ندوة في
مطرانية بيروت
إعداد سهام رزق الله
بعنوان أي دور للمسيحيين في نهضة
الاقتصاد؟
حرصا منها على تظهير دور
المسيحيين وتحفيزهم على تحمل مسؤولياتهم في نهضة الاقتصاد اللبناني وتشكيل المحرك
الناشط لنمو اقتصاده وحركة استثماراته وازدهار قطاعاته، نظمت مجلة
"المسيرة" ـ القسم الاقتصادي ونواة "شبكة اللبنانيين الناشطين
دوليا" الذين تمثل منبرهم الاعلامي، ندوة مميزة بعنوان: "دور المسيحيين
في نهضة الاقتصاد اللبناني" في مطرانية بيروت المارونية، وحصلت فيها على
التفاتة خاصة واهتمام كبير من سيادة المطران بولس مطر.
شارك في الندوة التي انضم اليها مطران بيروت بولس مطر رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود، رئيس جمعية المزارعين انطوان الحويك، رئيس نقابة اصحاب الفنادق بيار الاشقر، رئيس نقابة اصحاب المطاعم بول عريس، رئيس غرفة الملاحة الدولية ايلي زخور، رئيس "مركز دراسة النزاعات وسبل حلّها" الناشط دوليا الدكتور سليم الصايغ، رئيس الاتحاد الدولي للمستثمرين اللبنانيين روبير جريصاتي، رئيس نادي خريجي جامعة هارفرد الدكتور حبيب الزغبي والأمين العام لتلفزيون "تيلي لوميار" الدكتور انطوان سعد.
الاقتصاد الاول للمسيحيين والموارنة تحديدا كان الاقتصاد الزراعي، القائم في شكل اساسي على الزراعة والمرتبط بالارض. وتشير نصوص المجمع الماروني الاخير الى ان "الماروني احب الارض التي أُخذ منها، فسقاها بدمه وعرقه دفاعا عنها واعتناء بها. (...) إلاّ ان الاحصاءات اليوم تدل على ان مسيحيي لبنان فقدوا في الثلاثين سنة الاخيرة قسما كبيرا من اراضيهم، كما ان الاقبال على شراء اراض في المناطق المعروفة طوال التاريخ بانها مسيحية من غير المسيحيين وغير اللبنانيين يقوى يوما بعد يوم، مما يظهر ضرورة وضع رؤية استراتيجية مستقبلية تنموية".
وتشير نصوص المجمع الى تحول المجتمع الماروني والمسيحي عموما من مجتمع زراعي الى مجتمع خدماتي، وتذكر الدولة اللبنانية بضرورة تحفيز نهضة مختلفة القطاعات الاقتصادية، وتوجيه اهتمام للقطاعات الانتاجية وحمايتها من المضاربة الخارجية، وتأمين امكان تصدير الفائض منها الى الاسواق الخارجية، حتى يبقى العاملون فيها في ارضهم ووطنهم. فأين المسيحيون اليوم في نهضة لبنان المطلوبة، بدءا من القطاع الزراعي اقتصادهم الاول؟
يبدأ رئيس جمعية المزارعين انطوان الحويك مقاربته بتوجيه الشكر الى "المسيرة" لتسليطها الضوء على هذا الموضوع الاساسي والملحّ طرحه، والذي يحكى عنه في الكواليس فيما هو يحتاج الى منبر موضوعي للتعبير عنه
علميا وجديّا. "فالاقتصاد
المسيحي هو اساسا اقتصاد ريفي، كان يعتمد في صورة رئيسية على القطاع الزراعي.
وزحلة يرتبط اقتصادها بالسهل
وبالتالي ايضا بالزراعة، وكذلك المناطق المسيحية الريفية. من هنا يتبين ان تراجع
القطاع الزراعي كانت له انعكاساته المباشرة على هذه المجموعة من اللبنانيين نحو
الهجرة الداخلية ومن ثم الخارجية. وحتى اليوم ينبغي التنويه بان نحو 48 في المئة
من المزارعين وممن يتعاطون في القطاع الزراعي في لبنان هم مسيحيون، وهناك 145 الف
عائلة مسيحية تعتمد في شكل كلي او جزئي على المردود الزراعي في مدخولها. اي اذا
اعتبرنا ان معدل افراد العائلة المسيحية 4 اشخاص يكون هناك نحو 725 الف مسيحي
يعتاشون من القطاع الزراعي على رغم كل التدهور الذي اصاب هذا القطاع في السنوات
الاخيرة".
"ويكفي لذلك الاشارة الى مثال منطقة رأس بعلبك التي هجرها نحو 85 في المئة من ابنائها لان اقتصادها قائم مئة في المئة على الزراعة. ومع تدهور القطاع الزراعي هجرها شبابها ولم يبق فيها سوى متوسطي العمر المتمسكين بارضهم. وكذلك الامر بالنسبة الى مناطق اخرى عدة مثل الكفير، حاصبيا...
"لكن الاخطر من الهجرة هو عملية بيع الاراضي، نحو 80 في المئة من اراضي سهل البقاع كان يملكها مسيحيون. ومع تراجع القطاع الزراعي، فضل اصحابها بيع اراضيهم والتوجه نحو قطاعات ومناطق اخرى. وكذلك الامر في مناطق الجنوب الزراعية والمناطق الزراعية الكبرى الاخرى. من هنا يتبين ان وقف الانهيار الزراعي هو في صلب عملية تثبيت المسيحيين في ارضهم ووطنهم".
ويقول الدكتور الصايغ ان دراسة الوجود المسيحي "تقتضي النظر الى محاوره السياسية الاقتصادية والاجتماعية. واليوم يوجد نوع من نهضة فكرية ووعي مسيحي لطرح السؤال: الكنيسة الى اين؟ والمسيحيون في لبنان الى اين؟ ووضعهم الاقتصادي والسياسي في لبنان الى اين؟ مع الحديث عن مشاريع كثيرة للبنان والشرق الاوسط. وبالتالي اليوم هو التوقيت الانسب والافضل والضروري لطرح هذا الموضوع. وان مقاربة الاقتصاد المسيحي والمقاربة الزراعية مسألة تقليدية جيوسياسية مهمة جدا تعنى بقضية الانتشار المسيحي الديمغرافي على الاراضي اللبنانية.
وتثبيت المسيحيين في لبنان يبدأ
اولا بتثبيتهم في ارضهم وتوفير مقومات العيش لهم، ثم قضية الانماء. فالرؤساء في
الماضي، خصوصا منهم الرئيس بشير الجميل، كانت لديهم نظرة واضحة الى تنمية المناطق،
لم تُطبّق بسبب الظروف والتطورات في لبنان. كما كانت هنالك مشاريع الى تنمية
القرية اللبنانية في طروحات موريس الجميل وكميل شمعون والشهابية. وثبتت النظرة ان
لا شيء يضمن وجود المسيحيين في لبنان سوى تعزيز الدولة القوية، وانحسار دور
المسيحيين في الدولة هو احد اسباب انحسار وجودهم في المجالات الاقتصادية وانتشارهم
الجيواستراتيجي.
"فالوجود المسيحي في لبنان ودور المسيحيين في نهضة هذا الوطن هو من صلب وجود لبنان ونهضته على كل المستويات السياسية والاقتصادية. وابعد من مسألة المقاربة الميدانية، يتطلع المسيحيون اليوم الى وضع رؤية مستقبلية بنظرة استراتيجية لدور المسيحيين في لبنان ودور لبنان المستقبلي ككل. ولا بد من الاشارة الى الترابط بين الشق السياسي والشق الاقتصادي، من هنا اهمية التوفيق بين استنهاض دور المسيحيين في الحياة السياسية اللبنانية وفي مواقع الدولة من جهة، وفي الحياة الاقتصادية الاجتماعية العلمية والفكرية الثقافية من جهة اخرى".
كيف يمكن اذا قراءة واقع هذا الدور وتطوره، في ضوء التطورات الداخلية والخارجية التي شهدها لبنان في المرحلة الاخيرة؟
يجيب الدكتور الصايغ بالتأكيد
على ان المسيحيين "طبعوا لبنان بميزات خاصة على رغم كل الظروف الصعبة التي مر
بها. ومع انفتاح الاسواق وموجة العولمة، كان لبنان حاضرا بالميزات التي طبع بها
المسيحيون نظامه والتي تقضي بالانفتاح والليبيرالية والحريات العامة (حرية الرأي،
حرية التعبير، حرية المعتقد، حرية المبادرة...) في المقابل، تأثير دور المسيحيين في
شكل كبير في الحرب اللبنانية التي خرجوا فيها مُنهكين مطلع التسعينات، وقيام
الطائف على رماد المناطق المسيحية. فعلى صعيد القطاع العام، كان الوجود المسيحي في
حال تراجع حاد. وعلى صعيد القطاع الخاص، من جهة كانت الكنيسة متعبة بعد الحرب، ومن
جهة اخرى كانت عناصر الانتاج المسيحي في القطاعات المختلفة في حال ازمة قاسية،
فيما من الضروري ان تكون الكنيسة الضامن لوجود المسيحيين وديناميكية حركتهم،
تحقيقا للرابط المطلوب بين الشق الاقتصادي والشق الاجتماعي. من هنا اهمية صياغة
المشروع الذي يطمئن اليه المسيحيون في لبنان ويعيدون على اساسه ديناميكيتهم. اما
في غياب المشروع، فلا ثقة بالمؤسسات في البلد وبالتالي لا حوافز للاقدام على
نهضته".
ومن الزراعة الى الصناعة، القطاع الانتاجي الاقرب الى الزراعة والمرتبط بعدد كبير من فروعه بالمنتوجات الزراعية، لا سيما في الصناعات الغذائية، كيف يتبلور نشاط المسيحيين ومسؤولياتهم؟
يشرح رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود ان "أغلبية القطاع الصناعي مسيحية، والتهميش الذي يلحق بالقطاع الصناعي يؤثر على الدور الاقتصادي للمسيحيين وبالتالي على حوافزهم في البقاء في هذا الوطن والنضال لنهضته. علما بأن المسيحيين كان لهم دور اساسي في "تصنيع" هذا الوطن والدور الريادي في اقتصاده الاول منذ
القرن الثامن والتاسع عشر
وزراعة التوت وتربية دود القز في جبل لبنان، وسهل البقاع كان ايضا مركزا لتصنيع
الصوف. والحقبات التي ازدهر فيها الاقتصاد اللبناني هي الحقبات التي كان فيها اهتمام
بالصناعة. ويتبين ان للمسيحيين وجودا فاعلا في هذا القطاع يلامس حدود الـ 70 في
المئة خصوصا في بعض الصناعات الرئيسية (الاسمنت، الصناعات التمويلية في قسم كبير
منها. الصناعات الغذائية، المجوهرات بنسبة 90 في المئة، الطباعة بنسبة 55 في
المئة).
"فالوجود المسيحي ناشط وفاعل جدا في القطاع الصناعي. لكن المشكلة تبقى في تهميش الصناعة وانعكاسات ذلك في شكل مباشر عليه. والصناعة تحتاج الى تحديد المنتوجات المستوردة المماثلة للمنتوجات اللبنانية، والتي تتسبب باغراق للقطاعات. ويمكن تدارك ذلك من خلال نصوص اتفاقات تحرير التجارة نفسها".
واذا كان القطاعان الزراعي والصناعي يعانيان التهميش والتراجع، مع تراجع دور المسيحيين اقتصاديا بسبب تراجع هذين القطاعين، فان التوجه نحو القطاعات الخدماتية، لا سيما منها السياحية، عزّز دورهم فيها وعزّز نهضة الاقتصاد اللبناني من خلالها. ولكن السياحة ترتبط بالاستقرار الامني والسياسي، فيما الزراعة والصناعة يمكنهما الاستمرار في الانتاج حتى في ظل الحرب. فكيف تتأثر اليوم السياحة في شقيها: القطاع الفندقي والمطاعم والمؤسسات السياحية بهذا الواقع؟ وأي دور للمسيحيين فيها؟
يقول رئيس نقابة اصحاب الفنادق والمؤسسات السياحية بيار الاشقر ان "عوامل عدة ساعدت على نمو القطاع السياحي في لبنان وتحديدا في مناطق جبل لبنان، وهي تعود الى مناخ الحريات العامة التي يتمتع بها والطبيعة التي يتميز بها والمناخ المعتدل في الفصول الاربعة وقرب الجبل من الساحل وتنوع المواقع والمراكز السياحية.
"وقد كانت مناطق جبل لبنان المسقط الاول للسياحة، لا سيما منها السياحة العربية.
"كما ان مناخ الانفتاح في اتجاه الشرق
والغرب، جعل من لبنان ملتقى السيّاح، وقد استفادت من ذلك المناطق السياحية في جبل
لبنان، وتشجّع المسيحيون على الاقبال على الاستثمار في هذا القطاع الواعد. فعلى
سبيل المثال،
كانت عائدات كازينو لبنان تؤمن
مردودا اساسيا لجبل لبنان، ومع اقفال الكازينوهات واعطاء الحصرية لكازينو لبنان
برزت اكثر عائداته. ومع قرب المساحة وسهولة التنقل واتصال العاصمة بمناطق الجبل
التي اصبحت فيها مناطق المتن وجبل لبنان امتدادا لبيروت سعى اهالي المدينة الى
السياحة في مناطق ابعد، علما بأن نحو 185 مؤسسة من اصل 400 مؤسسة سياحية في لبنان
تهدمت خلال الحرب. واليوم تبدو الحاجة اساسية الى الترويج للسياحة وتوجيه
المجموعات السياحية التي تنظم رحلات الى منطقة الشرق الاوسط بوضع لبنان على لائحة
البلدان السياحية العالمية. وهذه المجموعات لا تسأل عن السعر والتكاليف، بمقدار ما
تبحث عن نوعية الخدمة والجو العام والمناخ السياحي التي يتمتع بها لبنان بمقومات
مميزة.
"اما تطور الاستثمار في القطاع، فقد سيطرت عليه تدريجيا الشبكات والمؤسسات السياحية العالمية (الفنادق والمطاعم...) والتي تملك قدرات تمويلية كبرى لا تقدر على مجاراتها الاستثمارات الصغيرة اللبنانية والمسيحية تحديدا، لأن رساميلها محدودة. وحتى اذا لاحظنا ان هذه الشبكات الكبرى تقدم خدمات باسعار مرتفعة، فالسيّاح الذين يقصدونها مستعدون للدفع. وعلى رغم ذلك، يلاحظ دائما ان ثمة ديناميكية لبنانية ومسيحية متواصلة في اتجاه هذا القطاع. فمن نحو 103 مؤسسة سياحية في وسط بيروت، هناك 86 مؤسسة للمسيحيين. وعلى صعيد لبنان ككل، يظهر المسيحيون دور المحرك الرئيسي والمبادر الاول بالافكار وخلق الوظائف والاستثمار في القطاع. ولكن المشكلة في تدخل الشبكات والاحتكارات الكبرى برساميل جارفة بدءا من 500 مليون دولار وصعودا، التي تستفيد من وفر الكم او ما يعرف باقتصاديات الحجم
(Economie
d’Echelle)”.
ويتابع رئيس نقابة اصحاب المطاعم بول عريس ان "التوزع الجغرافي للمطاعم يظهر ان العدد الاكبر منها يقع في مناطق جبل لبنان. وبالتحديد بين اهدن وجزين، حيث 2000 مؤسسة، منها 1800 مؤسسة موسمية تشكل العنصر الاساسي للتنمية في المناطق الجبلية وتساهم في بقاء اهلها، ومعظمهم من المسيحيين، في اراضيهم. وكذلك في بيروت حيث الأغلبية الساحقة أي 80 في المئة من اصحاب المطاعم مسيحيون. فمنطقة الاشرفية التي كانت تضم 3 أو 4 مطاعم، باتت تضم اليوم مئة مطعم، ومعدل اعمار اصحاب المطاعم هو 28 سنة. ونهضة هذا القطاع تساهم في نهضة القطاعات الانتاجية الزراعية والصناعية، اذ ان نحو نصف المواد الاولية للقطاع (لحوم، اسماك، دجاج وطيور على انواعها، خضار، فواكه...) يتم شراؤها من لبنان والنصف الآخر يتم استيراده".
وتعقيبا على ذلك، يقول النقيب الاشقر ان ازدهار القطاع السياحي "يساهم في ازدهار معظم القطاعات، نظرا الى ارتباطه بمعظمها وانتشار المنتوجات التي يتوجه السائح الى استهلاكها منذ وصوله الى مطار بيروت الى دخوله المطعم واقامته في الفندق وتنقله في المناطق والمواقع السياحية".
ويتابع رئيس نقابة اصحاب المطاعم بول عريس ان "التوزع الجغرافي للمطاعم يظهر ان العدد الاكبر منها يقع في مناطق جبل لبنان. وبالتحديد بين اهدن وجزين، حيث 2000 مؤسسة، منها 1800 مؤسسة موسمية تشكل العنصر الاساسي للتنمية في المناطق الجبلية وتساهم في بقاء اهلها، ومعظمهم من المسيحيين، في اراضيهم. وكذلك في بيروت حيث الأغلبية الساحقة أي 80 في المئة من اصحاب المطاعم مسيحيون. فمنطقة الاشرفية التي كانت تضم 3 أو 4 مطاعم، باتت تضم اليوم مئة مطعم، ومعدل اعمار اصحاب المطاعم هو 28 سنة. ونهضة هذا القطاع تساهم في نهضة القطاعات الانتاجية الزراعية والصناعية، اذ ان نحو نصف المواد الاولية للقطاع (لحوم، اسماك، دجاج وطيور على انواعها، خضار، فواكه...) يتم شراؤها من لبنان والنصف الآخر يتم استيراده".
وتعقيبا على ذلك، يقول النقيب الاشقر ان ازدهار القطاع السياحي "يساهم في ازدهار معظم القطاعات، نظرا الى ارتباطه بمعظمها وانتشار المنتوجات التي يتوجه السائح الى استهلاكها منذ وصوله الى مطار بيروت الى دخوله المطعم واقامته في الفندق وتنقله في المناطق والمواقع السياحية".
ويشير الدكتور الزغبي الى ان المشكلة الرئيسية "تكمن في غياب التخطيط لنهضة الاقتصاد، اين يمكن التقدم؟". وما هي القطاعات الواعدة؟ ان المسيحي بطبعه يتحرك بسرعة ويبحث دائما عن الفرص الجديدة والمردود الصاعد. فاذا وجد فرصا جيدة في اي مكان في الخارج يسعى للاستفادة منها ولا ينتظر ان تصحح الاوضاع في لبنان وهو مكتوف الايدي.
"ولكن من له استثمارات وفنادق ومؤسسات مختلفة في لبنان اصبح مرتبطا اكثر بالحال اللبنانية ويناضل من اجل
تصحيح الاوضاع وانقاذ ما تبقى
وتخفيض التكاليف الاستثمارية والتعقيدات الادارية. مع الملاحظة ان معدل القطاع
يختلف ايضا بحسب تكاليف الدخول اليه. فكلفة الدخول الى قطاع المطاعم تعتبر منخفضة،
بينما كلفة الدخول الى القطاع الفندقي مرتفعة، خصوصا بعد اجتذاب هذا القطاع شبكات
فندقية سياحية كبرى ذات رساميل مهمة. ونظرا الى صعوبة اختراق السوق ومنافسة
الشبكات القائمة والحصول على حصة مقبولة من السوق، يفضل اصحاب الرساميل اللبنانية
توظيف اموالهم في الخارج".
ويضيف رئيس الاتحاد الدولي للمستثمرين اللبنانيين روبير جريصاتي الى هذه العوامل الحال التي يغادر فيها اللبنانيون المسيحيون البلاد"، وهي حال سأم من الوضع القائم". ويعطي مثال المغترب كارلوس سليم حلو ثاني اغنى رجل في العالم والمستثمر الكبير في قطاع الاتصالات في المكسيك، والذي كان يرغب في الاستثمار في هذا القطاع في لبنان، لكن التجاذبات السياسية والمحاصصات والسمسرات والتعقيدات الادارية جعلته يعدل عن قراره".
ويتدخل عبود ليلاحظ هنا، ان ارباح قطاع الاتصالات الخليوية في لبنان بلغت نحو الملياري دولار اميركي!
ويتابع جريصاتي ان اسباب الهجرة التي عاناها المسيحيون منذ توقيع اتفاق الطائف وحتى اليوم، "تفوق مسألة الانكفاء عن الاستثمار فيه لتطال التردد في العيش في ارجائه، لاعتبارات عدة سياسية اكثر مما هي اقتصادية، تتناول صلاحيات المواقع السياسية المسيحية الاساسية في الدول، ومنها رئاسة الجمهورية والوظائف الاولى في الدولة. فالاستثمار الاقتصادي في البلاد يقتضي اولا ان يقتنع ابناؤه بانه وطنهم وبان الدولة تمثلهم". ويلفت عبود الى ان "هذا غير مراسيم التجنيس".
اما في التجارة الخارجية والنقل البحري، فيقول رئيس غرفة الملاحة الدولية ايلي زخور ان المسيحيين "ناشطون جدا في القطاع وهم يشكلون 80 في المئة من قطاع النقل البحري (وكالات بحرية، تخليص بضائع، وسطاء نقل...) ولكن في القطاع العام والوظائف من الفئة الاولى هناك بعض التراجع، انما القطاع مزدهر ويسجل نموا هائلا في كل عمليات الاستيراد والتصدير، والدور المسيحي فيه بارز وصاعد".
وفي الاعلام المسيحي، يقول الدكتور سعد ان الجميع يشكون من المشاكل التي تعترض القطاعات". فاذا كان الكيان اللبناني والسياسة فيه تعاني مما تعاني، فلا يعود مستغربا وجود شكاوى كبيرة ومتنوعة. الكنيسة تقوم بخدمات،
ولكن الكنيسة ليست الدولة ولا
يمكنها ان تحل مكانها. كما لا يحق لها بسهولة التصرف باموال الاوقاف. قبل سنة 1990
لم يكن هناك تنظيم لاموال الكنيسة الزمنية. والبابا الراحل يوحنا بولس الثاني اصدر
مجموعة قوانين للكنائس الشرقية، منها مرسوم خاص بادارة اموال الكنيسة الزمنية.
واليوم لا توجد ارض صالحة للاستثمار ويطلب اقامة مشروع عليها، الا ويتم التجاوب مع
ذلك. الا ان المشكلة في لبنان هي سياسية. ومثلما وضع ميثاق سياسي في الطائف، ينبغي
وضع ميثاق اقتصادي. واليوم تأتي العولمة لتحمل معها حقوق الانسان وفتح الحدود بما
يتناغم مع ميزات لبنان الانفتاحية. وفي الوقت عينه تبرز اهمية حماية القطاعات
الاقتصادية بما يتناسب مع توجهات نصوص المجمع الماروني.
"وقد تمت المطالبة بوضع نص قانوني يسمح بانشاء مؤسسات اعلامية غير تجارية، لان القانون اليوم لا ينص على انشاء مؤسسات اعلامية غير تجارية بل فقط مؤسسات تجارية تتطلب رساميل كبرى وتستند الى اعلانات غير مناسبة مع الاعلان الديني (اعلانات للدخان والمشروبات...) تشكل نحو ثلثي الاعلانات ومعظم هذه الاعلانات وغيرها تختار فترة الاخبار ليتم بثها.
"كما ان تيلي لوميار قائمة بموجب مرسوم
من مجلس الوزراء وليس وفقا لقانون الاعلام، وهي تابعة لتلفزيون لبنان ولكن باشراف
مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك. فالتلفزيون العادي يكلف شهريا نحو 1.5 مليون
دولار، فيما تيلي لوميار تعمل بكلفة 200 ألف دولار شهريا. كما ان الفضائية لتيلي
لوميار تعتمد في تمويلها على اربعة او خمسة اشخاص، ولها دور مع كنائس الانتشار.
وهناك اصدقاء لتيلي لوميار في بلدان الانتشار العربية والاجنبية واللبنانيون في
الخارج لديهم عطش الى سماع احد يتحدث لهم عن المسيح. وتحاول تيلي لوميار مع
اصدقائها وبالتعاون مع الكنيسة ايجاد روابط دينية ومعنوية ولغوية للتواصل مع
المغتربين والمحافظة على روابطهم مع الوطن الام. اما تنفيذ اي خطة للنهضة، فهذا
يبقى من مسؤولية الهيئات المسيحية مثل الرابطة المارونية واتحاد الرابطات
المسيحية".
بعد انضمامه الى الندوة حيا المطران بولس مطر جهود المشاركين واشار الى ان المسيحيين "يسعون دائما الى الانتاج وخلق فرص العمل، واليوم حركة الاغتراب كبيرة وهناك استثمارات واسعة وهامة للمسيحيين في الخارج، ولكن من الضروري توظيف اقله 10 في المئة منها في لبنان، بما يوازي تأمين مدخول "حراس" يحافظون على الارض والممتلكات والوطن، ويساهمون في ايجاد فرص العمل. لدينا هموم كثيرة، ولكن علينا ان نشد عزيمتنا وننزل الى السوق حيث لدينا الكثير لنقوله ونفعله. الدعم الخارجي لا يكفي لانه لا يؤمن العيش الكريم. المطلوب خلق فرص العمل وجعل المواطنين يأكلون من عرق جبينهم. وهنا ينبغي ان يدافع الزعماء السياسيون عن حقوق القطاعات الاقتصادية التي باتت ملحة جدا، والكنيسة تقف في جانب ابنائها ووطنها في هذا الاطار، وتحمل قضيتهم".
ويبقى السؤال، ما هي العناوين الاساسية لرؤية شاملة لنهضة الاقتصاد وتعزيز دور المسيحيين في نهضة لبنان؟
يوضح الدكتور الصايغ ان الاستحقاقات الاقتصادية مرتبطة بالاستحقاقات السياسية. "ومن الضروري ان تقدم الكنيسة موقف للمسيحيين من ابرز القضايا المطروحة والملفات السجالية الساخنة مثل: الخصخصة، اللامركزية الادارية، الامن الذاتي القانوني، استقلالية القضاء والحكم الصالح ومعالجة ملف المهجرين المرتبط بانماء المناطق والمشاريع الزراعية في الارياف. هذه الملفات اساسية في صمود المسيحيين في قراهم، وهذا يستدعي البحث لا على صعيد ماكرو – اقتصادي انما على صعيد مشاريع موجهة الى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتؤسس شبكة امان اجتماعي وحماية، وتعزيز وجود المسيحيين ودورهم ومساهمتهم في نهضة لبنان واقتصاده.
"وان تصحيح التمثيل المسيحي سياسيا يؤثر على المسار الاقتصادي وينسحب على العدالة الاجتماعية والانماء المتوازن وتفعيل القطاعات الانتاجية. وهنا دور للمسيحيين وللكنيسة وللمؤسسات ذات الطابع المسيحي، كما ثمة دور على مستوى المجتمع المدني والفعاليات والجمعيات والشركات والمصانع والنقابات والبلديات. فالمطلوب وضع طريقة لاستعادة المسيحيين دورهم من دون استجداء او استعطاف الدعم داخليا كان ام خارجيا".
ويشير الدكتور الصايغ الى ان "المسيحيين ليبيراليون بطبيعتهم ومتمسكون بقيم الحريات العامة. فحيث تكون الحريات يكون المسيحيون وحيث يكون المسيحيون تكون الحريات. وهذا له تأثير سياسي واقتصادي واجتماعي.
وبالتالي علاقتهم تاريخيا
بالدولة هي علاقة المبادر الذي لا ينتظر من الدولة ان تكون راعية لشؤونه ومنظمة
لاموره انما مفهومه للدولة هو مفهوم الدور الامني والحمائي. وهذا ما اعطى للبنان
طابعا ليبيراليا بامتياز، حيث المبادرة الفردية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية
وتكافؤ الفرص. فمن المستغرب اليوم ان يلقي المسيحي
المسؤولية على الدولة كليا،
علما بأن الدولة بالطبع مسؤولة منذ نهاية الحرب عن حال الانهيار الاقتصادي، ولكن
من الظلم الا يتحمل هؤلاء المسيحيون انفسهم قسطهم من المسؤولية. فالمسيحيون كنيسة
وجامعة ومؤسسات ومصانع وشركات ونقابات مسؤولون على رغم القهر والمعاناة والاستبعاد
التي تعرضوا لها، والتهميش المبرمج الذي فرض عليهم من اجل اضعافهم واضعاف لبنان
فترويضه. من هنا اهمية تنفيذ مشاريع تثبت المسيحيين في ارضهم وتخلق فرص العمل في
الجبل المهجّر وتنفذ برامج مدعومة من المنظمات الدولية وصندوق خاص من ضمن الكنيسة
لهذه الغاية، يبدأ بعودة المهجرين، من ضمن رؤية سياسية اقتصادية اجتماعية تتعهد
الكنيسة بتنفيذها
ويكون لمؤسساتها الدور الريادي
في تطبيقها في كل ابعادها المدنية والاقتصادية والاجتماعية، من طبابة وتعليم وضمان
اجتماعي وضمان شيخوخة. وهذه تمثل اسباب اساسية لهجرة عدد كبير من المسيحيين. فضلا
عن اهمية تحقيق اللامركزية الادارية وتأمين استقلالية القضاء اللبناني ونزاهته،
وتحقيق الامن الذاتي القانوني، بما يعطي المشترع المحلي القدرة على صيانة قضاء
مستقل ونزيه. مع المحافظة على الفصل بين السياسة والاقتصاد واحترام الدستور
اللبناني. والبقاء على جهوزية لمواكبة ملفات الساعة الاقتصادية، بحيث يكون هناك
توجه مسيحي مركزي يضمن حقوق الجميع من ضمن مبادئ العدالة والشفافية.
ويشير الدكتور الزغبي الى جملة نقاط مطلوبة في هذا الاطار، "تتعلق بالتركيز على القطاعات التي ينشط فيها المسيحيون، تفعيل التصدير الى الخارج، تأمين التمويل من خلال التسليفات المصرفية الطويلة الاجل او القصيرة الاجل (حسن الاستفادة من ضمانات "كفالات" وتمويل الشركات والمؤسسات الصغيرة الصاعدة) والتمويل المصرفي في شقيه: الاستثمار برأس المال والتمويل العادي، المصاريف التشغيلية. والعمل على تحقيق نوع من المشاركة في رأس المال مع مؤسسات تمويلية كبرى، وامكان تنفيذ عمليات دمج مؤسسات صغيرة لتكبير حجمها في السوق وزيادة حصة ارباحها".
ويعدد جريصاتي جملة اقتراحات بعضها لبناني مشترك وبعضها مسيحي، منها: "تأمين قروض صغيرة بفوائد منخفضة وآماد طويلة، تأمين استقالية القضاء، وضع قوانين تشجيع الاستثمار، منها القوانين الخاصة بالـ Off shore، وتأمين خدمات الانترنت السريع واعادة اطلاق الملحق الاغترابي".
ويضيف الحويك عناوين اقتراحات اساسية تتعلق بحماية بعض القطاعات الانتاجية من حالات الاغراق وكساد المواسم التي تسببت بها بعض اتفاقات تحرير التجارة، دعم التوازن بين المنتوجات في القطاعات والمناطق، تأهيل
القطاع الزراعي وتطويره لخلق
فرص عمل للشباب، "فلو كانت هناك زراعة منتجة ومزدهرة، لكان عدد كبير من
الموظفين يتركون وظائفهم ويشترون بضع دونمات من الاراضي ويزرعونها ويحققون مردودا
اكبر بكثير من الرواتب الثابتة والمحدودة. كما من الضروري ايجاد فرص عمل تسمح لابناء
القرى بالبقاء في ارضهم وتعليم ابنائهم وتأمين الطبابة لعائلاتهم".
ويضيف زخور ملاحظة ان "لا نهضة اقتصادية من دون نهضة سياسية تتطلب زعماء اقطاب وتطبيق قانون انتخابي عادل.
اما عريس، فيشير الى اهمية انشاء مركز احصاءات يعطي الارقام والمعلومات لتعرف النسب والمساهمات في القطاعات.
ويضيف زخور ملاحظة ان "لا نهضة اقتصادية من دون نهضة سياسية تتطلب زعماء اقطاب وتطبيق قانون انتخابي عادل.
اما عريس، فيشير الى اهمية انشاء مركز احصاءات يعطي الارقام والمعلومات لتعرف النسب والمساهمات في القطاعات.
ويقول اشقر انه من الضروري السعي الى تحقيق الاستقرار الامني والسياسي والاصلاح المطلوب الذي يشجع
المستثمرين. كما من الضروري
انشاء صندوق دعم مسيحي يساهم فيه مقيمون ومغتربون لتحقيق النهضة المطلوبة.
ويختم عبود بالتشديد على اهمية انشاء الصندوق المسيحي للتمويل وتأمين التسليفات الصغيرة للمؤسسات الصغرى الصاعدة والعمل على ايجاد فرص العمل وتنفيذ الخطط القيمة للقطاعات مثل خطة الوزير الشهيد بيار الجميل للصناعة. "وعلى رغم جودة وصحة تعدد الآراء بين الزعماء المسيحيين ينبغي ان تكون الملفات الاقتصادية الضاغطة فوق اي سجالات سياسية، وان تتضامن جهود الجميع في سبيل ايجاد الحلول وخلق فرص العمل وتحقيق المشاريع وتنفيذ البرامج التي تسمح بنهضة لبنان وتثبيت دور المسيحية. فماذا ينفع المسيحيين اللبنانيين لو ربحوا العالم كله وخسروا لبنان؟".
ويبقى الملف للمتابعة.
ويختم عبود بالتشديد على اهمية انشاء الصندوق المسيحي للتمويل وتأمين التسليفات الصغيرة للمؤسسات الصغرى الصاعدة والعمل على ايجاد فرص العمل وتنفيذ الخطط القيمة للقطاعات مثل خطة الوزير الشهيد بيار الجميل للصناعة. "وعلى رغم جودة وصحة تعدد الآراء بين الزعماء المسيحيين ينبغي ان تكون الملفات الاقتصادية الضاغطة فوق اي سجالات سياسية، وان تتضامن جهود الجميع في سبيل ايجاد الحلول وخلق فرص العمل وتحقيق المشاريع وتنفيذ البرامج التي تسمح بنهضة لبنان وتثبيت دور المسيحية. فماذا ينفع المسيحيين اللبنانيين لو ربحوا العالم كله وخسروا لبنان؟".
ويبقى الملف للمتابعة.
المسيرة:
27/04/2007
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire