضع الحرف اليدوية في لبنان، ويتضمن الاطار التاريخي والاجتماعي والاقتصادي للصناعات الحرفية وتعريفا للحرفة والمعايير المتعددة لتصنيفها والتمايز بين الحرفة والصناعة، كما يتضمن واقع القطاع الحرفي في لبنان من حيث وضعية المشاغل الحرفية وتوزيعها الجغرافي وعددها وكيفية الانتاج ومصادر التمويل وغيرها من المواضيع. كما يشمل القسم الاول ايضا دراسة تحليلية لاهم الصناعات الحرفية في لبنان كالصابون والشمع والمجوهرات والصناعات النحاسية والزجاجية وصناعة النسيج والفخار وغيرها.
اما القسم الثاني فقد خصص لاستعراض الصناعات اليدوية في كل من مصر وفلسطين والسعودية والتي تعتبر من أعرق البلدان في هذا المجال. ويستند هذا القسم على تجارب هذه الدول في مجال الحرف اليدوية والتي تعود الى اكثر من 7 آلاف سنة من الانجازات الكبيرة. وهي ما زالت حتى الآن تحظى بموروث حرفي مميز هو حصيلة تفاعل حضاري بين العديد من الشعوب والفنون الاصلية والمتعاقبة.

وتأمل "اسكوا" من خلال هذه الدراسة توفير مرجع مفيد لمعلومات شاملة حول واقع الحرف اليدوية في لبنان وفي بعض البلدان العربية.
والمعروف أنه تقليديا غلب إسم معظم الحرف على اسم العائلات ومنها عائلات: الحداد، السكاكيني، النجار، الفاخوري، الخياط والحريري إلخ..
فالحرفة هي الكدّ والجهد في العمل والإستمرار في ممارسته حتى إتقانه والمهارة فيه، ومن هنا لا زلنا نستخدم مصطاح "المحترف" للدلالة على الشخص المتقن لعمله المختص به.
وفي الحضارة العربية، في الماضي استخدم كثيراً مصطلح الصّنعة والصناعة، حتى شمل الأشياء الفكرية والمعنوية، فورد في كتاب التراث مصطلح "صناعة الشعر" و"تحرير الكتب"، بل إن محمد سعيد القاسمي في كتابه "قاموس الصناعات الشامية" عدّ لم الخرق من القمامة وإعادة خياطتها أكياساً بعد غسلها صنعة، وسمى صاحبها" حرفياً" وكذلك الحال فيمن إمتهن كتابة العرائض والرسائل لطالبيها لقاء أجر وسماه" العرضحالجي"، وذلك إن الشخصين كليهما يمارس هذا العمل بشكل دائم ويعتاش منه.
وقد انبثق عن مصطلح الصنعة في العهدين المملوكي والعثماني، مصطلحات أخرى مثل الصانع أو الصنايع، وشيخ الصنعة، ومدرسة الصنايع التي أعطت اسمها لمنطقة مهمة في رأس بيروت.
وكانت الحرف في الأمس يدوية، وتعتمد على الموارد الأولية المتوفرة في المنطقة، ولكن التقدم الصناعي الآلي، جعل الحرف اليدوية تنكمش إلى عدد ضئيل منها، وتنحصر في عائلات معينة، وفي بعض أسواق المدينة وأحيائها. وعلى هذا فإن" الحرف اليدوية" الموجودة اليوم هي وريثة" صنائع الأمس"، ولذلك تغيرت وظيفتها في المجتمع بحيث أصبحت تستخدم غالباً للزينة وللسياحة وللطابع التراثي، وهذه هي الصفة الأساسية التي أصبحت تؤديها الحرف اليدوية في الحياة الصيداوية وغيرها من المدن في العصر الحاضر.

وفي مدن كصيدا، وطرابلس، وجزين، وبعض القرى والأرياف، يقوم الحرفيون بتصنيع مستلزمات المطبخ العربي، من صوان وصحون وكؤوس وأطباق غسيل، وهذه الأدوات كلها مصنوعة من النحاس التي يتفنن أصحابها طريقة صناعتها، ولا يزال عدد غير قليل من أبناء هذه المدن يمارس هذه الحرفة حتى اليوم، نظراً لإقبال السياح على شراء نماذج متعددة من منتجاتهم النحاسية الفاخرة، التي نقشت عليها أجمل الرسوم، بواسطة أزميل صغير، حيث يقوم هؤلاء بالتفنن في صناعتهم، وابتكار لمسات جمالية تضفي عليها بريقاً خاصاً يسحر الألباب، ويغري المتفرج بالشراء، ومن الأساليب التي يعتمدها صناع النحاسيات، تطعيم الأواني بالذهب أو الفضة أو طلائها بمادة لامعة اسمها المينا، لتدوم تحفة جميلة مهما أكل عليها الدهر وشرب.
وقد عرفت صيدا منذ تأسيسها على شاطىء المتوسط ببراعة أهلها في إنتاج مصنوعات دقيقة وجميلة، وكان رأس الحرفة المعنية شيخها الذي كان يعرف أيضاً "بشيخ الصنعة" أو "شيخ الكار" وكانت مهمته أشبه بمهمة "نقيب" الحرفة أو المهنة اليةم، وهو رئيسها الأعلى ةالمسؤول عن ضبط أسعار الإنتاج، وتحديد أجور الصناع، ومراقبة الموازين والمكاييل والمقاييس في حرفته، ومنع الغش، والمنافسة غير الشريفة.
وكان شيخ الحرفة ينتخب من طرف أبناء حرفته، وفي أحيان كثيرة تحوّل هذا المنصب وراثياً في الأسرة الواحدة، يتوارثه الأبناء عن الآباء، مما جعل اسم الحرفة أحياناً يغلب على الإسم الأصلي للعائلة فتكنى به وتنسب إليه مثل البيطار والحداد والدندشلي والسكاكيني والشّعار والقبّاني الغلاييني، والنجار والفاخوري والحبّال والخياط والحريري والعقاد والفتال والسكافي والصباغ والرواس وغيرها.
وفي إحصاء لسنة 1888 يتبين أن أصحاب الحرف في صيدا كانوا كما يلي: 100 خياط، 70 عطاراً، 7حدادين، 26 كندرج، 10 لحامين، 4 ساعاتيه، 60 بائع قماش، 30 تاجراً، 7 صاغة وجوهرجيه، 28 إسكافياً، 10 صباغيين. علماً أن سكان صيدا كانوا آنذاك حوالي تسعة آلاف نسمة، ووجود 60 بائع قماش و100 خياط يدل على أن قطاع الكساء كان رائجاً جدّاً، خاصة وأن الألبسة الجاهزة لم تكن معروفة. أما عدد العطارين الكبير الذي وصل إلى 70 عطاراً( بينما عددهم اليوم في صيدا ستة) فهو يعود إلى أن العطار كان يبيع إلى جانب الأعشاب الطبية ووصفاتها الأرز والسكر والزيت والسمن والحبوب وهو أشبه بالبقال اليوم.
ويأتي في الدرجة الثانية بعد شيخ الحرفة في التنظيم الحرفي المعلم أو الأسطى أو" الأستاذ" الذي إمتلك أسرار الصنعة، ولديه القدرة على الإبتكار والإبداع في حرفته، ويمتلك محله أو مشغله الخاص، ولديه صناع يشرف على تدريبهم. وفي الدرجة الثالثة الصانع أو الصنايعي وهو الذي يقوم بعمله تحت إشراف المعلم وينفذ تعليماته، ويسعى جهده لإتقان عمله، ومن ألقابه أيضلً" الشغّيل" أو "الأجير" لأنه أول هذه السلسلة الذي يقبض أجراً عادة. وفي آخر السلسلة "الصبي" أو "المبتدىء" وهو في أدنى درجات هرم البنية الحرفي، ويكون ولداً حديث السن عادة، غالباً ما يكون إبن المعلم نفسه، ألحقه بالعمل مبكراً ليلتقط أسرار حرفة أبيه ليرثها من بعده، بحيث تبقى متداولة بين أفراد العائلة الواحدة جيلا بعد جيل، فيأخذ الولد سر الصنعة عن أبيه ليعلمها بدوره إلى إبنه! وكان عليه إتباع تعليمات معلمه، والمواظبة على عمله وعدم إفشاء أسرار الصنعة للغير، ويقبض أجراً رمزياً يسمى "جمعية" لأنه كان يدفع له كل يوم جمعة.
كما كان لكل حرفة تقاليدها التنظيمية التي لا يجوز خرفها أو تجاوزها، وكان الحرفي المجتهد والأمين يرقى من رتبة لأعلى في حفل يسمى" الشدّ" حيث يشد على وسطه شال، وبعد تلاوة الأدعية وتعداد خصال المرشح للترقيه، يفك الأعلى منه رتبة الشال عن وسطه إيذانا بإرتقائه، وعلى العكس فإن الحرفي الكسول أو المخالف لطائفته الحرفيه، أو الذي يخون الأمانة فإنه يعاقب "بالتجريص" علناً في أسواق المدينة. وقد يحرم من العمل بالمدينة!
واليوم بعد ما تعانيه الصناعة الحرفية م صعوبات داخلية في الإقتصاد الوطني ومضاربة خارجية على منتجاته، يبقى الأمل في أن تشكل المعارض الكبرى خطوة أولى على طريق الألف ميل لنهضة القطاع.
______________________


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire