dimanche 23 mars 2014

Safir (16-10-2007)

تاريخ العلاقة بين بكركي وساسة الطائفة ودورها في رئاسة الجمهورية (2من 2)
أزمة الثقة والخوف على الدور السياسي وصوت البطريركية في الحرب والسلم
سجعان قـزي: إذا فـقد الموارنة الرئاسة فقدوا آخر مـوقع لهم في العالم
سليم الصايغ: إضعاف بكركي تقويض للوجود المسيحي في لبنان
انطوان زهرا: بكركي ضمير المسيحيين
يختصر سجعان قزّي المشكلة بين بكركي والسياسيين الموارنة بقوله: «عدا أزمة الثقة، هنالك أزمة محبّة بين بكركي والقادة المسيحيين. وفقدان المحبة مناقض كلياً لروح التعاليم المسيحيّة. الموارنة يريدون قادة بحجم التحديات وبطريركاً بحجم المجد الذي أعطي له».
غير أن الواقع التاريخي والطائفي يفرض نفسه على الطرفين، بحسب قزّي «فهو يبقي بكركي مرجعية مارونية لا بديل عنها، كما أن صنمية النظام السياسي لا تفسح المجال أمام الموارنة لتجديد الطبقة السياسية التي تحكمهم منذ مئة عام مع تغيير الأسماء بدون تغيير الذهنية. لذا يشعر الشعب الماروني، رغماً عنه، بضرورة توزيع ولائه بين بكركي وانتمائه الحزبي أو السياسي، لا سيما في هذه المرحلة المصيرية للخروج من الأزمة وتأمين استحقاق الرئاسة، فإذا فقد الموارنة رئاسة الجمهورية فقدوا آخر منصب لهم في لبنان والعالم كلّه».
ماذا يعني هذا الكلام سياسياً لدى الأحزاب المارونية الأربعة الأبرز؟
الكتائب اللبنانية
أعاد رجوع الزعامات المسيحية من الاغتراب والنفي والسّجن ديناميّة جديدة وحيوية للمسيحيين في لبنان. وهذه الديناميّة لم تحدّ من دور بكركي «هذا مؤشر على مرجعية بكركي الروحية والسياسية المعزّزة والمتمكّنة بعد 15 عاماً من الوصاية السورية».
و يقول مستشار الرئيس أمين الجميل والبروفسور في القانون الدّولي والديبلوماسية في جامعة باريس الدكتور سليم الصايغ، مضيفاً: «استعادت الكنيسة دورها السياسي عندما ضربت الأحزاب المسيحية، فبرزت شخصية البطريرك صفير الجامد في مبادئه، ولكنّه في الوقت عينه الواقعيّ في استخدام الوسائل والطرق التي تؤدّي الى تحقيق الغايات».
يقول الدكتور الصايغ في ما يخص مبادرة بكركي الأخيرة: «إن إضعاف دور بكركي عبر عدم التجاوب مع مبادراتها هو تقويض للوجود المسيحي في لبنان، ويأتي نتيجة سببين: الأول ان بكركي تسعى الى المحافظة على مسافة واحدة من الجميع في وقت يعيش لبنان والساحة المسيحية استقطاباً شديداً من خطين سياسيين لا يتقاطعان حول خيارات أساسية في معالجة الأولويات السياسية. لذا لا تقدر بكركي على جذب الأطراف المعنية والتأثير عليها. وعندما تتمكّن من الجذب يكون ذلك على أساس ثوابتها. السبب الثاني هو أن لدى بكركي أسلوب تعامل مع القضايا الشائكة قد يكون سلساً أكثر من اللازم حول مواقف يتجرّأ البعض على اتهام بكركي من خلالها، فالكنيسة المارونية تاريخياً كانت القائد الروحي والسياسي والعسكري للموارنة بحيث كان البطريرك هو القائد العسكري الفعلي بين القرنين التاسع والثاني عشر وسلطته هي فوق الجميع. والظرف الحالي يتطلّب تفعيلاً حقيقياً لهذا الدور التاريخي، مع إيماننا ككتائب لبنانية أن هذه النظرة لدور بكركي هي ضرورية لتعزيز الدور الماروني مجدداً للوصول الى بناء الدولة المدنية والمؤمنة بالتعددية والتي تهدف الى تأمين حقوق الإنسان الفردية والجماعية بمعزل عن طائفته».
بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي يقول الصايغ: «تحمل الكتائب هموم الناس، والناس لا تريد التأسيس لمشكلة بعد 6 أعوام. نحن مع الآلية الدستورية والإجماع إذا حصل أو التوافق بأغلبية الثلثين. وإذا كان آخر الدواء الكي فبالنصف زائداً واحداً. نحن ملتزمون بموقف 14 آذار، وثمة اتفاق تام بين أركان المسيحيين في هذا الفريق حول هذا الموضوع».
لكنّ بكركي تريد نصاب الثلثين..
«
نعم، ولكن إذا تعثّرت الأمور فبكركي لن تقبل بالفراغ ولن تقبل برئيس مسيحي غير قادر على مواجهة المرحلة المقبلة وتطبيق القرارات الدولية وتطبيع العلاقات مع سوريا عبر فتح سفارات وترسيم الحدود وتعزيز السّلم الأهلي وإيجاد حل لسلاح «حزب الله» ضمن القرارات الدولية والقرار ,1559 وأغلبية اللبنانيين يريدون تطبيقه، والكتائب تريد رئيساً قادراً على استنباط الحلول في هذا المجال».
القوات اللبنانية
يصف النائب أنطوان زهرا بكركي بأنها «ضمير المسيحيين والوطن»، لكن، هل يصغي المسيحيون إلى صوت هذا الضمير؟!
يجيب: «بالطبع نسمعه، وإذا لم يعجبنا نناقشه بمحبّة وبخضوع».
لكنّ «القوات اللبنانية» لم تتقيّد بالثوابت التي أعلنتها بكركي منذ أشهر..
«
لقد تعاطينا مع الثوابت بجدية وباحترام ولم نعتبر الأمر موضوعاً للاستغلال، وثمة سياق متكامل في تعاملنا مع بكركي بدءاً من النّداء الأوّل حتى النّداء الثامن ومع البيانات الشهرية التي تصدر عن مجلس المطارنة الموارنة الى عظات الأحد».
لكنّ «القوات اللبنانية» لم تتقيّد بتوجيهات بكركي عام 1989 عند اندلاع المواجهات بينها وبين الجيش بقيادة الجنرال ميشال عون؟
يجيب النائب زهرا: «قالت بكركي يومها لا للتقاتل، لكن ما العمل في حالة الدفاع عن النفس؟ إنه حق مقدّس، لكن التقاتل المسيحي لم يكن ليفضي إلى اي نتيجة وهو رتّب خسائر بشرية ومادية وسبب تراجعاً للدور المسيحي لم نعوّضه لغاية اليوم».
يعود زهرا الى عام 1989 عند حصول الاقتتال المسيحي المسيحي وعدم امتثال القوات ولا عون لنداءات بكركي المتكررة ولا حتّى لتهديدها باستخدام الحرم، قائلاً: «كنا آنذاك جماعة مسلّحة موجودة كأمر واقع بسبب الحرب، وقد دافعنا عن أنفسنا أما اليوم فلسنا كذلك. في حال نشوء أي صراع نحن غير معنيين به لا بالسلاح ولا بأي اضطرابات، لأننا لن نكون طرفاً فيه، وهذا الموضوع إن حدث منوط بالسلطات الأمنية والعسكرية من جيش لبناني وقوى أمن داخلي».
ماذا عن مبادرة بكركي الأخيرة؟
«
لقد تردّد صاحب الغبطة كثيراً في إطلاق أيّ مبادرة في المرحلة الحالية، لأنه اعتبر أنّ أيّ فشل للمبادرة هو أسوأ بكثير من عدم القيام بها. وهذا اعتبار صحيح، لأن ثمة تجربة سابقة عام ,1988 ولكنّ المبادرة الأخيرة كانت لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم بعدما تبيّنت مخاطر الوصول إلى الفراغ بشكل جدّي. والكلّ يعرف بأن مجرّد حصول فراغ في السدّة الرئاسية لا يمكن تعويضه في انتخابات رئاسية في وقت لاحق مهما كان المدى الزّمني».
يضيف زهرا: «لنكن واضحين: نحن غير مستعدّين لمناقشة أي تعديل في صيغة الطائف في الوقت الحالي. لن نجلس لمناقشة قضية التوازن الوطني في ظلّ وجود سلاح في يد فريق لبناني، وهذا ما أبلغناه للبطريرك وأبلغناه أيضاً مخاطر تطلّع البعض الى المثالثة، وهي ليست وهماً بل طرح حقيقي لدى أصحابه، ونحن ندرك خطورته على المسيحيين وعلى لبنان».
وماذا عن إصرار «القوات اللبنانية» كما قوى الأكثرية على الانتخاب بالنصف زائداً واحداً في حين أن موقف بكركي كان واضحاً لجهة تأييد نصاب الثلثين؟
يجيب زهرا: «نحن لا نقول بالنّصف زائداً واحداً ونصرّ عليه. قال البطريرك صفير إنّ مقاطعة الانتخابات الرئاسية هي مقاطعة للوطن طالباً الحضور والمقاطعة من دون تعطيل الجلسة. لقد انطلق الدستور من مسلّمة تقول بضرورة إجراء الانتخابات، وعندما يرفض رئيس المجلس النيابي تعطيل حصول الانتخابات فإن النصف زائداً واحداً لن يعتمد إلا في حال حدوث الفراغ وكخيار أخير عند استنفاد الوسائل كلّها. لقد شرحنا موقفنا لغبطته قائلين إنّ أولويّتنا هي إجراء الانتخابات بـ128 نائباً، وذلك قبل اغتيال النائب أنطوان غانم، وثانياً بحضور الثلثين، أما النصف زائداً واحداً فهو الخيار البديل عن الفراغ».
«
التيار الوطني الحر»
بعد انتفاضة الاستقلال في 14 آذار عام 2005 بدأت مرحلة شدّ حبال بين بكركي والموقعين المسيحيين في 8 و14 آذار وصار كلّ فريق يريد شدّ بكركي إلى جانبه. يقول النائب الدكتور فريد الخازن: «الفارق بين الجنرال عون والآخرين أنه واضح مع بكركي، يقول رأيه بصراحة ويتصرف كسلطة سياسية، في حين أن الفريق الثاني يتصرف على غرار عون، أي كسلطة سياسية فيما يكيل لبكركي الكلام المعسول».
بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي يقول الخازن إن بكركي تسعى لأن تتم الانتخابات في موعدها الدستوري ويهمها وصول رئيس قبل المهلة الدستورية. هي تعارض انتخاب رئيس بنصاب النصف زائداً واحداً لكنها في المقابل لا تريد حصول فراغ رئاسي. هنا يلتقي الفريقان المسيحيان بشيء مع بكركي: المعارضة بنصاب الثلثين وفريق 14 آذار بعدم حدوث فراغ!».
بالنسبة إلى المبادرة الأخيرة يقول الخازن: «إذا استكملت قد تصبح مبادرة جدية تفرز آلية لانتخاب رئيس وهي قد تتحول إلى الآلية الأكثر فاعلية لانتخاب الرئيس المقبل».
يلخص الخازن الإشكالية بين السياسيين وبكركي بقوله: «في الحرب لا يسمع صوتها، لأن صوت المدفع هو الذي يطغى، وفي زمن السلم حيث الانقسامات السياسية تضحى بكركي محور جذب لكلّ القوى حتى غير المسيحية منها، فتصبح بالتالي في موقع منافس للقيادات السياسية، وذلك لأن البطريرك لا يطلب منصباً ولا يريد أن يكون رئيساً، فيما الأطراف الأخرى لديها مصلحة وهي تختبئ في عباءة البطريرك فيما تخالفه».
المردة
على الرّغم من التصاريح القاسية التي يطلقها زعيم تيار المردة النائب والوزير السابق سليمان فرنجية منتقداً أداء بكركي السياسي، إلا أنّ منسّق الشؤون السياسية في التيار يوسف سعادة يقول بأنّ العلاقة بين تيار المردة وبكركي هي «علاقة احترام ومودة»، مضيفاً: «نحن نعتبر الصرح البطريركي مرجعاً مسيحياً ووطنياً، وملتزمون به روحياً، أما في السياسة فقد نختلف حيناً ونتفق احياناً مع سيد بكركي، وحين نختلف نقول رأينا بصراحة ووضوح انطلاقاً من احترامنا لحقِّ الاختلاف بالسياسة ومن قناعتنا بالصراحة مبدأ في تعاطينا السياسي، ولا نعتمد طريقة آخرين يدّعون في كل حين انهم تحت عباءة غبطة البطريرك فيختارون من مواقفه ما يناسبهم ويصوّبون كلامه او يصححون له بما يتماشى مع مصالحهم الخاصة».
بالنسبة الى مبادرة بكركي الأخيرة يقول سعادة: «بكركي مشكورة على مبادرتها، وخصوصاً في هذا الظرف الدّقيق والحسّاس الذي رأت فيه توقيتاً دقيقاً لإطلاق مبادرة تجمع بين المسيحيين، ونحن حين ناشدنا الصرح وسيدّه العمل على عقد مثل هذا اللقاء، كنا نتلمس واقع تهميش المسيحيين واتساع الهوة بين ابناء الطائفة الواحدة، ما اسهم مزيداً من الانقسام والشرذمة، لذا نتمنى تفعيل المبادرة وسنلبي كل دعوة من الصرح ونناقش بإيجابية وانفتاح من ضمن تصوّرنا ورؤيتنا للواقع المسيحي بشكل خاص واللبناني بشكل عام، آملين ان تصل الامور الى خواتيمها المُرضية، لأن من شأن ذلك ان ينعكس ايجابياً على كل لبنان».
يتمسّك تيار المردة بنصاب الثلثين «حرصاً على الدستور وضرورة صونه والحفاظ عليه، ولأننا نرى في نصاب الثلثين ضمانة للمسيحيين، لذا يفترض ان يكون مطلباً مسيحياً جوهرياً ويحمي التركيبة اللبنانية المتنوعة وأي مسيحي برأينا يطالب او يرضى بالنصف زائداً واحداً مهما كانت الحجة او التبرير، فهو إما صاحب مصلحة خاصة، أو أنه لا يعي خطورة ما يُطالب به او يعمل له. فليس من المنطقي في بلدٍ توافقي أن يُصار يوماً الى انتخاب رئيس للجمهورية بأصوات النواب المسلمين او العكس. ونعتقد ان غبطة البطريرك الذي طالما اتسم بمبدئيته لن يضّحي بنصاب الثلثين، وهو أعلن غير مرة وبشكل واضح انه مع الثلثين وفق الدستور اللبناني».
مطلوب من الرئيس المقبل بحسب سعادة أن «ينقذ الوضع ويعيد الأمان الى المواطن، رئيس يملك قدرة تمثيلية ما يجعله قادراً على اعادة المسيحيين الى الحياة السياسية والتحاور مع الطوائف الأخرى تعزيزاً لمبدأ الديموقراطية التوافقية، مصدر الاطمئنان للمواطن الرازح تحت الضغوط الاقتصادية والهواجس الامنية، رئيس قوي وقادر ومتحرر يقدّم مصلحة لبنان على كل المصالح، وغير مضطر في كل حين الى تقديم صك براءة او براءة ذمـة وليست عنده أحقاد او حسابات شخصية».
ثقة ضعيفة
يلخّص سجعان قزّي المشكلة بين بكركي والسياسيين الموارنة بأنّ «الثقة ضعيفة بين البطريرك صفير وأكثرية السياسيين الموارنة. فبكركي لا تثق بأن السياسيين الموارنة قادرون على تخطّي ارتباطاتهم ومصالحهم السياسية لتحقيق خير الوطن والشعب، والسياسيون لا يفهمون أحياناً مواقف بكركي ويظنون بأنها تأخذ دورهم. وحين يلبّون دعواتها فيفعلون ذلك حرصاً على عدم قطع الخيوط مع البطريرك صفير المسموع لدى المحافل الخارجية». ويوضح قزّي في هذا الخصوص: «إنّ بكركي لا تثق بهامة القادة السياسيين وبقدرتهم على مواجهة التحدّيات ووضع مصالحهم الخاصّة والفئوية والحزبية جانباً، كما أنّ عدداً من القادة السياسيين يعتقدون عن حقّ أو عن باطل بأنّ البطريرك الماروني أدّى قسطه أثناء غيابهم في السجن أو في المنفى، وقد حان الوقت ليستعيدوا هم القرار السياسي. ما زاد هذا الالتباس بين بكركي والقادة السياسيين هو أنّ الشعب المسيحي إلى أيّ فئة حزبيّة انتمى يشكّ في آن معاً بقدرة بكركي وبقدرة القادة السياسيين على نقل لبنان والمسيحيين من حالة الحرب ومن الأزمة المصيرية الى السلام والوجود الآمن».

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire