Dyar (05-12-2009)

الوزير الصايغ للديار: طرح الغاء الطائفية السياسية ضرب للتموضع المسيحي

وللمشاركة المسيحية في صناعة القرار

    بيروت في 5 كانون الأول 2009

            اذا بحثت عن مخضرمين بين نهايات فلسفة ميثاق 43، فجسر الطائف وبدايات لبنان اليوم، اذا قصدت ملتزمين حزبيين يستطيعون احترام ملتزمين حزبيين في احزاب اخرى ومحاورتهم، فستجد نفسك امام هؤلاء امثال الدكتور سليم الصايغ نائب رئيس حزب الكتائب الذي حمل اليوم حقيبة الشؤون الاجتماعية من اجل اعلائها واعلاء شؤونها والمجتمع اللبناني وعائلاته قدر المستطاع، اليس كذلك وهو المؤمن بالله والعائلة والوطن؟

يؤكد الوزير الصايغ ان كل عملية انتاج هذه الحكومة لم تراع نتائج الانتخابات ولم تراع الاصول الديموقراطية، لانها فرضت على لبنان حكومة توافقية، ليس لان هناك معادلة نسبية معينة في مجلس النواب انما لان هناك امراً واقعاً اسمه سلاح المقاومة هو من طغى على كل الامور الاخرى.
فلا نتكلمن اليوم عن تفاهمات اقليمية وغيرها بانها انتجت هذه الصيغة الحكومية بل لان هناك وضعاً داخلياً ضغط كما هو معروف على كل التركيبة وهو الذي انتج شيئا خارج النظام.
ويضيف الصايغ في حديثه للديار: اذا كنا قد قبلنا بهذا الامر لاننا نعطي الاولوية لتسيير امور الناس واظهار اننا دولة قادرة على حكم نفسها بنفسها مع كل الشوائب والعلل التي نتكلم عنا.
ويعتبر ممثل حزب الكتائب في الحكومة انه من الممكن تخطي الطائفية السياسية اذا تم ربطها بكل المسائل المتعلقة بتطوير النظام لا سيما اللامركزية الموسعة وانتاج مجلس الشيوخ موضحا ان اللامركزية الادارية والطائفية السياسية قضايا جوهرية ومهمة ولا يجب مقاربة هذا الموضوع كجزء بل يجب اخذه ككل اي كسلة متكاملة وبحسب خطة واضحة ترتكز على نسج الثقة عند مختلف الافرقاء اللبنانيين، والا يكون مشروع الاصلاح السياسي تمهيدا لازمة جديدة بدلا من حل الازمة، لذلك يشدد الصايغ على ان المطلوب هو معالجة جذرية لمشكلة تطوير النظام وليس معالجة جزئية.
وردا على سؤال، يشير الى ان المقاومة لا مبرر وجود لها خارج المناطق المحتلة والا لن تكون مقاومة، لافتا الى ان القناعات الايديولوجية لدى حزب الله تؤشر إلى انه ليس بالحزب العلماني بل هو حزب ديني يرتكز على عقيدة دينية لافتا الى ان تحميل طاولة الحوار اكثر من بند الاستراتيجية الدفاعية يعد إغراقا لها في مواضيع مختلفة للتهرب او لطمس هذه الاستراتيجية، مؤكدا ان اخذ مسألة الطائفية كجزء هي قضية في غير محلها وفي غير توقيتها.
وحول المصالحات يعلق بالقول: كفى متاجرة بالمهجرين ولتعطهم حقوقهم ولنسكت، نحن نطالب بان يكون لهذه المصالحات مضمون سياسي واستمرارية لا ان يتعرض العيش المشترك بين المسيحيين والدروز في الجبل لاهتزازات بحسب المتغيرات السياسية.
وعن العلاقة مع سوريا يشدد: لدي كامل الثقة من ان لبنان لديه من الكفاءة والثقة ورباطة الجأش كي يتعامل مع سوريا في علاقاته من دون اي عقد والمطلوب من السوريين كذلك ان يتعاملوا مع لبنان من دون اي عقد واصفا ما يحصل في العلاقات بالامر الجديد بعد ان كان يتم التشاور عبر سلطة وصاية الى موصى عليه واليوم تتحكم الندية والمعاملة بالمثل في هذه العلاقات.
ويختم: ان زيارة البطريرك الى الجبل عام 2000 هي التي اسست لمسار متجدد معتبرا ان مصالحة
جنبلاط- عون هي نقطة في مسار طويل، وان من يأتي الى عند البطريرك ليتصالح يكبر.

نص الحوار الكامل:

* وجود المقاومة حتّمه وجود اسرائىل والسيد نصر الله قدم صيغة تقوم على المزاوجة بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني لمواجهة اسرائىل هل من تعليق؟
- ليس هناك توازن بين وجود اسرائىل ووجود المقاومة وهذا يعني ان المقاومة لا تزول الا بزوال اسرائىل وهذا شيء لا يريد ان يتبناه حزب الله. وهم يشرحون ان هدفهم هو ازالة اسرائىل من الاراضي المحتلة اللبنانية.

* لكننا نرى وبشكل شبه يومي الاعتداءات الاسرائيلية جوا وبرا وبحرا من وقت لآخر، فكيف سنواجه هذه الاعتداءات؟
- لقد جاء القرار 1701 وتم نشر اليونيفيل والجيش اللبناني على كامل الحدود ومنع فيه انتشار المسلحين جنوبي الليطاني وبالتالي ليس هناك من امكانية عملية لتطبيق قضية التحرير.

* واين تصبح مسألة الدفاع عن لبنان؟
- قضية الدفاع عن لبنان قضية مختلفة تماما ومن اجل ذلك نحن اعترضنا على البند السادس في البيان الوزاري. وكأن الدفاع عن لبنان اصبح تكريساً لوجود السلاح الى ما شاء الله وبالتالي يؤيد النظرية التي تقول ان وجود المقاومة هو ليس لإزالة الاحتلال الاسرائىلي انما هو مكرس طالما ان دولة اسرائىل موجودة.

* هل انت مع تسليح الجيش اللبناني بصواريخ مضادة للطائرات الاسرائىلية؟
- نعم انا مع تسليح الجيش وتعزيز قدراته للدفاع عن الارض والمياه والجو.

* ضرورة تطوير النظام السياسي وتبديد المخاوف لدى بعض الطوائف من الامور التي طرحها النائب وليد جنبلاط من خلال مبدأ الحوار كذلك طرح المداورة في الرئاسات فما المانع من ذلك؟
- نحن اول من طرح منذ سنة قضية تطوير النظام بشكل يعالج كل الهواجس اما التكلم بطريقة جزئىة في هذا الموضوع فهذا يعطي الغاية العكسية الا وهو تأجيج الخوف والهواجس وهذه افكار جزئىة قد يكون لها ايجابيات انما طرحها بطريقة جزئىة يبسط الموضوع وينتج عنه بعض المخاوف.

* هل اصبحت الحساسية المسيحية حيال الغاء الطائفية توازي الحساسية الشيعية حيال إلغاء السلاح؟
- دائما في لبنان كان هناك نوع من المقدسات وترتفع او تنخفض نسبة اهمية هذه المقدسات حسب تطور عامل الخوف فالمشكلة الاساسية هي مشكلة الخوف. فالطائفية السياسية تؤجج عامل الخوف عند المسيحيين الذين يعتقدون انهم ديموغرافيا في حالة ضعف. بينما السلاح عند حزب الله يعطي للشيعة نوعاً من الثقة بقدرتهم على الانخراط في النظام السياسي والمحافظة على مكتسبات معين.

* ما المطلوب حيال هذا التناقض بين عاملي الخوف والثقة لدى كل من المسيحيين والشيعة على التوالي؟
- المطلوب حل جذري مبني على تسوية تاريخية يخرج السلاح من المعادلة بالكامل، لأن قوة الشيعة ليست بسلاحهم وانما بقدرتهم الذاتية فكرا وعملا وانتاجا.

* واين تكمن قدرة المسيحيين؟
- قدرة المسيحيين ليست بالحصص التي ينتزعونها في الدولة التي هي بالنتيجة تؤسس لمحسوبيات من دون عصب بل تكمن قوتهم في قدرتهم على تخطي الذات بصورة مستمرة. 

* تكلمت عن نظام نحن بحاجة اليه ما هي ابرز مزايا هذا النظام؟
- لقد حان الوقت لأن يكون لنا نظام يربط الناس بالدولة ليس فقط عبر المؤسسات المركزية المعروفة انما عبر الديموقراطية اللامركزية من خلال المشاركة بالشأن العام في كل قرية و بلدة وقضاء ومحافظة.

* هل لديكم قناعة بأن السلاح اصبح جزءا من الطائفية السياسية؟
- ان اختيار شعار المقاومة الاسلامية في لبنان هو وصّف السلاح بحد ذاته واختيار رجال الدين لأن يكونوا القادة السياسيين للمقاومة الاسلامية هو ما طبع بشكل كامل واسبغ الصفة الدينية والمذهبية لأحزاب تحمل قضايا من المفترض ان تكون وطنية خالصة وصرفة.

* اذا كانت الطائفية لم تحم المسيحيين فهل من المحتمل ان يكون إلغاؤها مفيداً لهم؟
- نحن نتوقف عند طريقة طرح مسألة الطائفية السياسية وتوقيت الطرح لأننا نرى في هذا ضرباً لآخر المعايير القانونية او الحصانة ضمن النظام للتموضع المسيحي او للمشاركة المسيحية في صناعة القرار وفي الإدارة.
ومن الممكن تخطي الطائفية السياسية اذا تم ربطها بكل المسائل التي تعنى بتطوير النظام لا سيما اللامركزية الموسعة وانتاج مجلس الشيوخ.

* ما هي نظرتكم لاستئناف طاولة الحوار جلساتها بعد نيل الحكومة الثقة؟
- ان طاولة الحوار في الاساس هي طاولة ذات بند واحد الا وهو كيفية ايجاد الاطر لدمج سلاح حزب الله ضمن استراتيجية دفاعية تكون فيها المرجعية للدولة والقرارات بما فيها قرار الحرب والسلم للدولة.

* هل بات اللبنانيون قسمين قسم يخاف على الطائفية وقسم يخاف منها؟
- نحن لا نريد المدافعة عن الطائفية نحن في الاساس حزب علماني ونعتبر دائما ان على المجتمع ان يتخلص من الطائفية وهذا لا يكون الا من خلال نظام مدني وتطوير نظام الاحوال الشخصية واعتماد امكانية الزواج المدني...

* في حال كان رئيس الحكومة يرغب بتطبيع بارد في العلاقات مع دمشق مقابل حرص دمشق على علاقة حارة ومتفاعلة فكيف ستتم المقاربة بين هذين الامرين؟
- نحن نطالب دائما بأن يكون هناك افضل العلاقات بين سوريا ولبنان وطالبنا بإيجاد خارطة طريق تبدأ بمعالجة قضية المفقودين جميع المفقودين في سوريا ثم بترسيم الحدود ابتداء من مزارع شبعا التي هي حق علينا المطالبة به ثم ان تأخذ الدولة بزمام امرها وان تبسط سلطتها على كافة المواقع الفلسطينية التابعة لسوريا عندها نكون قد وضعنا جدول اعمال واضحاً، على اساسه نؤسس لعلاقات ندية مبنية على الثقة بين البلدين.

* كيف قرأتم مصالحة جنبلاط - عون التي رعاها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لا سيما ما يتعلق بعودة المهجرين الى الجبل؟
- عن اية عودة نتكلم، نحن عندما نتحدث عن عودة المهجرين نتكلم بعودة انمائية وكبيرة حيث يتم انماء الريف بالكامل وانماء القرية ان كان في الشوف او في عالية او في كل مناطق جبل لبنان.
ونحن نعتبر ان هذا الاتفاق اتفاق مرحلي - سياسي قد يكون ضرورياً لتنقية الاجواء في لبنان ولا نعتقد ابدا ان سبب الخلاف بين الجنرال عون ووليد بيك هو قضية المهجرين، اذ انهما لم يختلفا في الماضي على عدم عودة المهجرين لكي يعطي لهذا الاتفاق مضموناً سياسياً معيناً.

* ما مرد الاعجاب الجنبلاطي المتسجد بالعماد عون وحماسته لتفضيل التنسيق العوني - الاشتراكي بين مختلف الادارات المعنية لتسهيل عودة المهجرين؟
- لدى وليد بيك الواقعية الكافية ويعرف تماما قراءة الاحصاءات والنتائج لا سيما نسبة المسيحيين الذين يصوتون للوائح المدعومة من الجنرال عون كي يدرك انه ليس من زعيم سياسي يستطيع ان يختصر المسيحيين في اي موقع في لبنان، الا اننا نطالب باستمرار هذه المصالحات التي تحصل بسحر ساحر ونحن نشجعها على التطور، لكن من المفترض ان نبحث في ظروف هذا التزامن، لانه كفا للبنانيين مناكفات.

* اذا ما اردنا العودة بشريط الذاكرة الى الوراء ما الذي يجب ان نتوقف عنده في زيارة البطريرك صفير الى الجبل؟
- نحن نعتبر ان زيارة البطريرك عام 2000 والقمع الذي تلا هذ الزيارة للشباب اللبنانيين الاحرار الذين اشادوا ورحبوا بالبطريرك صفير في بعض مناطق لبنان هذا الذي اسس لمسار متجدد في الجبل.
ونعتبر ان المصالحة بين النائب جنبلاط والجنرال عون هي نقطة في مسار طويل اتمنى ان يكون متيناً لا يزعزعه اي تغيير سياسي.

* هل تثنون على خطوة الرئيس سليمان في قطار المصالحات؟
- نحن طلاب مصالحات ونعتبر ان الرئيس سليمان هو اب لكل اللبنانيين ولديه الدور الذي يجب ان يلعبه وهو يلعبه اليوم، اذ نراه يلتقط اي فرصة ويوظفها في سبيل تنقية الخلافات على الساحة اللبنانية.

* وماذا عن توقعاتكم لمصالحة جعجع - فرنجية؟
- نتمنى ان يتم الاسراع في هذه المصالحة لانها تنقي الاجواء في الشمال.
ومن يأتي الى عند البطريرك صفير ليتصالح يكبر، ونحن نرى ان البطريرك يشكل ضمانة تاريخية ومعنوية واخلاقية لكل المصالحات التي تحصل ورئيس الجمهورية يشكل الضمانة السياسية وفي النتيجة دورهما متكامل.

* رأينا السفير السوري في القاعة نفسها التي عقدت فيها اجتماعات هاجمت سوريا، الا يشكل ذلك مشهدا جديدا في الواقعية السياسية.
نعم هذا يطبق على سوريا بالطبع لانها لم تستطع السيطرة على لبنان.وكنا قد طالبنا منذ طاولة عام 2006 ان يتم التمثيل الدبلوماسي بين البلدين بالرغم من التحفظ والرفض التاريخي السوري لهذه المسألة.وزيارة السفير السوري الى قريطم تشكل قراءة سورية جديدة للواقع وهم يكونون منسجمين مع انفسهم بعد التمثيل الدبلوماسي ولا بد للسفير ان يتحرك كما يجب كي يأتي ويرى كبقية السفراء ماذا في الحكومة اللبنانية ويستشرف آراءها ويتم التشاورمعها حسب الاصول، وهذا جديد بعد ان كان يتم التشاور من سلطة وصاية الى موصى عليه، واليوم تتحكم قواعد الندية والمعاملة بالمثل بين البلدين.

* في حال جاءت طاولة الحوار بنتائج او بقرارات توافقية معينة كيف ستكون آلية سير هذه النتائج؟
- طاولة الحوار هي موسسة تشاورية، واذا اتت بهذه القرارات فهي لا تصبح نظاما، وعلى كل ذلك ان يمر عبر المؤسسات الدستورية.

* برأيك الا تخفف طاولة الحوار العبء عن الحكومة؟
- طاولة الحوار ليست مؤسسة بديلة عن الحكومة انما هي لتخفيف العبء عن الحكومة كي تستطيع تسيير امور الناس والمطلوب ان تنتقل المواضيع الكبرى الى مكان اخر ربما الى مجلس النواب او الى اللجان النيابية وربما ان يكون هناك لجنة نسميها هيئة الحوار وتكون لجنة ظرفية تعنى بمسألة واضحة المعالم ولها خصوصيتها ولا يجب على طاولة الحوار ان تحل مكان الحكومة او المؤسسات الدستورية.

* هل يمكن الحديث بعد الانتهاء من صياغة البيان الوزاري عن تضامن وزاري فيه؟
- نعم، هناك تضامن وزاري في كل البيان الوزاري ما عدا البند السادس المتعلق بسلاح حزب الله والمقاومة الذي هو محط خلاف بين اللبنانيين.

واتفاق الدوحة انتهى في 6 حزيران وهو لم يكرس عرفاً ولا يستطيع ان يشكل سابقة، ولقد تم الارتكاز في بعض البنود على البيان السابق الذي جاء بعد اتفاق الدوحة لكن لم يتم التكلم عن اتفاق الدوحة.

* الى ماذا تتطلعون اليوم؟
- نتطلع الى اليوم الذي يتكلم فيه اللبنانيون مع بعضهم قيادة وشعبا من دون اي عوائق مهما كان الرأي السياسي او ضرورة المنافسة الآنية.