كلمة نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية د. سليم الصايغ في
زحلة (14-12-2008)
من قال أن نصري وسليم لم يعودا بيننا؟ من قال أن الحلم
الذي زرعوه غدا كابوسا؟ وأن الأمل الذي أعطوه أصبح يأسا؟
وأن الوعد الذي قطعوه تلاشى نسيانا؟
إن نصري وسليم هما معنا اليوم، تماما كما أن بيار وأنطوان هما معنا، لأن
رسالتهم هي روح لا تمحى، لأن رسالتهم مكتوبة بالحبر الأسود والحبر الأحمر - بحبر
من نار.
فمرحبا نصري تزيِن الفكر الزحلي وتعبِر عنه وتتغنَى بمدينة
الفرح، عروس البقاع ولبنان، ولأن رسالتهم مكتوبة كذلك بالحبر الأحمر، فكل نقطة من
دماهم قد امتزجت بدماء كل شهيد من شهداء المقاومة اللبنانية، تلك المقاومة التي
صرخت وتصرخ "لبنان، لبنان أولا" ولأن رسالتهم مكتوبة ايضا بحبر من نار،
ينكأ الجراح ليكويها، يحرق الظلمة ليضيئها، يشعل عروش الكفر والظلم والقهر ليحرقها،
ويسيِج مذبح الايمان والحق والعدل، فيكتب كلمة واحدة فقط لا غير: حقيقة.
من قال أن الكتائب قد اندحرت وانحسرت أو تفككت فتلاشت؟
وأن لبنان دخل مجددا "فلكا" خال أنه صدح منه الى غير رجعة؟
هؤلاء لا يعرفون أن يقرأوا لا التاريخ، ولا الجغرافيا،
وهم في جاهلية متحجرة، وفي غربة عن المنطق وفي عزلة عن العقل، يغلبون الأحلام
المسيئة على روح العدل رافعة.ً
ويفضلون الاستنساب على القياس، ويقفزون بكل رشاقة فوق
معايير حقوق الانسان الفردية والجماعية...
نحن نطمئن الغيارى على لبنان، والمجروحين من لبنان والمقهورين
من لبنان ونقول لهم:
ان تاريخنا غير تاريخكم، وهو بأحسن الأحوال على نقيض من
تاريخكم، فكلما كبرتم في التاريخ صغر لبنان، وكلما صغرتم فيه كبر لبنان...فكفى كذبا
لأنه في التاريخ لم تجمعنا لا السياسة ولا الفكر ولا الحلم ولا الرؤيا...فلكل
تاريخه، فلبفخر به على طريقته، وكفى كل واحد منا نشر الآخر.
فلا مانع لدينا، ولكن التاريخ عندها يكتب شريكين
متساويين بكل ندية وصدق وصراحة. فيما أن لا حتمية في التاريخ-الجغرافيا، زمن
الحتميات ولَى، تاريخية كانت، عرقية، إقتصادية، جينية أو جغرافية.
إن استقلال لبنان السياسي قد كان ضد الجغرافيا، وبرغم
الجغرافيا، هذا الاستقلال نهائي، ولا رجوع عنه وكذلك لا رديف له.
نحن في الكتائب، نريد لبنان من أقصاه الى أقصاه لجميع
اللبنانيين، تماما كما أعلن الرئيس بشير الجميل وأكد الرئيس أمين الجميل، لبنان
10452 كلم².
ونحن نريد هذا اللبنان لا كنيسة ولا جامعا، كما كان يقول
الرئيس المؤسس بيار الجميل، نريد لبنان وطنا جامعا لمسيحييه ومسلميه، فيشعر
المسيحي أن كل لبنان له، ويشعر المسلم أن كل لبنان له، ويشعر الإثنان، أنهما سوية،
يمتلكون أكبر من لبنان الوطن، سوية يمتلكان لبنان الرسالة التي هي بحجم الكون.
ونحن نريد لبنان الذي يكون فيه المسيحي في كل قرية، وفي
كل حيَ، مواطنا كريما معززا مطمئنا الى ثقافته والى صيرورته الى أن الدولة هي
دولته.
وتماما نريد أن
يكون فيه المسلم في كل قرية زفي كل حي مواطنا مواطنا كريما معززا مطمئنا الى
ثقافته والى صيرورته الى أن الدولة هي دولته.
هذا هو مشروع الكتائب المشبوه.
ولهذا كان المطلوب ضرب الكتائب، لأنها بكل بساطة حزب
الميثاق الوطني، والميثاق ليست تركيبة فوقية تنتج عن نخبة أسيرة في راشيا الوادي
فقط.
إن الميثاق هو وليد فعل مقاومة شعبية قادتها الكتائب والنجادة
والأمير الإرسلاني في بشامون مجتمعين في ساحات بيروت، ولاقتها المقاومة. إن
الميثاق هو تلاقي حقيقي في ساحة الاستقلال الأولى عام 1943 عندما بدأت حركة الاستقلال
عندها انطلقت شرارة 14 آذار لكي لا تطفأ.
فالكتائب حزب الميثاق وحزب 14 آذار قبل 14 آذار وستبقى حزب 14 آذار بعد 14 آذار.
وهي حزب الكيان، وليس كما يدعون أنها حزب النظام.
إن الكتائب تكون حزب النظام عندما يكون المطلوب إسقاط
النظام لإسقاط الدولة.
ولكنها تجرأ أن تقول كما قالت في الطائف، وكما تقول
اليوم، أن النظام مخطئ، ويجب تطويره، من ضمن النظام، فلا مقدس فوق مقدسات الوطن،
والنظام لخدمة الانسان، وليس العكس. إن النظام اللبناني أصبح عبئا على الإنسان لأن
انحسار منطق الدولة والمؤسسات غدا لصالح الزعماء والاقطاعية برا لتغطية الزبائنية.
فقبل كل شيء، المطلوب نظاما، المطلوب تطبيق النظام
الحالي على سيئاته، وتغيير ما لا يصلح فيه وتكميل ما هو ناقص وتطوير ما هو منتج
وفاعل.
إن مشروع الكتائب المشبوه هو بكل بساطة، مشروع ربط
المواطن بالدولة. وربط المجموعات اللبنانية بثقافتها وربط الطوائف ببعضها. وهو
مشروع لتأسيس دولة بكل ما للكلمة من معنى.
فكل إشراك بالسيادة هو فدرالية، إننا اليوم في نظام فدرالي
في الأمن بين المقاومة الإسلامية والجيش اللبناني.
وإننا اليوم في نظام فدرالي طوائفي، فلكل طائفة شخصيتها
القانونية المستقلة.
وإننا اليوم في
نظام فدرالي جغرافي، بحيث أن الدولة المركزية ممنوعة الحضور والدور في بقاع كثيرة
في لبنان.
وإننا اليوم في نظام فدرالي بما يتعلق بالسياسة
الخارجية، فعندما يتم استقبال زعماء لبنانيين كرؤساء دول، أفليس هذا شرذمة وفدرلة
فوق فدرالية، واعتراف بأن وزارة الخارجية و زارات والحكومة حكومات والسياسة
الخارجية سياسات؟
وكذلك إننا اليوم في نظام فدرالي إقصادي تنموي، فالدول
تطبِق في لبنان اختياريا كما يناسبها لكي تطوِر وتنمي وتعمِر وتحدِث دون موافقة الدولة المركزية؟
إننا اليوم في نظام كونفدرالي يقطِع وحدة لبنان، ويزعزع
الاستقرار ويهدد الأمن والسلم العالميين.
إن مشروع الكتائب هو مشروع إلغاء لكل هذه الفوضى في كيان
الدولة وسوء تطبيق النظام والاستئثار السلطوي في داخل النظام وخارجه.
إن مشروع الكتائب هو مشروع الميثاق قلنا.
والميثاق هو فك ارتباط بين الداخل والخارج. وهذا معنى
الحياد الإيجابي الذي به ننادي.
والميثاق هو لقاء وتفاعل بين الطوائف والثقافات في
لبنان، وكذلك جسر بناء يبدأ من المواطن الى القرية والحضارة الريفية والمدينية،
ليلاقي الوطن، وليس لبناء وطن على اشلاء مواطن، وبقايا قرية وركام حضارة. ولذلك
قلنا بضرورة أ يكون لبنان- رسالة تواصل وحوارا دائما بين مكوناته، أفرادا كانوا أم
جماعات وهذا هو صلب دعوتنا بأن يكون لبنان مركزا للحوار والثقافات.
ومشروع الكتائب هو أن تحمل قضية بناء المواطن اللبناني.
نعم بناء المواطن اللبناني الحُر، ولا حرية كاملة وفاخرة
للمواطن من دون أن تكون له حرية الخيار، في العقيدة والطائفة. وبناء المواطن يكون
في التلاقي حول مفهوم العائلة والحرية الفردية والجماعية.
إن مشروع الكتائب المشبوه إذا هو مشروع الكيان والمحافظة
عليه.
والترجمة العملية لهذه القضية تكون بإيصال أفضل نموذج الى الانتخابات النيابية.
إن الكتائب في الدولة، وفي الحكم هي ضمانة في المؤسسات
وللمؤسسات.
إن الكتائب في الحكم، في المجلس النيابي، هي سد منيع ضد
انحدار لبنان الى تسويات تضرب الكيان، وتأسر الحرية وتلغي معنى وجوده...واسمحوا في
الختام أن أقولها لأهلنا في زحلة: قد قيل في الماضي أن من فتح مدرسة، أقفل سجنا.
ولطالما لقينا مع بيار الجميل المؤسس، أن الكتائب هي مدرسة.
نريد لهذا البيت ككل بيت كتائبي، أن يكون مكانا لتقديس الوطن،
وتنمية الانسان وكفاءته، وموقعا يتعلم فيه الصبيان الرجوالة في المواقف، والفتيات
عن سمو دورهن في المجتمع أدبا و"قصاصا" وإنتاجاً.
نريد لبيت الكتائب أن يكون بيت معرفة، وبيت حرية فكرية
مسؤولة، وبيتا يتعلم فيه الأطفال والكبار تاريخ لبنان الحقيقي، وتنوع ثقافته، وغنى
حاضره، حيث يحلم فيه الشباب مشاريعا لمنطقتهم.
نريد أن يكون لكل عائلة في زحلة علاقة حميمة مع الكتائب،
فيكون في كل بيت في هذه المدينة بيت كتائب، تماما كما حصل في معارك زحلة الكبرى،
حيث حصل تزاوج غير قابل للعزل، بيت الكتائب في لبنان أصبح بيت زحلة، وكل بيت في
زحلة اصبح بيت للكتائب.
المطلوب منكم جميعكم، وعلى رأسكم معالي الوزير، أن
تعيدوا اليوم قبل اليوم وصل ما انقطع، وأن تتعالوا بكبركم، وأن تحملوا في راحاتكم
وعلى أكتافكم قصة كل بيت زحلي. وأن تعرفوا أن قوتكم اليوم بعدم استعمال أي قوة غير قوة القانون.
وإن مناعتكم هي بوحدة مدينة زحلة.
وكونوا على ثقة أن الكتائب تستطيع أن تخترع مع شركائها
التسويات التاريخية لصالح لبنان، لكن الكتائب لن تقبل أن يكون دورها محصورا في
متاريس للدفاع عن اللبنانيين الأحرار، وأن تكون وظيفتها تقديم قرابين الشهادة
للبنان، وهي على كل حال عندما يدق ناقوس الخطرتكون في الطليعة ولا تنتظر تكليفا من
أحد، وإتكالها على إيمانها بهذا الوطن وبصدقها مع الناس ومحبة الناس لها.
إن وجود الكتائب في قلب المعادلة السياسية الزحلية
والوطنية هو الضمانة الأكيدة للثوابت التي ناضلت من أجلها مع كل أحرار هذا الوطن.
إننا ننادي كل الشرفاء والأحرار وكل مؤمن بلبنان وطن
عصري، حرٌ، مستقل، سيد بالفعل، الى التلاقي مع الكتائب في زحلة.
إن الكتائب قوية بكم، غنية برصيد محبتكم، عملاقة بحجم
زحلة سعيد عقل...
__________________
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire