dimanche 23 mars 2014

L'Orient Le Jour (26-03-2008)


 (Supplément de L’Orient Le Jour حتمية الحوار:   (ترجمة عن مقال صدر في ملحق
L’impasse du Dialogue تحت عنوان
2008  نيسان


الدكتور سليم الصايغ:
نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية
مدير مركز أبحاث وماستر في جامعة باريس الجنوب وجامعة الحكمة-لبنان.



اتخذت الأزمة اللبنانية كل ألوان ثورة الأرز غير المكتملة، وعبقت بكل روائح المقاومة غير الموجًهة، وتذوقت كل نكهات الميثاق الوطني لسوء التعايش.
 لقد تجمدت ديناميكية بناء الدولة مع الوقت. وباتت الأزمة تولد الأخرى بشكل مستدام، ولم يعد السؤال حول معرفة سبل تخطيها، انما حول معرفة كيفية تحويلها.
 لم يعد ينجح الميثاق الوطني في تعزيز المؤسسات لتحقيق ديمومة التوافق والاستقرار. لكن المشكلة لم تعد في ارادة العيش معا في البلد نفسه، لأن المشكلة لا تكمن في الميثاق انما في ترجمته الدستورية، لا في الايمان بالوطن، انما في طريقة تنظيم الحياة العامة.
 هذا الاثبات يجعلنا نتقدم بأمان أكثر، ولكن قبل الاقدام على أي خطوة، نحتاج تحت هذا العنوان الى أجوبة من كل الفرقاء في الوطن حول 3 نقاط أساسية:
 الحياد الايجابي، المقاومة المسلحة، والثقافة السياسية.

● الحياد الايجابي: نحن متضامنون مع العرب عندما يكونوا موحدين. نحن معهم في الحرب ضد اسرائيل، وفي الوقت نفسه نرفض أن يصبح لبنان جبهة بديلة عن كل الصراع الاسرائيلي-العربي. فلتأخذ جامعة الدول العربية موقفا موحدا في هذا الموضوع ولبنان يكون في طليعة المطبقين له في هذا الاتجاه أو ذاك. يتوجب على سائر الأفرقاء في الوطن أن يعربوا عن حقيقة موقفهم في الخيار الاستراتيجي للحرب والسلم. كل صراع حاد تجاه الخارج دون وحدة وطنية متماسكة في الداخل يتحول تدهورا سياسيا. فشل المقاومة الاسلامية في تحويل الانتصار العسكري ضد اسرائيل انجازا سياسيا وطنيا أو حتى تأمين التأييد له، ناتج عن هذا النقص في التوافق على أشكال المعركة القائمة ضد اسرائيل.

المقاومة العسكرية: خيار المقاومة ضد أي احتلال مسلح تم تقديسه في القانون والأخلاق ومضينا في ذلك بملء ارادتنا. لقد اعتمدنا هذا الخيار ضد كل أشكال الاحتلال، المباشر وغير المباشر. لقد استخلصنا العبر من الماضي. نعرف أن تحقيق السيادة الدائمة غير القابلة للتبدل أو الصرف تستدعي قناعة جميع اللبنانيين باستراتيجية دفاع وأمن وطني. في غياب ذلك، وفي مجتمع تعددي منفتح على تأثيرات الثقافات والسياسات الخارجية، يؤدي تشابك اللاعبين المحليين والأجانب الى جعل معرفة مصدر التهديد عملية غامضة، كما يجعل تحديد المصلحة الوطنية صعبا ورؤية سياسة دفاع وأمن لبنانية مشتركة عملية مستحيلة. ارادتنا أن نرى كل لبنان مشاركا فاعلا في شراكة حقيقية لاعلان وجود وطن مقاوم في لبنان، قوي في مكوناته، صلب ومتماسك تجاه اي اعتداءات، أيا يكن مقصدها ومرامها. وطن حيث كل الشعب يقوم بسلاحه ضد أي معتدي يجرؤ على تخطي حدوده، أو يقوم بتحريك مجموعات مسلحة، ان كانت سرية أم غير سرية على أرض الوطن.

فلنتذكر مسألة أكيدة: في لبنان "أن ننوجد يعني أن نقاوم". وكل الشعب الى أي فئة انتمى مدعو أن ينوجد وبالتالي أن يقاوم! في المصنع كما في الحقل، في المدن كما في القرى، على الجبهة كما في الداخل، في الجامعة كما في الورشة، كل لبناني مسَتثمَر في هذه الرسالة، أنه في استمرار عيشه بكرامة في لبنان، عليه أن يؤدي هذه الرسالة، فعل المقاومة! هذه هي روح شهدائنا، كل شهداؤنا التي سلموها لنا.

بكلمة واحدة، لكي يخرج حزب الله من المأزق الذي هو فيه والذي يقودنا اليه، انه مدعو أن "يتلبنن" في 3 مراحل:

- بداية، بالتوافق مع اللبنانيين والشرح لهم عن طبيعة ارتباطه بايران والتداعيات السياسية لذلك على الساحة اللبنانية.   
   
- ثم من خلال مأسسة تجربته بانشاء وحدات مسلحة شبه عسكرية متصلة بالدولة وتتسم باستقلالية في اطار وحدات مناطقية معمًمة.

- وأخيرا بانخراط عناصره  وعائلاتهم في النسيج الاقتصادي والاجتماعي اللبناني. ويفترض ذلك على الدولة أن تضع تصورا مع الأفرقاء الاجتماعيين والسياسيين والشركاء الدوليين في ايجاد سبل التمويل والأدوات الضرورية لهكذا عملية انخراط محترف. الدور المدني للسلاح يصبح في تأمين، على غرار بعض البلدان الأخرى، منبر لهكذا عملية انخراط محترف.

الثقافة السياسية: لبنان الفخور في ارثه الحضاري في صور، صيدا، جبيل...شهد دوما تعايش ثقافتين سياسيتين واحدة بطبيعتها "مركنتيلية" بينما الأخرى مقاومة. فالبرغماتيكية الظرفية تتصل بها وبسهولة عزة النفس الباطنية التي تعطي للروح اللبنانية سًرها. فالوطن يقوم ويكبر كلما نجح انخراط الثقافتين. ويغرق ويفرغ عندما تنمو الواحدة على حساب الأخرى.
الثقافة المركنتيلية طغت في فترة ما قبل الحرب1975 وما بعد  الحرب أي بعد 1991، في مجمل البلاد.
وطغت ثقافة المقاومة بين 1975 و1991، خاصة لدى مسيحيي الداخل، وبعد 1991 لدى شيعة الجنوب والبقاع.

 تؤدي الى طغيان خيار التسوية، (mercantilisme) سيطرة "المركنتيلية"
بينما طغيان المقاومة يضع في الواجهة التشدد العقائدي.
 سنوات الوصاية جعلت تطغى في الداخل ثقافة التسوية، وفي الجنوب والبقاع ثقافة التشدد.

ولكن سريعا في 14 آذار 2005، حصل التدافع الجيو- ثقافي. فالداخل هومن صدح بالثورة وبالتالي المقاومة، بينما الجنوب تحول الى محافظ من خلال المطالبة بحالة الجمود.

الأثر الانخراطي للانتخابات النيابية لعام 2005، فقد سريعا هدفه بتوحيد هاتين الثقافتين مع مؤيديهما الجدد. المحافظون الجدد استعادوا طريق المقاومة الأسهل في الجنوب في ظل وجود العدو المحتل، ولكن الطريق الأصعب للتحول الى معارضة سياسية في االداخل.المقاومون الجدد في الداخل والشمال فقدوا ثورتهم لينغلقوا في منطق المحافظة وبالتالي المقاومة، للحفاظ على انجازات الاستقلال المستعاد.

 بكل الأحوال، سقوط الانخراط المتوازن للثقافتين السياسيتين خنق انطلاقة التحول وجمًد كل المقاومة وأدى في آن معا الى تراجع دولة القانون.

الآمال بسلم أهلي صحيح، مشاركة فعلية في السلطة، ادارة عامة شفافة وفعالة، سلطة ضامنة لكل مكونات الوطن تطايرت مثل قصور الرمل.

لبنان الجديد بات يستدعي التوفيق بين ايجابيات ثقافة التسوية، ثقافة المقاومة ونفس ثورة الأرز. الدولة يمكنها أن تعطي الدفع المركزي. ولكن في غياب ذلك، يمكن تحقيق حصيلة التفاعلات اللامركزية المتأتية من كل الأحزاب والمجتمع المدني. من هنا، كل ثقافة سياسية حقيقية تواكب عندها كافة الحساسيات الدينية، السياسية والاقتصادية في بحث دائم عن العيش الرغيد.
نعم، فلنجرؤ على قوله، ان البحث عن السعادة  ليس آفة، أنما هو فضيلة، حق، واجب...بدونه يفقد المرء انسانيته لصالح غريزة صياد بدائي يعتقد أن بقاءه على قيد الحياة يمر عبر الغاء الآخر.

________________________

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire